هل يصطدم السودان مع حكومة وليام روتو؟
27 فبراير 2025
لم تتوقف الحكومة السودانية عن إصدار البيانات التي تُدين الحكومة الكينية، على خلفية توقيع مجموعات عسكرية وسياسية، تهيمن عليها قوات الدعم السريع، ميثاقًا في العاصمة نيروبي، يمهّد لتشكيل حكومة موازية. وقد وصلت هذه الإدانات حدَّ التلويح بمنع الخطوط الكينية من استخدام الأجواء السودانية ووقف التبادل التجاري.
يُقلّل خبراء اقتصاديون من تأثير المقاطعة الاقتصادية التي تشمل الشاي الكيني وحظر الأجواء، وفق بيانات رسمية من السودان
وقالت الحكومة السودانية إن استضافة كينيا اجتماعات ومداولات قادة الدعم السريع، وحركة عبد العزيز الحلو، وحركات مسلحة بغرض تكوين حكومة موازية، تهدّد السلم والأمن، وتعدّ سابقة خطيرة لتقسيم بلد أفريقي.
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد بن عمر لـ"الترا سودان" إن الميزان التجاري بين السودان وكينيا لا يصل إلى مرحلة تشكيل ضغط اقتصادي على أي طرف، لأن حجم واردات الشاي إلى السودان لا يتجاوز (59) مليون دولار سنويًا.
وتابع: "الصادرات الكينية إلى دول العالم تبلغ 7.6 مليار دولار، بينما تشكل الصادرات إلى السودان 0%، ولا يمكن الاعتماد عليها لتشكيل ضغط اقتصادي على حكومة وليام روتو".
ويرى بن عمر أن الاستثمارات في استيراد الشاي من كينيا تتم عن طريق رجال أعمال سودانيين لديهم مزارع شاي، وبالتالي فإن الضرر سيقع عليهم أولًا. وكما تجنّبت الحكومة السودانية وقف التعامل التجاري مع الإمارات، فإن هذا الأمر يجب أن ينطبق على كينيا أيضًا.
ومن بين الخيارات المطروحة داخل أروقة الحكومة السودانية، حظر الأجواء أمام الخطوط الكينية ضمن إجراءات أحادية، احتجاجًا على استضافة نيروبي حفل توقيع الميثاق السياسي، الذي بموجبه سيتم تشكيل حكومة موازية غربي البلاد.
حكومة موازية في الأفق؟
تطمح قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية، بالتحالف مع جماعات مسلحة وسياسية، أبرزها الحركة الشعبية بزعامة عبد العزيز الحلو، إلى جانب مسؤولين سابقين في مجلس السيادة الانتقالي، هما الهادي إدريس ومحمد حسن التعايشي.
ومع تطاول أمد الحرب في السودان، تبرز أصوات قوية داخل مجموعة حميدتي تدعو إلى تشكيل حكومة موازية، تتخذ من إقليم دارفور مقرًا لها، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تقسيم البلاد لاحقًا.
ويقول الباحث في العلاقات الدولية عمر عبد الرحمن لـ"الترا سودان" إن تدهور العلاقة بين السودان وكينيا لن يمنع التوجه نحو تكوين حكومة موازية، مشيرًا إلى أن الإجراءات التي لوّحت بها الحكومة السودانية لن تقطع الطريق على هذا المسار. وأضاف: "تصريحات أعضاء مجلس الأمن خلال الجلسة الأخيرة، التي جرت يوم الأربعاء 26 شباط/فبراير 2025، لم تعكس أن هذا التوجه قد يكون محل رفض دولي، خاصة مع وجود مصالح بين قوى إقليمية تسعى لتحويل الميثاق السياسي والحكومة الموازية إلى واقع على الأرض".
وأردف عبد الرحمن: "منع تكوين حكومة موازية يجب أن يكون عبر وقف الحرب، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتنحي الجنرالات من الطرفين عن المشهد السياسي والعسكري، وإفساح المجال أمام السودانيين لاختيار من يمثلهم. وهذا مرهون بوجود قوى مدنية فاعلة، غير قابلة للاختراق الإقليمي".
مواقف متباينة دوليًا وإقليميًا
كانت وزارة الخارجية السودانية قد قالت، في بيان الإثنين، إن الغرض من توقيع الميثاق السياسي هو تكوين حكومة موازية لشراء الأسلحة وتوسيع نطاق الحرب، ونددت باستضافة نيروبي لاجتماعات الاتفاق السياسي.
ويعتقد الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم، في حديث لـ"الترا سودان"، أن التهديد بفرض العقوبات الاقتصادية عبر مقاطعة سلع بلدٍ ما يحدث عادة بين الدول التي لديها تبادل تجاري مرتفع، يصل إلى نصف مليار دولار.
ويقول إبراهيم إن التبادل التجاري بين السودان وكينيا لا يتجاوز مائة مليون دولار سنويًا، في وقت أبرمت فيه حكومة وليام روتو اتفاقًا مع قوى إقليمية للحصول على قرض طويل الأجل، ضمن مصالح مشتركة قد تكون بالنسبة لها أقوى وأكبر.
وأضاف: "حكومة وليام روتو أقدمت على هذه الخطوة بعد الحصول على حماية إقليمية ودولية، ورغم اعتراض منظمات المجتمع المدني على استضافة نيروبي لاجتماعات الحكومة الموازية، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا لن يمنع حدوث الأمر".
ولا يزال الوقت مبكرًا لمعرفة مقر الحكومة الموازية، لكن موقّعي الميثاق السياسي أكدوا خلال حفل التوقيع في نيروبي أن الحكومة ستُعلن من داخل السودان، ومن بينهم إبراهيم الميرغني، أحد أبرز دعاة هذا الخيار.
فيما امتدحت وزارة الخارجية السودانية تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، المحذّرة من تكوين حكومة موازية في السودان، ووصفتها بـ"المسؤولة".
باحث في العلاقات الدولية: العالم يقول شيئًا ويفعل العكس
يقول الخبير في العلاقات الدولية، عمر عبد الرحمن، إن تصريحات قادة الدول والمنظمات الدولية مجرد تعليقات روتينية على واقعٍ لن يشعر بفداحته سوى السودانيون، كما واجهوا حرب 15 نيسان/أبريل 2023 بنزوح (15) مليون شخص دون أي مساعدات مؤثرة.
وأضاف: "تكوين حكومة موازية مع استمرار الحرب يعني توسيع نطاق القتال، وتبادل المعارك بين الجانبين، وتعميق الأزمة، ما قد يحوّلها إلى حرب أهلية، مع صعود خطاب الكراهية".
وتابع: "لا يمكن وقف هذا الخطر إلا بتوحيد الجبهة الداخلية للتصدي لمحاولات تقسيم السودان، وهذا يتطلب تنازلات مؤلمة من جميع الأطراف العسكرية والسياسية لصالح بقاء سودان موحد، يعيش شعبه في سلام مستدام".
الكلمات المفتاحية

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة
يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي
اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر
وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.