سياسة

سنار تحت دخان الحرب.. محنة متعددة الأركان

9 يوليو 2024
دخان الحرب - سنار.png
عامر صالح
عامر صالحصحفي من السودان

خلال الأسابيع الماضية، سيطرت قوات الدعم السريع على العديد من المناطق في ولاية سنار، كانت أبرزها منطقة جبل موية الاستراتيجية، فضلًا عن عاصمة الولاية، مدينة سنجة، كما هاجمت مدينة سنار نفسها، الأمر الذي أسفر عن حركة نزوح ضخمة من الولاية، في ظل تقارير عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، وأعمال نهب وسلب طالت ممتلكات المواطنين والأسواق الرئيسية في المناطق التي خرجت عن سيطرة القوات المسلحة السودانية.

وتقاتل بجانب القوات المسلحة في ولاية سنار، كتائب المستنفرين ومنسوبو لواء البراء بن مالك، والذين ينسب إليهم استماتة في القتال للدفاع عن مدينة سنار، التي بدورها خلت من معظم السكان الذين فروا رفقة سكان سنجة ومدينة الدندر المتاخمة والقرى المحيطةن سيرًا على الأقدام وعبر المراكب بعد أن "شفشفت" المليشيات واللصوص سياراتهم وهم في طريقهم إلى خارج الولاية.

مواطنون توفوا بسبب النزوح سيرًا على الأقدام، الذي لا يتحمله على وجه الخصوص كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة

وتقول مصادر لـ"الترا سودان" إن بعض هؤلاء النازحين فقدوا أرواحهم جراء انفجار ألغام أرضية زرعتها القوات المسلحة لإيقاف هجمات قوات الدعم السريع، وآخرون -وفق المرصد السناري- توفوا بسبب النزوح سيرًا على الأقدام، الذي لا يتحمله على وجه الخصوص كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

المرصد السناري

المرصد السناري لحقوق الإنسان نشر اليوم تقريرًا مطولًا عن الانتهاكات التي تمكن من رصدها منذ الأول من تموز/يوليو الجاري، حيث أحصى عشرات القتلى والجرحى المدنيين برصاص الدعم السريع، قائلًا إن المواطنين يعيشون ظروفًا إنسانية "كارثية"، ويواجهون "جرائم حرب مكتملة الأركان"، منذ استيلاء قوات الدعم السريع على مدينة سنجة وأجزاء واسعة من المناطق المجاورة لها.

تقرير المرصد أكد توثيق عشرات الجرائم والانتهاكات التي شملت القتل والاستهداف للمدنيين من قبل قوات الدعم السريع بمناطق متفرقة بولاية سنار، وسمى عشرة من القتلى خلال الفترة التي رصدها التقرير.

التحقق أيضًا أكد وقوع عشرات الوفيات نتيجة السير على الأقدام لمسافات طويلة للأشخاص المصابين وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. كما وثق المرصد عشرات الأسماء لوفيات ماتوا غرقًا بالنيل الأزرق أثناء محاولتهم الفرار من مدينتي سنجة وأبو حجار، أغلبهم من النساء والأطفال.

كان شهود عيان ومواطنون قد قالوا لـ"الترا سودان" إن عشرات الآلاف حاولوا الفرار من مدن ولاية سنار ومدينة الدندر عبر جسر السكك الحديدية بالدندر، وهو جسر صغير علقت حوله أعداد ضخمة من المواطنين وهم يحاولون الفرار من هجمات الدعم السريع.

يذكر أن بعض هؤلاء ينزح للمرة الثانية والثالثة وحتى الرابعة، حيث كانت ولاية سنار تستضيف نازحين من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة التي تسيطر الدعم السريع على معظم مناطقها منذ كانون الأول/ديسمبر 2023.

عاصمة ولاية سنار مدينة سنجة، ومحلياتها، الدندر شرقًا والمزموم غربًا وود النيل جنوبًا، ما تزال تحت سيطرة قوات الدعم السريع حتى اللحظة، في ظل انقطاع شبه تام للكهرباء وشبكات الاتصالات، وتوقف للأسواق والمستشفيات و المؤسسات العلاجية والخدمية بالتزامن مع هجمات الدعم السريع الأخيرة.

يضاعف انقطاع شبكات الاتصالات من المخاوف في هذه المناطق، ويفيد محمد أحمد الناشط من ولاية سنار، بأنهم قاموا بإنشاء مجموعات على مواقع التواصل وتطبيقات المراسلة الفورية لإجلاء الناس وتوفير معلومات موثوقة عن الطرق الآمنة. أكد أيضًا أن معظم ناشطي غرف الطوارئ الطوعية غادروا الولاية أو يجهزون للمغادرة نسبة لسوء الأوضاع الإنسانية، فهم إن نجوا من انتهاكات الدعم السريع، لن يسلموا من قبضة الاستخبارات العسكرية التي تلاحق المتطوعين في سنار منذ وقت ليس بالقصير.

وفق المرصد السناري، سجلت الولاية وخاصة مدينة سنجة حالات كبيرة من المفقودين، يزيد عددهم عن (1300) من المدنيين. وبسبب الانقطاع التام للاتصالات والكهرباء، وانعدام الممرات الآمنة للنزوح، لا سيما بعد سيطرة الدعم السريع على أغلب الممرات والطرق الحيوية بالمحليات التي يدور فيها الصراع، يتزايد القلق على هؤلاء، وهو ما ينعكس بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتشارك الناس المنشورات التي تبحث عن ذويهم من العالقين في الولاية، أو من بدأوا رحلة النزوح المحفوفة بالمخاطر.

المرصد السناري في تقريره الذي اطلع عليه "الترا سودان" اليوم، أدان الانتهاكات والجرائم التي طالت المدنيين من قبل قوات الدعم السريع وطيران الجيش بولاية سنار، داعيًا "الأطراف المتحاربة" إلى حماية المدنيين والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، ووقف هذه الانتهاكات، والسماح بشكل عاجل وفوري للمنظمات والمساعدات الإنسانية بالدخول إلى ولاية سنار وعاصمتها سنجة، وفتح المعابر والمسارات الآمنة لإجلاء المدنيين العالقين والفارين جنوبًا وشرقًا وغربًا.

تجمع شباب سنار

تجمع شباب سنار هو الآخر كشف عن مزيد الانتهاكات في قرى الولاية، حيث اقتحمت من وصفها بـ""المليشيات" قرية النورانية والقرى المحيطة بها، ونهبت الأسواق وسيارات المواطنين ومنازلهم، الأمر الذي تسبب بموجة نزوح من تلك القرى نحو منطقة مايرنو.

تجمع شباب سنار: إذا استمر هذا الوضع سيواجه سكان تلك المناطق الموت بسبب الجوع والعطش نسبة لشح المواد الغذائيه وانعدام الأدوية

قال التجمع في بيان له اليوم اطلع عليه "الترا سودان"، إن العديد من القرى ما زالت تواجة بطش المليشيا، منها منطقه دونتاي. كشف التجمع عن أن منسوبي قوات الدعم السريع يقومون بجلد المواطنين ونهبهم وترويعهم، مشيرًا إلى أن مناطق كركوج والدالي والمزموم وأم شوكة وغيرها من المناطق ما تزال تحت حصار مطبق. وأضاف: "إذا استمر هذا الوضع سيواجه سكان تلك المناطق الموت بسبب الجوع والعطش نسبة لشح المواد الغذائيه وانعدام الأدوية"، بحسب تعبيره.

تقول عديد المصادر إن قوات الدعم السريع تنصب الارتكازات في مناطق سيطرتها بالمدن والقرى المحيطة، وتقوم بين الفينة والأخرى بمداهمة القرى، الأمر الذي "زعزع أمن المواطن واستقراره وأدخل الرهبة في قلوبهم"، بحسب تعبير تجمع شباب سنار.

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert