قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

أحرز علي قاقرين هدف الفوز في الدقيقة 70 فهتفت الجماهير الهادرة مستلفة هتافًا يخص الرئيس: "أبوكم مين"؟

لكن، كيف فعل قاقرين ذلك؟ يقول الرواة: في مباراة الكأس النهائية على بطولة ما عُرف بالثورة الصحية على نسق مناسبات النظام المايوي "1969-1984"، وبحضور رئيس البلاد جعفر نميري، أحرز علي قاقرين هدف الفوز في الدقيقة 70، فنال الهلال الكأس، وهتفت الجماهير الهادرة داخل الملعب، مستلفة هتافًا يخص الرئيس نميري: "أبوكم مين"؟ وتجيب هادرة: "علي قاقرين"، ما أغضب السيد الرئيس الذي كان يظن أن لقب "أبوه الشعب" يخصه وحده، فحين تصرخ الجماهير متسائلة أبوكم مين؟ يجب أن يكون الرد: نميري! هكذا أطاح الديكتاتور بتجربة الدوري السوداني، وأعلن الرياضة الجماهيرية بتسريح جميع اللاعبين وحل الأندية الكروية، وتجميد التنافس بشكله المعروف، ما دفع النجم علي قاقرين ومجموعة كبيرة من زملائه النابغين في الكرة إلى هجر البلاد والاحتراف في بلاد أخرى.

بصمة قاقرين

في مسيرة الكرة السودانية، ما بعد استقلال البلاد وحتى الآن تعتبر بصمة اللاعب الفذ علي قاقرين هي الأكبر، سواء على مستوى ناديه الهلال أو المنتخب القومي. لكن أكثر ما ميز اللاعب علي قاقرين، الملقب بالرمح الملتهب، مثلما يقول الصحفي الرياضي المختص بالشأن الهلالي، خالد أبو شيبة، لم يحدث أن أضاع قاقرين ضربة جزاء خلال مسيرته الكروية الممتدة لأكثر من 13 عامًا، وهذا أمر نادر ليس في السودان فحسب بل على مستوى العالم، فكل اللاعبين العالميين أضاعوا في لحظات عصيبة ركلات جزاء حاسمة كانت السبب في إبعاد فرقهم عن التنافس أو خسرانهم الكؤوس.

ويضيف أبو شيبة في إفادة خص به "الترا سودان"، إن الراحل علي قاقرين أخبره بنفسه على حرصه في كل مباريات ناديه الهلال على تنفيذ جميع ضربات الجزاء لثقته من إحرازها، ولم يحدث قط أن أضاع واحدة.

وبحسب أبو شيبة أرجع قاقرين ذلك التفوق النادر إلى اتباعه نظامًا معينًا في التدريب، إذ كان يحرص قبل أداء التمارين إلى الحضور مبكرًا إلى الميدان لينفذ منفردًا على أقل تقدير ست ركلات جزاء تدريبية.

يضيف أبو شيبة: هذا رقم قياسي تفوق به علي قاقرين على جميع نجوم العالم، بداية من الملك بيليه ومرورًا بالعظيم مارادونا إلى ميسي الأسطورة، جميعهم أضاعوا ضربات الجزاء، عدا نجمنا الراحل علي قاقرين.

ويرى أبو شيبة أن الإعلام السوداني والسودانيين، ارتكبوا جريمة، إن جاز الوصف، بتقصيرهم في إبراز قدرات هذا النجم الفذ، فعلي قاقرين تعملق على كل نجوم العالم بنجاحه في تسديد كل ركلات الجزاء التي نفذها.

ويقول أبو شيبة إن علي قاقرين لم ينقطع عن فريقه الهلال حتى بعد اشتغاله في العمل الدبلوماسي، وشهدت فترة انتدابه سفيرًا للسودان في دولة الكونغو تعاقد الهلال مع أبرز النجوم الأفارقة الذين رشحهم للفريق، ومنهم المحترفان البارزان انقيدي وزولو.

هداف قياسي

يعد علي قاقرين حتى هذه اللحظة الهداف القياسي للقاءات القمة بين فريقي الهلال والمريخ، إذ أحرز الرمح الملتهب 19 هدفًا خلال المباريات التي جمعت فريقي القمة، كما تميز قاقرين سلوكيًا على جميع لاعبي كرة القدم في السودان، إذ لم ينل طيلة فترة لعبه الكرة كرتًا أحمرَ يخرجه من الملعب لسوء السلوك الرياضي أو لممارسة العنف الزائد بقصد الأذى.

أبو شيبة: حقق علي قاقرين رقمًا قياسيًا تفوق به على جميع نجوم العالم بداية من بيلة ومرورًا ماردونا إلى ميسي

مع صقور الجديان، سجّل قاقرين أهدافًا حاسمة رفعت اسم السودان عاليًا، من بينها أهدافه الشهيرة في كينيا ذهابًا وإيابًا (1-0 في الخرطوم، 2-0 في نيروبي)، وهدفه في تونس، والهدف الأيقوني في شباك مصر الذي ظل محفورًا في الذاكرة.

قاقرين، لم يكن مجرد هدّاف، بل كان مهاجمًا استثنائيًا وصفته الصحف الإفريقية خلال مشاركات السودان في كأس الأمم بأنه "أحد أخطر وأسرع المهاجمين الأفارقة وصولًا إلى الشباك"، وهو ما أكده بأدائه، إذ كان بحق صديقًا دائمًا للمرمى.

صباح اليوم الأربعاء، 21 شباط/فبراير 2025، رحل بالعاصمة المصرية القاهرة، رمح الهلال الملتهب وأسطورة الكرة السودانية، حيدر حسن حاج الصديق، المعروف باسم "علي قاقرين"، عقب صراع مع مرض الكلى.