رحيل رئيس نادي القصة السوداني محمد خير عبدالله

توفي اليوم السبت 22 شباط/فبراير 2025 في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، الروائي والقاص ورئيس نادي القصة السوداني، محمد خير عبدالله، بعد عمر حافل في إثراء المشهد السردي في السودان.

أصمعي باشري: كان محمد خير عبدالله كاتبًا جريئًا ومباشرًا ينفذ من خلال إبداعه لنقد الواقع وفضح تشوهاته

أسس محمد خير عبدالله، ضمن كوكبة من كتاب القصة الشباب في بداية الألفية الجديدة، نادي القصة السوداني، واستطاع النادي عبر أنشطته الدورية أن يبرز العديد من الأصوات الجديدة في السرد السوداني، التي أصبحت بعد ذلك ذات بصمة واضحة في الكتابة الروائية والقصصية في السودان.

في إفادة لـ"الترا سودان" عن إسهامات محمد خير عبدالله الأدبية، قال الشاعر والكاتب الأصمعي باشري: "كان الراحل المبدع محمد خير عبدالله كاتبًا جريئًا، ومباشرًا ينفذ من خلال إبداعه لنقد الواقع وفضح تشوهاته مما أكسبه عداوات وسط المثقفين، لكنه كان مؤمنًا برسالته ولا يلتفت أبدًا، كان شعلة من النشاط الثقافي، والكتابي، عشت معه تجربة ثرة بصحيفة القرار، كان يحرر صفحة ساخرة يلونها بتعليقاته الطريفة، ويملك كنزًا من الذكريات وسط الكتاب والصحفيين منذ بداية ثمانينيات القرن المنصرم".

ترأس محمد خير عبدالله، نادي القصة السوداني، وتميزت فترة ترؤسه للنادي بتعدد الأنشطة الثقافية، فإلى جانب المنتدى الأسبوعي للقراءات القصصية والنقدية بمباني اليونسكو في الخرطوم، تمكن النادي من إصدار مجلة "سرديات" الشهرية، وصحيفة أسبوعية باسم "القصة السودانية"، إضافة إلى إصدار سلسلة قصصية بعنوان "أفق جديد"، وثقت نصوصًا قصصية لعدد كبير من كتاب القصة الجدد والقدامى.

إلى جانب كتابة القصة القصيرة، التي كان يوليها جل اهتمامه من حيث الترويج والتدريب ومساعدة الكتاب الشباب، عُرف محمد خير عبدالله، برواياته الساخرة والمختلفة من حيث الموضوعات والأساليب البنائية.

أصدر محمد خير عبدالله مجموعة مهمة من الروايات نذكر منها "لعنة الحنيماب، عرس عبد، هذيان كهل، ليلة قتلني الرئيس، سيرة قذرة"، وفي القصة القصيرة مجموعتي "حنيميات، وهذا أنا"، وآخر أعماله الروائية صدرت أواخر العام الماضي وحملت عنوان "مذكرات شاعر ميت".

وعن الراحل وعلاقته بالكتابة والحياة قال الكاتب والناقد حامد بخيت لـ"الترا سودان": "الروائي محمد خير عبد الله من القلائل الذين فهموا الدنيا، عاش فيها زاهدًا في كل شيء ومحبًا لكل من فيها، أول لقائي به كان في العام 2004 وكنت أجالسه لساعات طوال أمام صحيفة الصحافة ومركز السودان القومي للغات. تعلمت منه الإصرار والمثابرة، ظل يحرضني على الكتابة كلما جلسنا وكان دائمًا ما يردد علي: (أكتب يا حامد، عندك ذاكرة غنية ومليانة صور، لو لقوها ناس تانين كان ملوا الدنيا ضجيج، أكتب لأنه لو داير تغير واقع السودان ده ما بتغير إلا بالكتابة والكتابة اليومية)".

حامد بخيت: الراحل كان يكتب يومًيا على طريقة (الوِرْد) عند المتصوفة في كل يوم ألف كلمة

ويضيف حامد بخيت: "عرفت منه إنه يكتب يومًيا على طريقة (الوِرْد) عند المتصوفة، يقول أنا أكتب كل يوم ألف كلمة، لا يهم إلى ماذا تؤدي، المهم أن أكتبها ثم أنظر فيها بعد حين لأرى ما فيها، فإن كان فيها ما يفيد طورتها وإلا فهي تمرين يومي على الكتابة. كان يكتفي من الزاد بالقليل ولا يعطي المحبة إلا وهي كاملة مبرأة من الرياء".

إلى جانب الكتابة السردية أصدر الراحل كتابًا سيريًا وتوثيقيًا مهمًا عن الشاعر السوداني، أبو ذر الغفاري، الذي اختفى في ظروف غامضة أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، حمل الكتاب عنوان "أيام مع أبي ذر أو حينما كانت الخرطوم في قبضة الأصدقاء".

يفتقد السودان اليوم وكتاب القصة والرواية بشكل خاص كاتبًا مهمًا كان له دور كبير في بروز وصعود الكثير من الأسماء، استطاع بجهده الخاص أن يحول "القص والسرد" كتابة وقراءة، إلى نشاط وفعل يومي يمشي بين الناس.