سياسة

حكومة موالية لحميدتي.. أسئلة المقر والشرعية تلوح في الأفق

17 فبراير 2025
التعايشي والهادي إدريس وحميدتي.jpg
الهادي إدريس والتعايشي من أبرز داعمي الحكومة الموازية (أرشيفية)
محمد حلفاويصحفي سوداني

مع اقتراب إعلان الحكومة الجديدة من العاصمة نيروبي غدًا الثلاثاء 18 شباط/فبراير 2025 على الأرجح، يبقى السؤال قائمًا عما إذا كان هذا التطور سيقود إلى تقسيم البلاد، إلى جانب أسئلة متعلقة بالشرعية والمقر.  

سبق إعلان الحكومة الجديدة الموالية لقوات الدعم السريع انقسام تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية

في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية مساء الأحد 16 شباط/فبراير 2025، قال عضو مجلس السيادة السابق وقائد قوات المجلس الانتقالي، الهادي إدريس، إن الحكومة المرتقبة ستباشر عملها من داخل الخرطوم، وإن تعذر ذلك، فهناك بدائل أخرى.

سبق إعلان الحكومة الجديدة الموالية لقوات الدعم السريع انقسام تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، حيث أنهى الانشقاق التحالف رسميًا إلى جسمين سياسيين مختلفين. وقالت قيادات من الجانبين إن فك الارتباط جاء وديًا، حيث قسمت الحكومة الجديدة الكتلة السياسية، وربما في طريقها لتقسيم البلاد.

يقول الباحث في مجال الديمقراطية والسلام، مجاهد أحمد، لـ"الترا سودان"، تعليقًا على سؤال حول مصير هذه الحكومة التي قد تتخذ من غرب البلاد مقرًا لها: "إن هذا التطور خطير على مستقبل السودان، وقد يقود بمرور الوقت إلى ترسيخ ذهنية الانفصال داخل أروقة المجتمع الإقليمي والدولي، أو إبقاء الوضع على ما هو عليه وفق حكومتين في بورتسودان وإقليم دارفور، والتعامل معهما من الحد الأدنى دون الاعتراف بهما، مع إمكانية استخدامهما لمصالح بعض الدول".

وتابع: "قوات الدعم السريع تقف بشكل علني وراء تكوين الحكومة وإعلانها من نيروبي خلال الساعات القادمة، وهي مثل شخص يخوض عمق المياه بغرض الاختبار، فقط تريد المغامرة، على أن تعتمد على التطورات حول الاعتراف الإقليمي والدولي مستقبلًا".

وأردف: "قد لا تحصل الحكومة المرتقبة على اعتراف إقليمي ودولي فور إعلانها، لكن في ذات الوقت، الأمور في مثل هذه المناسبات تعتمد على عامل الوقت والتحولات الإقليمية والدولية".

من الواضح أن قوات الدعم السريع خططت لتنفيذ هجوم بري واسع النطاق على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، لتكون موقعًا سياسيًا للحكومة الجديدة، وعندما فشلت العملية العسكرية، اضطرت لإعلانها من خارج البلاد، على أن تضع الآمال على عامل الوقت لتنفيذ هجوم جديد على المدينة، وفق مجاهد أحمد.

ومع اقتراب إعلان الحكومة الجديدة، قالت وسائل إعلام إن قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وصل إلى نيروبي الأحد 17 شباط/فبراير 2025.

أما في أروقة الحكومة القائمة في بورتسودان، العاصمة المؤقتة، فلم يعلق قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، على الحكومة المرتقبة غرب البلاد، وقال مخاطبًا فعالية خاصة بوزارة التربية والتعليم في بورتسودان، الأحد 17 شباط/فبراير 2025: "إن القوات المسلحة ستستمر في حربها لإنهاء التمرد في جميع أنحاء البلاد".

نُقلت مقترحات لتكوين مجلس سيادة وحكومة ومجلس تشريعي إلى الحكومة المرتقبة من قبل أعضاء سابقين في الحكومة الانتقالية، أبرزهم محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة الانتقالي 2019-2021، والهادي إدريس، عضو مجلس السيادة 2020-2023.

وإزاء الحصول على شرعية دولية للحكومة المرتقبة، يرى الباحث في الشؤون الدبلوماسية، عمر عبد الرحمن، أن أي حكومة قائمة داخل السودان لم تحصل على الاعتراف الإقليمي والدولي، بما في ذلك الحكومة القائمة في بورتسودان.

وأضاف عبد الرحمن لـ"الترا سودان": "الاتحاد الأفريقي يعلق عضوية السودان منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 بسبب الانقلاب العسكري على الحكومة الانتقالية، ولم تحصل الحكومة التي انتقلت من الخرطوم إلى بورتسودان خلال الحرب على الاعتراف الدولي".

وتابع: "الاتحاد الأفريقي اشترط العودة لمسار الانتقال، أي إلى ما قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، لرفع عضوية السودان عن قائمة التجميد، بالتالي فإن حكومة الدعم السريع قد تكون في ذات الخانة، وربما في موقف أسوأ".

ويقول عمر عبد الرحمن إن تصريحات الهادي إدريس، أحد الداعمين للحكومة الجديدة غرب السودان، حول الحصول على ضمانات من بعض الدول، غير صحيحة ومجرد استهلاك سياسي، لأن الواقع يقول عكس ذلك.

وأردف: "إذا لم يعترف بك العالم، لن يساعدك، وإذا لم يساعدك، لن تحصل على الأموال وتحقيق التنمية، ومع عدم القدرة على توظيف الموارد الوطنية، فإن الحكومة المرتقبة الموالية للدعم السريع لن يسمح لها العالم بوجود منطقة مضطربة بسبب الفقر والنزاعات المسلحة والعرقية".

لم يتطرق مؤيدو الحكومة الجديدة من داخل اللجان المكونة لهذا الغرض إلى الحديث عن مستقبل العملة والبنك المركزي، ضمن الأدوات المطلوبة لأي حكومة، طالما أن الاقتصاد هو الملعب الرئيسي لها.

وعمد البنك المركزي السوداني من مقره في بورتسودان إلى استبدال جزئي للعملة، مع تحجيم التداول في إقليم دارفور بسبب الوضع الأمني، وتوقف البنوك عن العمل قرابة العامين.

ويستخدم مواطنو إقليم دارفور العملة القديمة في التعاملات الشرائية والبيع، وفق إجراءات صدرت من قوات الدعم السريع، السلطة العسكرية المسيطرة على أربع ولايات من جملة خمس ولايات، كما لوّح متعاملون في الأسواق في هذه المدن إلى إمكانية استخدام عملات دول الجوار.

ويعتقد الباحث في الشأن الاستراتيجي، محمد عباس، متحدثًا لـ"الترا سودان"، أن الأطراف المتحمسة إزاء تكوين حكومة تنطلق من غرب السودان أو خارج البلاد، لا تبحث عن الشرعية في الوقت الراهن.

ويضيف قائلًا: "هناك مسائل متعلقة بالاقتصاد، والبحث حول أزمة العملة بالنسبة للحكومة المرتقبة، إلى جانب الحصول على تمثيل ولو ضئيل في الإقليم، أو مخاطبة الدول عبر إيفاد ممثلين باسم الحكومة للحصول على قرارات حظر الطيران".

وأردف: "لا يمكن الجزم بأن الحكومة المرتقبة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع لن تحصل على الاعتراف، والدليل سماح السلطات الكينية بإعلان الحكومة من أراضيها".

ويقول عباس إن الأمور المتعلقة بالعملة والبنك المركزي والنفط، ربما تدفع الأمم المتحدة إلى تكرار النموذج الليبي، عندما تمكنت من جمع الحكومتين في طرابلس وبنغازي حول هذه المسائل.

باحث: النخب السياسية والعسكرية في السودان درجت على التطرف في المواقف حتى تخرج الأمور عن السيطرة

ويرجح عباس أن يتعامل المجتمع الدولي مع الحكومتين في إطار جلبهما إلى طاولة المفاوضات، وهذا وارد، طالما أن الجيش والدعم السريع قد دُعيا إلى محادثات السلام طيلة العامين الماضيين، فإن دعوة كلا الحكومتين للتفاوض على إنهاء الحرب متوقعة بشكل كبير.

ويقول عباس إن النخب السياسية والعسكرية في السودان درجت على التطرف في المواقف حتى تخرج الأمور عن السيطرة، وفي نهاية المطاف ترضخ للضغوط الدولية، ولا يجني الشعب السوداني أي مكاسب.

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert