مقتل جلحة.. عندما يكون أمراء الحرب خارج سيطرة الطرفين
13 فبراير 2025
شيئان جعلا القائد الميداني لقوات الدعم السريع، رحمة الله المهدي "جلحة"، ذائع الصيت خلال الحرب لدى السودانيين، خاصة متابعي شبكات التواصل الاجتماعي. الأول: سهولة نطق اسم "جلحة"، والثاني: لهجته البسيطة في مخاطبة الناس عبر منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "تيك توك"، الأكثر شيوعًا بين عناصر قوات الدعم السريع خلال الدعاية الحربية.
"نحن ناس دواس بس"، عبارة رددها جلحة، كونه أحد أمراء الحرب الذين لم يتوانوا عن اللجوء إلى العنف بين السودان وليبيا
وأكدت روايات متطابقة أن مسيّرة استهدفت مجموعة سيارات، كان من بينها القائد الميداني بقوات الدعم السريع، رحمة الله المهدي، الشهير بـ"جلحة"، يوم الثلاثاء 28 كانون الثاني/يناير 2025. ورجحت المصادر أن العملية نُفِّذت شرق العاصمة الخرطوم.
بمقتل القائد الميداني بقوات الدعم السريع، رحمة الله المهدي "جلحة"، انطوت سيرة جنرال قاد "حركة شجعان كردفان" للتحالف مع حميدتي خلال الحرب منذ نهاية العام 2023 ضد الجيش. كما انطوت مرحلة خطيرة من سيرة هذا الجنرال المنحدر من إقليم كردفان، الذي لازمه الاضطراب الأمني والسياسي والقبلي والاجتماعي لسنوات طويلة تكاد تصل إلى خمسين عامًا.
تنقل جلحة في عدد من جبهات القتال ضد الجيش، شملت الجزيرة والعاصمة الخرطوم، وكان دائم التعريف بنفسه على أنه مقاتل ميداني لا علاقة له بغرف التفاوض والمساومات، قبل أن يلقى مصرعه على تخوم محلية شرق النيل بواسطة مسيّرة تابعة للجيش أثناء صعوده تلة لمراقبة حركة القوات المسلحة، حسب الروايات الأولية.
لم تعلن قوات الدعم السريع الملابسات التي أدت إلى وفاة قائدها الميداني الشهير "جلحة"، واكتفت عناصرها بنشر رسائل النعي على الشبكات الاجتماعية.
ينحدر جلحة من كردفان، وينتمي إلى مجموعة المسيرية التي تنتشر في هذا الإقليم بكثافة. وعلى كل حال، فهو أحد الذين قُتلوا دون أن يصل إلى مرحلة العيش في حياة عادية بلا معارك عسكرية أو عنف قبلي أو تحالف مع قوات الدعم السريع ذات النواة العشائرية. لم يُعرف عنه حياة عادية، ولم يتمكن من الذهاب إلى التعليم، مثل مئات الآلاف من الشبان الذين انخرطوا في حياة القتال لأسباب متعددة، بين غياب الدولة والتنمية، والفقر المدقع، والرغبة في تحقيق الثراء والسلطة بأقرب الطرق.
هل كان جلحة قريبًا من الانشقاق والتحالف مع الجيش، كما فعل أبو عاقلة كيكل؟ الإجابة قد تكون أقرب إلى "نعم" لبعض الأسباب، أبرزها تحالفه مع حميدتي خلال العامين الأخيرين، أي أنه ليس من العناصر الأساسية داخل قوات حميدتي، وثانيًا انحداره من إقليم كردفان، وبالتالي قد لا يكون متحمسًا لطموحات حميدتي بالتوسع في إقليم دارفور وتكوين حكومة مركزها دارفور.
كما اعتاد جلحة على تعريف نفسه بـ"حركة شجعان كردفان"، وكثيرًا ما تحدث عن المظالم التاريخية بشكل عابر، دون أن يمنح فرصة للحلول السلمية، إذ كان دائم الاعتقاد بأن "البندقية بإمكانها حسم كل شيء"، مرددًا عبارته الشهيرة: "نحن ناس دواس بس"، أي: "نحن نقاتل بشراسة".
في منطقة خلوية، يُرجّح أنها محلية شرق النيل، ألقت مسيّرة القنابل على بعض المركبات القتالية خلال وقت الظهيرة، كما أظهر مقطع فيديو من خلال ظلال الأشجار وسطوع الشمس. المسيّرة صوّبت بدقة عالية ورصدت الموقع قبل إطلاق القنابل، ما يعني أنها كانت مسيّرة حديثة.
لم يتأكد مراسل "الترا سودان" مما إذا كان مقطع الفيديو يعكس عملية استهداف القائد الميداني بقوات الدعم السريع "جلحة"، ورغم ذلك، فإن تاريخ نشر المقطع حديث ولم يُتداول قبل 29 كانون الثاني/يناير 2025.
أسس جلحة "حركة شجعان كردفان" في العام 2020، بالتزامن مع تشكيل الحكومة الانتقالية التي أعقبت نظام البشير، في مرحلة حرجة من تاريخ البلاد. في تلك الفترة، توسّعت قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، متخذةً من عتادها والأعداد الهائلة لجنودها قوة ضاربة لفرض السيطرة العسكرية، مدفوعة بطموحات قائدها محمد حمدان دقلو، التي تشبه رحلة جلحة في الوصول إلى هذه المرحلة، مع اختلاف المناطق والدوافع.
لم يكن جلحة، الذي أسس حركته المسلحة "حركة شجعان كردفان"، ذائع الصيت قبل اندلاع الحرب، كونه غادر إلى ليبيا للقتال مع قوات حفتر خلال الاضطرابات العسكرية قبل ثلاثة أعوام. عودته من هناك كانت بإيعاز من حميدتي للتحالف خلال الحرب، فهل بدأ الجنرال دقلو خطط الحرب ضد الجيش منذ العام 2020؟ هذا وارد جدًا.
اعتاد جلحة على السخرية والضحك، حتى وصلت إلى مرحلة السخرية من الولايات المتحدة الأميركية، قبل أيام قليلة من مقتله في غارة جوية استهدفته إلى جانب رتل من المركبات العسكرية شرق العاصمة الخرطوم، حيث قال إن الولايات المتحدة فشلت في إطفاء حرائق كاليفورنيا.
بالنسبة لشخصية لم تحصل على تعليم جيد، أو لم تنشأ في مجتمع تتوفر لديه الخدمات الأساسية، واضعًا نفسه في مناطق اشتهرت بالفقر وشح مياه الشرب وغياب الدولة وانتشار العنف القبلي، لم يكن أمام جلحة مفر للصعود نحو كابينة الدولة سوى باللجوء إلى تأسيس حركة مسلحة، مع الاعتقاد السائد بأن "المركز" والنخب لا يعترفون سوى بالعنف المسلح لتقاسم كعكة السلطة في الخرطوم.
ومع ذلك، فإن موقع جلحة في مرحلة ما بعد الحرب، سواء كان سلميًا أو من خلال الحسم العسكري، قد عجّل برحيله، كونه ينحدر من إقليم لا يجمع بين المركز وإقليم دارفور، ولديه خصوصيته وأزماته التاريخية. وسواء قُتل بتصفية داخلية أو بواسطة مسيّرة الجيش، فإنه لم يكن تحت سيطرة أيٍّ منهما.
الكلمات المفتاحية

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة
يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي
اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر
وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.