سياسة

قمة إريتريا ومصر والصومال.. احتدام صراع الموانئ والمياه في القرن الأفريقي

11 أكتوبر 2024
Egypt Somalia Eritrea.png
القمة الرئاسية الثلاثية بين الصومال ومصر وإريتريا
محمد حلفاويصحفي سوداني

أصبحت التوترات سمة بارزة في منطقة القرن الأفريقي بين الدول، حيث تتحرك رمال المصالح للوصول إلى الموانئ وخوض "حرب المياه". وتبقى أزمة سد النهضة بين السودان ومصر وإثيوبيا ماثلة للعيان، فيما تبقى أديس أبابا القاسم المشترك.

باحث: السودان أقرب للانضمام إلى تحالف مصر وإريتريا والصومال الفيدرالية

في خطوة صُنّفت على أنها تسبق "وقت العمل على الأرض"، جرت قمة ثلاثية بين رؤساء إريتريا ومصر والصومال في العاصمة أسمرا، الخميس الموافق 10 تشرين الأول/أكتوبر 2024. تركزت القمة على المضي قدمًا في تعزيز مؤسسات الدولة في الصومال الفيدرالية المناوئة لإثيوبيا.

جاءت قمة أسمرا نتيجة تطورات في منطقة القرن الأفريقي عقب اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة مستقلة ذات سيادة، وأبرمت معها مذكرة تفاهم في كانون الأول/يناير 2024 للوصول إلى المرافئ البحرية واستخدامها لأغراض النقل والتجارة والعبور. وقد وقع رئيس الوزراء آبي أحمد المذكرة في العاصمة أديس أبابا، والتزمت بالاعتراف باستقلال هذه المنطقة التي انفصلت أحاديًا عن الصومال. في ذات الوقت، نددت مقديشو بالمذكرة الموقعة بين الجانبين ووصفتها بأنها "غير قانونية".

إثيوبيا لا تمتلك موانئ على أراضيها، واعتمدت لسنوات على موانئ السودان وجيبوتي خلال بعض الفترات. كما لم تفلح مذكرات التفاهم التي أجرتها مع الخرطوم لاستخدام موانئ بورتسودان بسبب توتر العلاقات تارة بين البلدين، وعدم مواكبة الموانئ السودانية للتطورات في البنية التحتية.

تطورات عسكرية

الشهر الماضي، عقب هذه التطورات، أرسلت مصر طائرات عسكرية نقلت نحو ألف جندي مصري بكامل العتاد العسكري إلى الصومال الفيدرالية المناوئة لأديس أبابا، مبررةً ذلك بأنها تسعى إلى تعزيز الحماية لهذا البلد.

التعاون العسكري بين مصر والصومال الفيدرالية كان مفاجئًا، خاصة وأن البلدين لا يتجاوران على الحدود. لكن القاهرة وضعت في عين الاعتبار الصراع بين الصومال وإثيوبيا، خاصة وأن الأخيرة اعترفت بـ"إقليم أعلن استقلاله بشكل أحادي".

البيان الختامي للقمة: المشاورات جرت بين الرؤساء الثلاثة بشكل مكثف بشأن مسائل إقليمية ودولية مهمة

وذكر بيان في ختام القمة التي جرت في أسمرا، الخميس الموافق 10 تشرين الأول/أكتوبر 2024، أن القمة التي جاءت بدعوة من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، جمعت الأخير إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس حسن شيخ محمود رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية. وقال البيان إن المشاورات جرت بين الرؤساء الثلاثة بشكل مكثف بشأن مسائل إقليمية ودولية مهمة.

وأكد الرؤساء الثلاثة على ضرورة الالتزام بالمبادئ والركائز الأساسية للقانون الدولي باعتبارها الأساس الذي لا غنى عنه للاستقرار والتعاون الإقليميين، خاصة الاحترام المطلق لسيادة واستقلال ووحدة أراضي بلدان المنطقة، والتصدي للتدخلات في الشؤون الداخلية لهذه الدول تحت أي ذريعة أو مبرر، وتنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي وخلق مناخ مواتٍ للتنمية المشتركة والمستدامة.

حماية حدود الصومال

اتفق البيان الختامي للرؤساء الثلاثة على تطوير وتعميق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تعزيز إمكانيات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وتمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بكافة صوره، وحماية حدوده البرية والبحرية، وصيانة وحدة أراضيه.

تأتي هذه التطورات مع ارتفاع التوتر بين مصر وإثيوبيا من جهة، وبين الصومال الفيدرالية وإثيوبيا من جهة أخرى، وبين إريتريا وإثيوبيا. وهذا يعني أن أديس أبابا هي المحور الرئيسي بالنسبة للدول الثلاث، حسب مراقبين دبلوماسيين.

يقول الخبير الدبلوماسي عمر عبد الرحمن لـ"الترا سودان" إن القمة التي جرت في أسمرا بين أفورقي والسيسي وشيخ حسن، الرئيس الصومالي، عززت الاتفاق لحماية الصومال وعدم الاعتراف بالمذكرة الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال في كانون الأول/يناير 2024.

خبير دبلوماسي: مصر هي مهندسة التطورات الأخيرة، وغازلت مخاوف إريتريا والصومال الفيدرالية بشأن توترات هذين البلدين مع إثيوبيا

ويعتقد عبد الرحمن أن مصر هي مهندسة التطورات الأخيرة، وغازلت مخاوف إريتريا والصومال الفيدرالية بشأن توترات هذين البلدين مع إثيوبيا، والتي تصل مرحلة القطيعة في بعض الفترات. ويضيف أن مصر تسعى إلى استعادة دورها كنصير استراتيجي للمجتمع الدولي في منطقة القرن الأفريقي بالتحالف مع دول صغيرة تعاني من مشاكل واضطرابات داخلية، مستغلةً تصدع الجبهة الداخلية في إثيوبيا بتمرد مليشيا فانو ضد نظام آبي أحمد.

وتابع: "تحرك مصر يستهدف تضييق الخناق على إثيوبيا بسبب أزمة سد النهضة، وجمعت البلدان التي لديها موقف من حكومة آبي أحمد". وأردف عبد الرحمن: "إثيوبيا أرسلت سفيرها إلى أرض الصومال، متجاوزةً مرحلة الاعتراف بها إلى بناء علاقات دبلوماسية. هذه الخطوة تثير الصومال الفيدرالية بالقلق الشديد، والتي سعت بدورها إلى البحث عن تحالفات إقليمية، ولم تجد أنسب من القاهرة وأسمرا لمساندتها مقابل مصالحها".

ذهبت مصر إلى تأمين علاقتها مع الصومال الفيدرالية بقيادة الشيخ حسن إلى درجة إرسال مدافع وأسلحة ثقيلة إلى الصومال الفيدرالية، حيث استقبل وزير الدفاع الصومالي سفينة تحمل العلم المصري وعلى متنها معدات عسكرية ثقيلة. وعلق وزير الدفاع الصومالي بالتزامن مع وصول السفينة المصرية قائلاً: "لا يمكن فرض الأوامر علينا بعد اليوم؛ نحن من نقرر من هم الأعداء ومن هم الحلفاء".

مجموعة مصالح

أثار توريد مصر للأسلحة الثقيلة إلى الصومال الفيدرالية قلق وزير الخارجية الإثيوبي، الذي أصدر بيانًا في أيلول/سبتمبر الماضي أكد فيه أن هذه التطورات ستؤدي إلى "زعزعة الأمن الهش في الإقليم، وقد ينتهي الأمر بأيدي الإرهابيين".

يوضح الباحث في الشأن الأفريقي عادل أحمد إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان" أن التطورات الأخيرة بين مصر وإريتريا والصومال الفيدرالية، والتي تنطلق من شرعية الدولة المركزية المعترف بها دوليًا، قد تصل إلى مرحلة النزاع المسلح داخل "أرض الصومال" لمنع إثيوبيا من استخدام البحر المطل في هذا البلد غير المعترف به دوليًا.

باحث في الشأن الأفريقي: بالنسبة للرؤساء الثلاثة الذين اجتمعوا في أسمرا، هناك مصالح مشتركة بينهم تتمثل في تضييق الخناق على إثيوبيا

وأضاف: "بالنسبة لإريتريا، فإن لها توتراتها القديمة والمتجددة مع جارتها إثيوبيا. وبالتالي، بالنسبة للرؤساء الثلاثة الذين اجتمعوا في أسمرا، هناك مصالح مشتركة بينهم تتمثل في تضييق الخناق على إثيوبيا والحصول على تنازلات قبل أن تصل الأوضاع إلى مرحلة المواجهات العسكرية، والتي تمثل الخيار الأخير بالنسبة لجميع الأطراف".

ويعتقد إبراهيم أن التطورات بالنسبة لمصر تأتي في سياق "حرب المياه"، مع إصرار إثيوبيا على الملء الأحادي لسد النهضة، كما فعلت قبل أيام قليلة، مستغلةً انشغال السودان بالحرب الداخلية المستمرة منذ (18) شهرًا، وتوقف المفاوضات حول السد بين الدول الثلاث.

ويرى إبراهيم أن السودان هو أقرب الدول للانضمام إلى تحالف مصر وإريتريا والصومال، في ظل استمرار أزمة الفشقة وسد النهضة بينه وبين إثيوبيا. وقد أعلن السودان موقفه من مذكرة التفاهم التي وُقعت بين إثيوبيا و"أرض الصومال" في كانون الأول/يناير 2024، ودعا إلى احترام سيادة هذا البلد.

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert