سياسة

شرق السودان.. من يدفع الإقليم إلى صدارة التوترات؟

13 فبراير 2025
شرق السودان.png
شرق السودان
محمد حلفاويصحفي سوداني

يصعد الوضع السياسي في شرق السودان إلى سطح الأحداث بين الحين والآخر، بينما لا يمكن التنبؤ ما سيحدث في هذا الإقليم الذي اتخذته الحكومة المدعومة من الجيش من مدينة بورتسودان عاصمة لها، عقب اندلاع الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023.

يعتقد باحثون في شؤون الإقليم أن قادة الدولة لا يتعاملون بمسؤولية في معالجة القضايا التي تواجه المجتمعات، وتتعمد إجراء التحالفات السياسية لاستدامة سلطتها 

بدأت التوترات السياسية بين الحركات المسلحة وبعض الجماعات المسلحة في الإقليم، عقب تسريبات عن خلافات بين حكومة عبدالفتاح البرهان، والحركات المتحالفة مع الجيش، بسبب المطالبة بإعادة قسمة السلطة، والحصول على مناصب إضافية في "الهيئة الانتقالية".

يضم إقليم شرق السودان ثلاثة ولايات هي البحر الأحمر وعاصمتها بورتسودان، وهي عاصمة الحكومة المدعومة من الجيش، وتطل على ساحل البحر الأحمر حيث الموانئ الرئيسية للبلاد، كما يضم الإقليم ولاية كسلا وعاصمتها مدينة كسلا، وولاية القضارف وعاصمتها مدينة القضارف، وهي تجاور ولاية الجزيرة الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وبين الحين والآخر تهدد هذه القوات باجتياح هذه الولاية الغنية بالموارد الزراعية، وغابات الصمغ العربي.

بالتزامن مع هذه الخلافات التي لم ينفها الطرفان، وألمح بها وزير المالية جبريل إبراهيم، حيث أشار إلى أن النقاشات موجودة مع المسؤولين في مجلس السيادة بقيادة عبدالفتاح البرهان، ومن حق الحركات إعادة تقييم اتفاق جوبا. بالتزامن مع هذه التطورات، أعلنت الجبهة المتحدة للتحرير والعدالة، بقيادة الأمين داؤود، نشر قوات عسكرية لحماية حدود إقليم شرق السودان.

تصاعدت الأحداث السياسية في شرق السودان إلى ذروتها، مع تقاطعات بين الجماعات الأهلية، فمن جهة أخرى يعارض مجلس نظارات البجا، نشر القيادي في جبهة العدالة والتحرير، الأمين داؤود، قوات عسكرية، ويعتقد أن هذه الخطوة قد تقود إلى أعمال عنف بين المكونات الاجتماعية في الإقليم.

في خضم التوترات السياسية، وحرب التصريحات والبيانات، أعلن شباب تيار البجا إغلاق الطرق في شرق السودان، على غرار العملية التي كان قد نفذها ناظر مجلس البجا محمد الأمين ترك، في أيلول/سبتمبر 2021، لمناهضة الحكومة الانتقالية بقيادة عبدالله حمدوك، حيث شلت الاحتجاجات الموانئ الرئيسية والطرق، وعزلتها عن العاصمة الخرطوم وبقية الولايات بشكل كامل.

خطوة ترك التي أغرت الجماعات في الشرق باللجوء إلى مثل هذه التكتيكات الاحتجاجية، أعلن عنها تنظيم أطلق على نفسه شباب البجا الحر، بالإقفال الكامل للطرق، ما لم تغادر الحركات المسلحة الإقليم، في إشارة إلى حركتي مناوي وجبريل إبراهيم، بحيث تدفعان بالقوات المشتركة للقتال إلى جانب الجيش منذ مطلع هذا العام، ومن هذا المنطلق، تحظى الحركتان بدعم سياسي للاستمرار في اتفاق جوبا.

تيار شباب البجا الوليد، والذي لم يعرف له نشاط احتجاجي أو سياسي ظاهر للعيان، خلال الفترة الماضية، لم يحدد توقيت الإقفال، بل وضع الشروط بشكل مفتوح دون سقف زمني، كما أن اللقاء الذي عقده رئيس حركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، مع ناظر مجلس البجا محمد الأمين ترك نهاية الأسبوع الماضي، قلل من خطورة تهديدات الإغلاق للطرق.

في الأثناء، تراجع شيبة ضرار، الذي يضع في بعض الأحيان على أكتافه النياشين والأوسمة، ويطلق عليه أنصاره صفة الفريق شيبة ضرار، تراجع عن خلافاته مع مناوي، وقال إنه سيفسح المجال للوساطة التي انطلقت لرأب الصدع بينهما في تصريحات أدلى بها أمس السبت، خلال مشاركته في احتفال جماهيري بالشرق.

بالمقابل، لا يمكن النظر إلى تهديدات تنظيم الشباب البجاوي الحر، على أنها مجرد تطورات عابرة خاصة في ظل الأنباء الواردة من بورتسودان، عن بداية الإغلاق الفعلي للطرق، إلى حين خروج الحركات المسلحة. ومع ذلك، تحدث مواطنون من بورتسودان حول عدم وجود أي مظاهر لإغلاق الطرق اليوم الأحد.

ويقلل الباحث في قضايا شرق السودان، أبو فاطمة أونور، من تهديدات إغلاق الطرق في الإقليم، ويرى أن الجهة التي نشرت البيان لا وجود لها على الأرض، وهي معارك تدور على الأسافير لأغراض سياسية بحتة، لإلهاء الناس عن القضايا الحقيقية مثل حسم المعارك العسكرية، أو وقف الحرب من خلال المفاوضات.

وأضاف: "حرب التصريحات بين الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم قيادات للشرق باسم المكونات الاجتماعية، الغرض منها هروب قادة الدولة من الالتزامات والمسؤوليات".وتابع أبو فاطمة: "من يتصدرون المشهد في الشرق في الوقت الراهن تحركهم جهات مثل بيادق الشطرنج، ويمكن أن نسميهم بالفاعلين في سوق السياسة".

وكان الأمين السياسي لمجموعة نظارات البجا، سيد علي أبو آمنة، اعترف بالخطأ الذي ارتكبه المجلس عندما وجه أنصاره بإغلاق الطرق والموانئ في شرق السودان، لمناهضة حكومة عبد لله حمدوك، وقال إن المكون العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دلقو "حميدتي"، المتحالفين آنذاك والخصمين اللدودين حاليًا، استخدما مجلس نظارات البجا لأطماعهما المتعلقة بالسلطة وتقويض الحكومة الانتقالية.

تصريحات سيد أبو آمنة، جاءت على خلفية رفض مجلس البجا نشر قوات عسكرية تتبع لحركة الأمين داؤود، الذي يواجه مناهضة منذ ثلاث سنوات، بسبب اتفاق جوبا المتفرع منه مسار الشرق، وترى قيادات أهلية في الإقليم أن الاتفاق يكرس لمجموعات أهلية بعينها على حساب المجموعات الأخرى.

ناشط مدني: ما يحدث قد يؤدي إلى تآكل السودان من الأطراف، كما بدأ التآكل من مركز الدولة بنشوب الحرب في قلب العاصمة الخرطوم

ويعزو مختار الزين الناشط المدني في شرق السودان، التوترات وحرب البيانات في شرق السودان، إلى وجود عوامل رئيسية تقف خلفها، وهي دول الإقليم التي تطمع في موارد البلاد، لأن الشرق يضم الموانئ الرئيسية، وملايين الأفدنة من الأراضي الصالحة للزراعة، وممر مائي على ساحل البحر الأحمر معبر للتجارة الدولية.

وأضاف: "في ذات الوقت، قيادات الدولة لا تتحمل المسؤولية الكاملة، للحفاظ على هذه الموارد، وتستخدم الجماعات الإثنية في الشرق للتحالفات المرحلية، ومن ثم تتحالف مع مجموعات أخرى".

ويرى مختار الزين في حديث لـ"الترا سودان"، أن ما يحدث قد يؤدي إلى تآكل السودان من الأطراف، كما بدأ التآكل من مركز الدولة بنشوب الحرب في قلب العاصمة الخرطوم، ما يعني انتشار الفوضى في عموم أنحاء السودان، ما لم يتحرك المدنيون والسياسيون بمسؤولية كبيرة لممارسة الضغوط على حكومة عبدالفتاح البرهان، للتحلي بالمسؤولية في هذا الوقت الحرج، ووقف الحرب ومعالجة جميع القضايا في مائدة مستديرة تجميع السودانيين.

وتابع: "لم يحدث في تاريخ السودان صعود خطابات الكراهية والانقسام، مثل ما يحدث الآن في ظل صمت قادة الدولة الذين طالما قرروا الجلوس على كابينة السلطة، عليهم أن يتحلوا بالمسؤولية اللازمة  بعدم رمي المواطنين من محرقة الحرب إلى محرقة الحرب الأهلية".

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert