سياسة

طلاب ووهان..من وراء تحول قضيتهم لأزمة ثم فضيحة؟

4 مارس 2020
thumbs_b_c_771b859cfa8c36d8b4fcee5ad4d5189f.jpg
ظلت أسر الطلاب تتظاهر منذ أواخر كانون الثاني/يناير (الأناضول)
أحمد الشريفكاتب ومترجم من السودان

في الثالث من شباط/فبراير الماضي، أصدر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان توجيهًا لأجهزة الحكومة للإسراع في إجلاء الطلاب السودانيين في مدينة ووهان الصينية، بؤرة فيروس كورونا الجديد. وأكملت  وزارة الصحة تجهيز مبنىً للحجر الصحي مخصص للطلاب وسط الخرطوم، ولقيت الاستعدادات احتفاءً وإشادة من المواطنين والعاملين بالقطاع الصحي، باعتبارها دلالة على تغيير الثورة لطبيعة جهاز الدولة وعلاقتها بالمواطنين.

والسبب وراء قرار الوزير المفاجئ هو تعهد دولة الإمارات بنقل الطلاب، وهو ما أكده عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني

 وكان من المتوقع أن يصل الطلاب خلال النصف الأول من شباط/فبراير. لكن الطلاب لم يعودوا للسودان، بل لم يغادروا الصين إلا مساء أمس الثلاثاء عبر طائرة إماراتية أخذتهم إلى محجر صحي في أبوظبي.

اقرأ/ي أيضًا: شركة إماراتيّة "تخدع" سودانيين لتجنيدهم في ليبيا واليمن

في اليوم التالي لتصريح البرهان أعلن وزير الصحة الاتحادي، أكرم علي التوم، عن إرسال طائرة لإجلاء 200 طالب وطالبة سودانيين من مدينة ووهان الصينية. واتضح لاحقًا أن الأمر سيستغرق بعض الوقت، لإكمال ترتيبات نقل الطلاب، مع غياب الناقل الوطني السوداني "سودان إير". وهي الإجراءات التي كُونت لتذليلها غرفة علميات إجلاء طلاب ووهان، وضمت ممثلين لكل من شركة سودان إير، ووزارة الصحة، وتجمع المهنيين.

أعلن المهندس وليد بابكر الريح، وهو عضو الغرفة أن شركة سودان إير قد أبرمت في 20 شباط/فبراير عقدًا بقيمة 400 ألف دولار مع شركة نقل مصرية خاصة لاستئجار طائرة بطاقمها لإجلاء السودانيين من ووهان الصينية، على أن تتحرك الطائرة من مطار برج العرب بالاسكندرية يوم الاحد الموافق23 شباط/فبراير إلى ووهان، لتعود من هناك بالسودانيين للخرطوم بعد يوم أو يومين.

وأضاف وليد، الذي نشر شهادته على مواقع التواصل الإجتماعي وتناقلتها عدة مواقع إخبارية، أنهم في غرفة عمليات إجلاء الطلاب من ووهان، قد فوجئوا بقرار من السفير عمر بشير مانيس وزير شؤون مجلس الوزراء، يأمر بموجبه وزارة الخارجية أن لا تسلم  عبر السفارة السودانية بالقاهرة أي مبالغ للشركة المصرية التي كانت ستتكفل بنقل الطلاب. والسبب وراء قرار الوزير المفاجئ هو تعهد دولة الإمارات بنقل الطلاب، وهو ما أكده عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، عضو تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير "قحت" الحاكم.

اقرأ/ي أيضًا: قضية تفجير السفارتين والتركة الثقيلة لرعونة النظام البائد   

منذ الثاني والعشرين من شباط/فبراير موعد إلغاء مانيس لإجراءات الإجلاء الوطنية، وظهور أنباء المبادرة الإماراتية، تأجل موعد إخلاء الطلاب عدة مرات، وتصاعدت احتجاجاتهم واحتجاجات أسرهم، كما تعرضت الحكومة لانتقادات بسبب وضع الطلاب تحت رحمة دولة أخرى. بل ذهب البعض إلى أن كل القصة مؤامرة من عسكر الحكومة الانتقالية الموالين للإمارات، من بين هؤلاء كان التجمع المهني للطيران، الذي أعلن أن شركة سودان إير تمتلك طائرة قادرة على نقل الطلاب من الصين للخرطوم.

وبالفعل تداولت وسائل علام إماراتية أمس الثلاثاء خبر بدء عملية ترحيل الطلاب السودانيين، وتم وصف الأمر الأمر بـ"المبادرة الإنسانية الكريمة من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد" وأن ذلك يأتي "ضمن جهود الإمارات لدعم السودان في الفترة الانتقالية الصعبة" بعد أن تعذر على الحكومة السودانية نقل الطلاب.

مانيس ضمن وفد حكومة البشير في الأمم المتحدة (unmultimedia)

فيما لم ترد عن  الوزير عمر مانيس أو مجلس الوزراء أي تصريحات عن عجز الحكومة عن توفير مبلغ الـ 400 ألف دولار لنقل الطلاب. وقد عبر كثير من الناشطين السودانيين عن خيبة أملهم جراء هذا الموقف الحكومي الذي اعتبروه "هزيمة" و"فشل" و"خذلان" للشعب السوداني عامة، وللشباب الذي صنعوا الثورة التي جاءت بالحكومة، واستكثرت عليهم حكومة الثورة 400 ألف دولار على حد تعبيرهم.

ولم تعرف للوزير مانيس أي مواقف معارضة لسياسات نظام البشير، التي ظل يدافع عنها من موقعه بوزارة الخارجية في مختلف المراحل

والوزير عمر مانيس، الذي أوقف تحويل مصاريف إجلاء الطلاب، شخصية يكتنفها الكثير من الغموض، وأثار ترشيحه للحكومة الانتقالية جدلًا نسبة لأنه ظل يعمل في خارجية نظام البشير منذ انقلاب 1989 حتى العام 2013، كما عمل مندوبًا مناوبًا لنظام البشير في الأمم المتحدة في الفترة ما بين 2001 و 2007، وهي الفترة التي كان فيها النظام يواجه تهم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في إقليم دارفور. ولم تعرف عنه أي مواقف معارضة لسياسات نظام البشير، التي ظل يدافع عنها من موقعه بوزارة الخارجية في مختلف المراحل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قضية المدمرة كول وانتصار جديد لحكومة حمدوك

الحزب الشيوعي السوداني في متاهته

 

 

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert