سياسة

تصعيد في السودان.. "مليونية القصاص العادل" وجدل حول العودة للمفاوضات

2 أغسطس 2019
السودان السودان_4.jpg
ما زالت المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى التغيير تثير جدلًا بين السودانيين (فيسبوك)
مهند هارون موسى
مهند هارون موسىباحث من السودان

تصدر وسم "مليونية القصاص العادل" في السودان أمس الخميس الترند العالمي في تويتر، بالتزامن مع الاحتجاجات الواسعة في البلاد التي تمددت رقعتها في مدن السودان المختلفة، فقد جاءت الدعوة لها كبادرة من تجمع المهنيين السودانيين، أحد أبرز الأجسام المنضوية تحت قوى الحرية والتغيير، مطالبة بالقصاص لشهداء طلاب حادثة الأبيض يوم الاثنين 29 تموز/يوليو الماضي، والتي سقط على إثرها خمسة طلاب ثانوي عزل، إضافًة إلى عشرات الجرحى، كما لاقت الحادثة استنكارًا وتعاطفًا محليًا وعالميًا.  

 صاحب جولة المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى التغيير جدال واسع بين السودانيين، وتبادل الناشطون عددًا من الاستفسارات والأسئلة لا زالت مطروحة حول تلك المحادثات وجدواها

مليونية القصاص والمطالبة بالعدالة

لم تمض أيام قليلة من حادثة الأبيض، إلا وشهدت مدينة امدرمان حادثًة أخرى عندما قتلت قوات الشرطة حسب شهود عيان أربعة محتجين في دار السلام "سوق ليبيا" في ضاحية أم درمان، بعد أن خرج أغلبية أبناء المدينة في "مليونية القصاص العادل" تنديدًا بالعنف والاستخدام المفرط للرصاص الحي في مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان غرب البلاد، وقتل أربعة من الأطفال بواسطة مليشيا الدعم السريع بقيادة نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، كما نادت المليونية بتسليم السلطة للمدنيين، إلا أن المجلس العسكري بدا مصرًا على مزيد من العنف، فقد واجهت قوات الشرطة هذه الاحتجاجات بالرصاص الحي في سوق ليبيا في مدينة أم درمان، مما أسفر عن قتل أربعة مواطنين على الأقل، إضافًة إلى عشرات الجرحى بحسب بيان صادر من لجنة الأطباء المركزية في السودان أمس الخميس الأول من آب/أغسطس.

اقرأ/ي أيضًا: تقرير لجنة التحقيق يفتح الباب أمام مزيد من الاحتمالات الثورية في السودان

في هذا السياق، وتعليقًا على قتل المتظاهرين بأم درمان في مليونية القصاص العادل، رأى تجمع المهنيين السودانيين أحد الأجسام القائدة للحراك، أن هذا المخطط القذر من النظام البائد لافتعال العنف على نطاق واسع بدفع مجموعة لإطلاق الرصاص الحي على المواطنين والقوات النظامية، هو محاولة لجر البلاد لدائرة العنف بغرض قطع الطريق أمام ثورة الشعب من الوصول إلى أهدافها وفق إعلان الحرية والتغيير، كما يذهب عديد من الناشطين السودانيين مع هذا الطرح.

سميت تلك المليونية بالقصاص العادل استنكارًا لنتائج لجنة التحقيق الخاصة بحادثة فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم في الثالث من حزيران/يونيو 2019، والتي قللت من عدد شهداء ومصابي ومفقودي تلك الحادثة، إضافًة إلى إنكارها وجود حالات اغتصاب للمعتصمات في ظل وجود شهود عيان أدلوا بتعرضهم لاغتصابات جماعية من قبل جنود مليشيا الدعم السريع، حيث أفادت إحدى ضحايا الاغتصاب بأن الجنجويد أجبروها على خلع ملابسها تمهيدًا لاغتصابها واحدًا تلو الآخر، حتي أصابها الإغماء ولم تستيقظ إلا وهي في المستشفى، لذلك تم تسمية مليونية القصاص لشهداء الأبيض بالعادلة حتى لا تأتي نتائجها كنتائج تقرير فض الاعتصام، ما يعتبر إهدارًا لدماء الشهداء،وإفلاتًا من العقوبة، وتقويضًا للعدالة وجريمة تستحق العقاب، إلا أنه وقبل المليونية في مساء الأربعاء 31 تمو/يوليو الماضي، أعلنت لجنة التحقيق بشأن حادثة الأبيض بأن إطلاق النار ضد المتظاهرين نفذ من قبل قوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس المجلس الانتقالي حميدتي.

شجب أمريكي وعودة لطاولة المفاوضات

ظلت الحكومة الأمريكية تناشد أطراف الأزمة في السودان منذ بداية الثورة لضبط النفس، وعدم الانزلاق للعنف، وجر البلاد لأتون الحروب الأهلية، والوصول إلى اتفاق لنقل السلطة للمدنيين. أما بعد التطورات الأخيرة، فقد علقت السفارة الأمريكية بالخرطوم الثلاثاء الماضي عن أحداث الأبيض، مبينة في صفحتها في تويتر أن "الأحداث المأساوية التي شهدتها مدينة الأبيض الاثنين تجعل الحاجة لتشكيل حكومة مدنية في السودان أكثر إلحاحًا"، كما أدانت السفارة العنف المفرط تجاه المحتجين السلميين.

اقرأ/ي أيضًا: الانقلاب الفاشل في السودان.. مسرحية حميدتي لإتمام السيطرة؟

وفي هذا الجو المشحون بالغضب والغليان الشعبي، ودعوات متتالية من السودانيين بتقديم مرتكبي تلك الجرائم للعدالة، جلس أمس الخميس الأول من آب/أغسطس طرفا الأزمة في السودان قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي للتفاوض على الوثيقة الدستورية مرة أخرى، وهو ما لاقى استنكارًا من الشارع السوداني تجاه تلك المفاوضات نتيجة لما يقوم به المجلس العسكري من قتل وتقويض للعدالة.

لم تمض أيام قليلة من حادثة الأبيض، إلا وشهدت مدينة امدرمان حادثًة أخرى عندما قتلت قوات الشرطة حسب شهود عيان أربعة محتجين في دار السلام "سوق ليبيا" في ضاحية أم درمان

 وصاحب جولة المفاوضات جدال واسع بين السودانيين، وتبادل الناشطون عددًا من الاستفسارات والأسئلة لا زالت مطروحة حول تلك المفاوضات، فقد رأت مجموعة من المحتجين بأن تجمع قوى الحرية والتغيير يمارس تناقضًا واضحًا بدعوته لمليونية القصاص العادل وجلوسه في مساء نفس اليوم مع المجلس العسكري على طاولة التفاوض، وهو المسؤول مسؤولية مباشرة نع قتل المحتجين، بينما يرى قادة الحرية والتغيير بأن البديل للتفاوض ما هو إلا جر البلاد للعنف والانزلاق الأمني الذي يهدد وحدة البلد واستقرارها وتقويض سيادتها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ليلة السكاكين الطويلة.. سلسلة انقلابات عسكرية تهدد الثورة السودانية

جدال واسع في الشارع السوداني بشأن محادثات أديس أبابا

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert