سياسة

معركة الفاشر في سياق الحرب السودانية.. مخاوف جدية

27 أبريل 2024
الحرب السودانية.png
عامر صالح
عامر صالحصحفي من السودان

منذ أيام تنطلق التحذيرات من هنا وهناك من الهجوم على مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، والتي تقول تقارير إنها محاصرة من قبل قوات الدعم السريع التي تعمل على تطويق المدينة قبل اجتياحها بالكامل.

تعد الفاشر مركز إقليم دارفور، وهي العاصمة الأخيرة في عواصم ولايات الإقليم التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع

وتعد الفاشر مركز إقليم دارفور، وهي العاصمة الأخيرة في عواصم ولايات الإقليم التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع ذات السطوة في غرب السودان. وتسيطر القوات المسلحة السودانية بالتعاون مع الحركات المسلحة المتحالفة معها على مدينة الفاشر، وعلى رأس هذه الحركات حركة مني أركو مناوي حاكم الإقليم، وحركة جبريل إبراهيم وزير المالية الاتحادي.

قلق بالغ

وأمس الجمعة، عبرت الأمم المتحدة عن "قلق بالغ" حيال هجوم وشيك وتصاعد الصراع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك وسط تقارير تؤكد بأن الدعم السريع تطوق المدينة.

وتحتضن الفاشر معسكرات نزوح ضخمة قائمة منذ حرب الإبادة الجماعية التي انطلقت في العام 2003، كما فاقمت هجمات الدعم السريع على القرى المحيطة بها من الأزمة الإنسانية. وتعاني معسكرات النزوح في مدينة الفاشر من شح في المواد الغذائية والدواء وجميع أساسيات الحياة في ظل الحصار الذي تضربه قوات الدعم السريع على أجزاء كبيرة منها.

وفي منشور على موقع التواصل الاجتماعي (إكس)، اليوم السبت، حذر نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية للسودان، طوبي هارورد، من أي هجوم على الفاشر، قائلًا إنه "سوف تُفقد العديد من الأرواح البريئة وسينتشر الصراع في السودان بشكل خطير إذا تعرضت الفاشر للهجوم"، مطالبًا الأطراف المتحاربة بأن تتراجع عن ما وصفها بـ"الهاوية" قبل فوات الأوان.

ويقيم بمدينة الفاشر حوالي (800) ألف شخص، العديد منهم نازحون بسبب الصراع المحتدم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي تحاول التوغل في المدينة من عدة محاور. كما تُتهم القوات المسلحة بإطلاق البراميل المتفجرة التي تصيب المدنيين. وأشار المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، إلى تقارير تفيد بأن الجيوش المتصارعة شنت هجمات عشوائية باستخدام "قذائف الهاون والصواريخ التي أطلقتها الطائرات المقاتلة على المناطق السكنية".

مخاوف جدية

الهجمات على الفاشر تثير مخاوف جدية من عودة الإقليم وشامل المنطقة إلى مربع الحرب الأهلية في العقد الأول من الألفية، والتي تقول تقارير أممية إنها أودت بحياة (300) ألف مدني، في ظل إبادة جماعية وجرائم حرب ارتكبت بحق الشعوب السودانية في إقليم دارفور، على يد نظام البشير والمليشيات المتحالفة معه.

وتعد قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ عام، وريث تلك المليشيات التي قاتلت بجانب الجيش، والتي عرفت وقتها باسم المصطلح الجدالي "جنجويد". ويزيد تحالف حركات مع الجيش وأخرى مع الدعم السريع من تعقيد المشهد في الإقليم، والذي قد يمتد إلى دول الجوار. وهو ما ذهب إليه النشاط السياسي موسى إدريس، والذي أكد جدية التهديد في الفاشر، لا سيما وسط التحذيرات الأممية والأميركية، مؤكدًا اندلاع الحرب بالفعل في تخوم المدينة.

وكانت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر قد كشفت عن تعرض القرى الواقعة غرب مدينة الفاشر إلى هجمات عنيفة من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، ونشرت مقاطع لازدحام مستشفى الفاشر الجنوبي بمدنيين أصيبوا في الهجمات. كما أشارت إلى المعارك ومعاناة المواطنين في أكثر من سانحة، لا سيما شح المياه ومقومات الحياة مع حركة النزوح الكبيرة.

ويقول موسى إدريس إن تأثير ولاية شمال دارفور يصل للولاية الشمالية ومصر وليببا وتشاد، ويشير إلى أن المعارك القائمة بين الدعم السريع من جهة، والقوات المسلحة والحركات المتحالفة معها من جهة، في الجيلي وغيرها من الجبهات - هذه المعارك -والحديث لإدريس- لها دور "كبير جدًا" في هجوم الدعم السريع على شمال دارفور.

الحرب السودانية

وازدادت حدة الهجمات على الفاشر مع تقدم للجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، في محور الجيلي على حساب قوات الدعم السريع. وكانت بعض الحركات المسلحة قد خرجت من الحياد الذي اتخذته في الفترة الأولى للحرب، وانحازت للقوات المسلحة، مرجعة ذلك لـ"الممارسات المعادية للوطن والمواطن والجرائم ضد الإنسانية بما فيها حق الحياة" التي تُنسب إلى قوات الدعم السريع.

وتسيطر قوات الدعم على أربع عواصم من أصل خمس في إقليم دارفور، ولكن تظل عاصمة شمال دارفور عصية على هجمات الدعم السريع. ويقول موسى إدريس إنه في ظل تراجع الدعم السريع في العاصمة الخرطوم والجزيرة، وعدم سيطرتها على بورتسودان، فإن إقليم دارفور بلا فائدة لهذه القوات دون السيطرة على العاصمة ومركز الثقل السياسي في مدينة الفاشر وولاية شمال دارفور ككل.

كما يشير موسى إدريس إلى أن الهجمات أيضًا تهدف لمنع وصول المساعدات عبر الدبة، مشيرًا إلى وصول شحنة مساعدات من دولة قطر إلى بورتسودان. يذكر أن حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي كان قد أعلن عن عقده اتفاقًا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر عبر الدبة بالولاية الشمالية، ومن هناك إلى بقية مدن ومناطق الإقليم، ولكن قوات الدعم السريع أعلنت عدم اعترافها بأي اتفاق يعقده حاكم الإقليم المتحالف مع الجيش.

أهمية الفاشر

وعلى الرغم من التحذيرات الأممية، فإنه من الواضح أن الأطراف المتصارعة قد حسمت أمرها فيما يتعلق بالمعركة على الفاشر، والتي تشي بأنها ستكون واحدة من أكبر المعارك في إقليم دارفور، وفي الحرب السودانية منذ اندلاعها، وذلك للأهمية السياسية والإستراتيجية لمدينة الفاشر في خارطة الصراع السوداني.

ناشط سياسي: بجانب الحركات المسلحة الناس في دارفور وفي معسكرات النزوح مدربون على حمل السلاح، لذلك سيكون القتال في الفاشر عنيفًا للغاية

يضيف موسى إدريس لـ"الترا سودان": "بجانب الحركات المسلحة، الناس في دارفور وفي معسكرات النزوح مدربون على حمل السلاح، لذلك سيكون القتال في الفاشر عنيفًا للغاية، ومن المهم في حال حدوثه أن لا تقع انتهاكات بحق المدنيين، وأن لا تحدث أعمال النهب والقتل والانفلات الأمني، وممارسة انتهاكات على أساس قبلي، حتى لا ينفجر الوضع في إقليم دارفور".

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert