سياسة

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

6 مارس 2025
قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg
قاعة كنياتا التي استافت قوات الدعم السريع في نيروبي (أرشيفية)
علاء الدين مضوي
علاء الدين مضويصحفي من السودان

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.

السفير عبد المحمود عبد الحليم: "الخطوة الجنجويدية" التي رعتها كينيا تتسع دائرة الرفض لها كل يوم

وأثار توقيع "ميثاق نيروبي" قلق الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، ومجلس الأمن، إذ اعتبرته "تصعيدًا جديدًا" و"خطوة لن تساعد في جلب السلام والأمن إلى السودان".

ووقّعت أحزاب سياسية وجماعات مسلحة وقوات الدعم السريع، الثلاثاء 4 آذار/مارس 2025، في العاصمة الكينية نيروبي، على دستور انتقالي نصَّ ضمن بنوده الأخرى على عَلمانية الدولة.

ونصَّ الدستور الانتقالي على إلغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019 وجميع القوانين والقرارات والمراسيم السابقة، وعلى أن السودان دولة عَلمانية ديمقراطية لا مركزية تقوم على فصل الدين عن الدولة.

رفض الخطوة

وسارعت دول عدة إلى رفض الخطوة، على رأسها مصر والمملكة العربية السُّعُودية، وقطر، والكويت، والأردن، وتركيا، والصومال، وأكدت أنها إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية للسودان قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه، بما فيها الدعوة إلى تشكيل حكومة موازية.

فيمَا لم تعلق الإمارات العربية المتحدة، التي اتُهمت بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة – وهي مزاعم نفتها – حتى الآن.

توسع دائرة الرفض

وتوسعت دائرة الرفض بتحذير مندوب الصين في مجلس الأمن الدولي من أن إعلان بعض الجماعات المسلحة في السودان عن نيتها تشكيل حكومة موازية قد يؤدي إلى تقسيم البلاد، مشددًا على دعم بلاده لسيادة السودان ووحدة أراضيه.

كما أكد مندوب روسيا لدى مجلس الأمن أن بلاده ترى أن الحل الأسرع للأزمة الإنسانية في السودان يكمن في التعاون مع الحكومة المركزية والهيئات التابعة لها.

والأربعاء 5 آذار/ مارس الجاري، انضم المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات، إلى قائمة الدول الرافضة لتكوين حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، وأعرب المؤتمر في "بيان"، عن قلقه الشديد من الخطوات الرامية لتشكيل حكومة موازية، ورحب بخارطة الطريق التي أعلنتها الحكومة السودانية مؤخرًا، وشدد على أهمية التنسيق مع السلطات الشرعية في السودان نحو تحقيق التحول الديمقراطي السلمي.

ترحيب السودان

ورحبت الخارجية السودانية بمواقف الدول الرافضة لتشكيل الحكومة الموازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، وأكدت في "بيان"، أن هذه المواقف توضح مسلك الرئاسة الكينية غير المسؤول، باحتضان ما وصفتها بـ"مليشيا الإبادة الجماعية" وسعيها لشرعنة جرائمها غير المسبوقة، معزولة خارجيًا وداخليًا، ووضعت كينيا في خانة الدولة المارقة على الأعراف الدولية.

ودعت الخارجية أعضاء المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية، خاصة الاتحاد الأفريقي، لإدانة هذا التهديد الخطير للسلم والأمن الإقليمي والعبث بقواعد النظام الدولي الراسخة.

الموقف من الحكومة

حتى اللحظة لم يصدر الاتحاد الأفريقي و"الإيقاد"، بيانًا يرفض فيه تشكيل الحكومة الموازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، وتعد كينيا الدولة الوحيدة التي ترحب بالخطوة التي أقدمت عليها المجموعة التي تريد تشكيل حكومة موازية في مناطق الدعم السريع.

ودافعت الحكومة الكينية عن الخطوة، ونفت انحيازها لقوات الدعم السريع، وقالت في "بيان" "إننا نعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الصراع في السودان"، وأوضحت أن اقتراح قوات الدعم السريع للقيادة في نيروبي يتماشى مع دور كينيا في مفاوضات السلام.

اتهام كينيا

من جهته، هاجم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس، الحكومة الكينية لاستضافتها للحكومة الموازية في مناطق الدعم السريع، وقال إن تبني الرئيس الكيني للحكومة المزعومة للدعم السريع سابقة تمثل انتهاكًا صريحًا لمواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي".

وأوضح أن اعتراف كينيا بالحكومة الموازية توطئة لتفكيك السودان خدمًة لأهداف خارطة الشرق الأوسط الجديد، ضمن مشروع تفكيك القوات المسلحة وتفتيت السودان الذي ترعاه.

تهديد دول

واتفق الخبير الدبلوماسي السفير عبد المحمود عبد الحليم، مع الحارث إدريس فيما ذهب إليه، وقال إن "الخطوة الجنجويدية" التي رعتها كينيا تتسع دائرة الرفض لها كل يوم لأنها تنسف نسفًا بينًا كافة الأسس التي يقوم عليها النظام الدُّوَليّ والإقليمي وأعرافه ومواثيقه وقوانينه".

ويضيف عبد الحليم لـ"الترا سودان": "أهمها وجوب احترام السيادة ووحدة الدول وسلامتها الإقليمية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وإعلان دستور وحكومة موازية لا يهدد السودان فحسب بل فيه تهديد لكل الدول".

التعامل مع الحكومة

فيما يرى مراقبون أن من المحتمل أن يضطر المجتمع الدُّوَليّ لتعالم مع الحكومة الموازية المرتقبة، التي أثارت قلق إقليمي ودولي قبل تشكيلها، كحكومة أمر واقع في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور غربي السودان، بغرض إيصال المساعدات الإنسانية في المناطق خارج سيطرة الجيش السوداني التي تعاني من أزمة غذاء حادة تهدد حياة الملايين.

مفترق طرق

ويقول الخبير العسكري والمحلل السياسي، المقدم عمر أرباب، "لا يمكن الحديث بصورة معممة على الموقف الإقليمي والدولي من تشكيل الحكومة الموازية من خلال البيانات التي أصدرتها بعض الدول".

وأوضح عمر أرباب لـ"الترا سودان"، أن الموقف الرسمي يتم إعلانه بعد تشكيل الحكومة بصورة رسمية، ثم إصدار بيانات رسمية أيضًا".

وتوقع أرباب، أن "يتم رفض الحكومة الموازية، من الدول العربية، فيما ستدعمها بعض الأفريقية، مما يجعل الصراع بشكله الحالي في إطار الصراع العربي الأفريقي، لا سيما بعد انضمام الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو لتشكيل الحكومة".

وتابع: " نحن الآن على مفترق طرق بعد إعلان الحكومة سنتعرف على مدى مقبوليتها".

وقال عمر: "في تقديري أن درجة من درجات الاعتراف مهما كانت بسيطة ومن دول محدودة ستعقد المشهد بصورة أكبر، وتزيد من استمرار الحرب". مضيفًا: "لا أعتقد أن الموقف الرسمي للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ستكون حاسمة في هذا الأمر، وستتعامل معه بذات العقلية التفاوضية التي هي أقرب إلى عقلية "الجوديات"، كما جاء في بيان رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" الثلاثاء 4 مارس الجاري".

اعتراف دُوَليّ

وبدوره قلل أستاذ العلاقات الدولية د. ياسر محمد، من فرص نجاح تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، وقال لـ"الترا سودان": "إذا نجحت الدعم السريع وحلفاؤها في تشكيل أي حكومة لن تكون لديها أي شرعية أو اعتراف من قبل المجتمع الدُّوَليّ والإقليمي، حتى يتسنى لها التعامل كحكومة معترف بها، وبالتالي لن يكون لديها أي قدرة على إصدار عملة أو أي أوراق ثبوتية وثائق سفر أو شهادات رسمية".

وأشار إلى أن "هذه المسائل تأتي من خلال الاعتراف الدُّوَليّ، والاعتراف الدُّوَليّ يتم بالدول والحكومات وهي التي تمثل الدول".

وأضاف: "بأي حال من الأحوال لا يمكن لهذه الفرضية أن تصبح واقعًا، ويتم التعاطي معها بشكل جاد".

وتابع "هناك الكثير من المجتمعات الانفصالية في أفريقيا، سواء أكان في أرض الصومال، أو في الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية "البوليساريو"، كل هذه الجماعات لم تستطع إصدار أي شكل من أشكال الوثائق الرسمية أو العملات".

وأوضح أن المسألة لن تكون منطقية أو قابلة للتنفيذ، والدعم السريع وشركاؤه يهددون بتشكيل حكومة، وهم يعلمون تمامًا إذا فعلوا ذلك ربما تكون النهاية لهم ولكل تصوراتهم المطروحة.

قلل د. ياسر محمد من فرص نجاح تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع

واعتبر ياسر اتجاه الدعم السريع إلى تشكيل حكومة في مناطق سيطرته بأنها مجرد تهديدات وحديث الغرض منها تحريك الساحة السياسية لإخفاء الجرائم والهزائم التي يتلقاها الدعم السريع.

وبات تقسيم السودان إلى حكومتين أمرًا شبه واقع بعد تمسك الدعم السريع والمجموعات المتحالفة مع إعلان حكومة موازية مناطق سيطرته، مما يعمق من أزمة الحل في السودان بسبب الحرب التي اندلعت في 15 نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المواطنين ونزوح 12 مليون شخص ونشر الجوع الحاد والمرض.

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة


البرهان ووليم روتو.jpg

هل يصطدم السودان مع حكومة وليام روتو؟

لم تتوقف الحكومة السودانية عن إصدار البيانات التي تُدين الحكومة الكينية، على خلفية توقيع مجموعات عسكرية وسياسية، تهيمن عليها قوات الدعم السريع، ميثاقًا في العاصمة نيروبي

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert