سياسة

مؤشرات خطيرة.. عودة الاعتقالات التعسفية والقتل خارج نطاق القانون

27 ديسمبر 2020
arre.jpg
محمد حلفاويصحفي سوداني

في آب /أغسطس الماضي، اقتادت قوة عسكرية من الدعم السريع، الشاب محمد أزرق، إلى مركز احتجاز حيث توفي لاحقًا، بالرصاص بحسب ما نقلت وسائل إعلام، وتعتبر هذه الانتهاكات طبقًا للحقوقيين مؤشرات خطيرة على عودة ظاهرة الاعتقالات والاحتجاز الأمني بواسطة القوات العسكرية.

عودة الاختطاف والاعتقالات بواسطة القوات العسكرية ارتداد خطير

وأدى مقتل الشاب بهاء الدين نوري (45) عامًا، والذي أقتيد بواسطة سيارة دون لوحات الأربعاء 16كانون الأول/ديسمبر الجاري، وإعلان وفاته في ظروف غامضة في 21 كانون الأول/ديسمبر الجاري -أدى إلى استياء الرأي العام المحلي، وصعدت مطالب بتحرك سريع للقوى المدنية لمخاطبة الأجهزة العسكرية بالكف عن ممارسة سلطة الاعتقال، والتي تعتبر من صميم أعمال النيابة والشرطة.

اقرأ/ي أيضًا: عام الموت.. أبرز السودانيين الراحلين في 2020

وعبر عضو المرصد السوداني لحقوق الإنسان وعضو التحالف الديمقراطي للمحامين، المحامي نصر الدين يوسف، في حديث لـ"الترا سودان"، عن قلقه من ظاهرة الاعتقالات التي تشنها الأجهزة العسكرية.

ويرى يوسف، أن أوامر القبض تصدرها النيابة وتنفذها الشرطة ولا يمكن للأجهزة العسكرية القبض على الأشخاص إلا في حالة استثنائية مثل مشاهدة مرتكب الجريمة وملاحقته للقبض عليه وتسليمه إلى العدالة.

وتابع: "قانون الإجراءات الجنائية للعام 1991 واضح وصريح جدًا فيما يتعلق بأوامر القبض ووضعها تحت مسؤولية النيابة وتنفيذها بواسطة الشرطة، وملحق أوامر القبض الممنوحة للأجهزة العسكرية تختص بوقائع محدودة مثل منع وقوع جريمة أو ملاحقة الجناة في الشوارع أو أي مكان".

ويعتقد نصر الدين يوسف أن ما أقدمت عليه الدعم السريع باقتياد الشاب بهاء الدين نوري من الكلاكلة جنوب الخرطوم والملابسات التي أدت إلى وفاته؛ جريمة خطيرة، ويجب أن تكف هذه القوات عن الاعتقالات والاحتجازات القسرية، على حد قوله.

وتساءل نصر الدين يوسف: "هل نزعت سلطة الاعتقال من جهاز الأمن لتمنح إلى القوات العسكرية والدعم السريع؟". واستدرك قائلًا: "قطعًا الإجابة لا لكن نحن في حالة غياب المؤسسة العدلية ويجب أن تتقدم هذه المؤسسات سريعًا لإنهاء هذه الإجراءات المخالفة لمفهوم دولة القانون والمواثيق الدولية".

وكان وزير الإعلام فيصل محمد صالح قد صرح السبت أن الشاب بهاء الدين نوري (45) عامًا، قد توفي في مركز تابع للدعم السريع بالخرطوم، فيما لم يصدر أي نفي عن قيادة الدعم السريع حتى الآن. ورغم محاولة "الترا سودان" التواصل مع متحدثها الرسمي، العميد جمال جمعة، عبر الهاتف، لكنه لم يرد على الاتصالات المتكررة بشأن الاتهامات التي صدرت حول انتماء القوة التي اعتقلت بهاء الدين إلى الدعم السريع.

حقوقي: وجود معتقلات خاصة بالدعم السريع يعني استمرار سلطة القمع 

وبموجب الوثيقة الدستورية تعتبر قوات الدعم السريع ضمن المؤسسة العسكرية التي تضم أربع تشكيلات عسكرية وهي الجيش والشرطة وجهاز المخابرات والدعم السريع. ويعتبر إنشاء معتقلات سرية وشن اعتقالات بواسطة القوات العسكرية بحق مدنيين ووفاة شخصين في الفترة بين آب/أغسطس وكانون الأول/ديسمبر الجاري، انتكاسة لأهم مطالب الثورة الشعبية، بحسب نصر الدين يوسف الناشط الحقوقي وعضو المرصد السوداني لحقوق الإنسان.

اقرأ/ي أيضًا: إزالة التمكين تحجز على أصول تابعة لرجل الأعمال معاوية البرير

وكان قائد ثاني قوات الدعم السريع، الفريق عبدالرحيم دقلو، قد صرح في احتفال للجيش شمال الخرطوم مطلع الشهر الجاري، أن قوات الدعم السريع بذلت مجهودات كبيرة لإحداث التغيير وحماية الثورة الشعبية. وهي تصريحات تصدرها هذه القوات مرارًا وتقول إنها انحازت للثورة وساعدت في الإطاحة بالرئيس عمر البشير.

ويشير عمر عثمان الضابط المتقاعد والخبير في شرطة المباحث في حديث لـ"الترا سودان"، إلى أن وفاة الشاب بهاء الدين نوري في مركز تابع للدعم السريع بحسب المعلومات الأولية حدث له ما بعده فيما يتعلق بهذه الإجراءات التي تعد انتهاكات خطيرة.

ويضيف عثمان قائلًا: "مثلما أدى مقتل المعلم أحمد الخير في مركز احتجاز أمني بمدينة خشم قربة إلى منح دفعة قوية للثورة الشعبية في شباط /فبراير 2019، وأجبر النظام البائد على فتح تحقيقات تحت ضغط الرأي العام، فإن وفاة الشاب بهاء الدين بهذه الطريقة أيضا ستفتح الباب واسعًا لإحداث تغيير جذري وإنهاء هذه الممارسات، وإذا لم تتوقف ستكون عواقبها وخيمة على الجهات التي ترتكب هذه الانتهاكات".

وأضاف: "اعتقال القوات العسكرية للأشخاص يسمى في أعراف الشرطة وقوانينها بـ"التدخل في نشاط الغير" لأن أي جهة عدا الشرطة غير مؤهلة فنيًا ولا لوجستيًا في اعتقال الأشخاص، لأنها لا تملك مراكز مهيأة للاحتجاز، وهي غير مدربة على التحريات، إضافة إلى أن أماكنها مجهولة وغير معروفة ولا يمكن لعائلة المعتقل معرفة مكان الاحتجاز".

اقرأ/ي أيضًا: نازحون يحتجون في دارفور مناهضة لقرار سحب قوات "يوناميد"

وتابع: "أمر القبض ينفذ بواسطة الشرطة لأن اقسامها معروفة، ويمكن لعائلة المقبوض أن تحضر إلى القسم وتطمئن عليه، لكن أي اعتقال خارج نطاق الشرطة هو إجراء خطير جدًا يهدد سلامة الأشخاص".

وأردف: "وفاة الشاب بهاء الدين في مركز احتجاز قوة عسكرية غير مختصة بالاعتقالات تعتبر جريمة، لأن بقاءه في هذا المركز واقتياده إليه يعد انتهاكًا، والقانون لا يعفي أي طرف تدخل في اعتقاله واقتياده إلى مركز الاحتجاز، واتوقع خلال ساعات أن تقوم الجهة المتورطة في هذا الحادث بتسليم المتهمين إلى العدالة".

ضابط مباحث متقاعد: الأجهزة العسكرية تقبض على الأشخاص في حالة الطوارئ فقط 

ويوضح عمر عثمان، أن الأجهزة العسكرية تقوم بالقبض على الأشخاص في حالات استثنائية مثل حالات الطوارئ، وحتى هذه الإجراءات تنفذها تحت قيادة الشرطة، حيث ترسل الأجهزة العسكرية كتيبة من الجنود إلى قسم الشرطة لمساعدتها في تنفيذ الطوارئ، ولا يمكنها أن تنفذها بمعزل عن الشرطة.

اقرأ/ي أيضًا

المؤتمر السوداني يطالب بتحقيق العدالة في مقتل نوري

الطاقة تشرع في تكوين مجلس استشاري لكفاءات في النفط

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert