سياسة

المبادرة التركية بين السودان والإمارات.. هل انطلقت رسميًا؟

13 فبراير 2025
رئيس مجلس السيادة ونائب وزير الخارجية التركي.jpg
رئيس مجلس السيادة ونائب وزير الخارجية التركي (إعلام رسمي)
محمد حلفاويصحفي سوداني

هدأت جبهات القتال في العاصمة الخرطوم والجزيرة يوم السبت 4 كانون الثاني/يناير 2025، ربما مصادفةً أو بترتيب مسبق، بالتزامن مع وصول وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية إلى بورتسودان، العاصمة المؤقتة للحكومة. وأبرز نتائج هذه الزيارة، التي استغرقت يومًا واحدًا، تسليم المبادرة التركية للوساطة بين السودان والإمارات إلى قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بصورة رسمية.

يتولى وزير الخارجية السوداني العمليات التفاوضية، فيما تأمل أنقرة تتويج جهودها بلقاء يجمع بين رئيسي البلدين

فور وصوله، انخرط نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دوران، في سلسلة لقاءات مع وزراء في الحكومة القائمة بمدينة بورتسودان، قبل الإعلان عن وصول ثلاث بواخر محملة بالمساعدات الإنسانية إلى موانئ بورتسودان، ضمن مساندة أنقرة للسودان في الحرب المستمرة منذ 21 شهرًا. وقد تركزت الزيارة في المقام الأول على انتزاع موافقة البرهان لتصميم تفاصيل المبادرة.

توقيت المبادرة

لم يُبدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكثير من الوقت بين محادثته لعبد الفتاح البرهان وبين توقيت إطلاق المبادرة، ربما لتدارك أي أزمة محتملة قد تنشب داخل كابينة السلطة في السودان، لا سيما مع وجود تيار غير متحمس للتفاوض مع الإمارات بشكل مباشر، ويفضل خيار الحسم العسكري ضد قوات الدعم السريع. بينما يخشى التيار الداعم للمبادرة من تصدع الدولة والتفكك جراء تطاول أمد الحرب دون مؤشرات كبيرة على الأرض تدعم الخيار العسكري.

حسب مجريات الأمور، لا يبدو مجلس السيادة الانتقالي متعجلًا إزاء المبادرة التركية، سلبًا أو إيجابًا، إلى حين تكشف التحولات الإقليمية والدولية مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض نهاية هذا الشهر، ومتابعة ما سيفعله الرئيس الأميركي في منطقة الخليج، خاصة وأن حملاته الانتخابية تطرقت إلى جلب الأموال من الخليج وضخ الاستثمارات في الولايات المتحدة لتحسين الاقتصاد تلبيةً للوعود الانتخابية.

التفاصيل لدى البرهان

لا يستبعد محللون دبلوماسيون أن يكون نائب وزير الخارجية التركي قد أبلغ قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بتفاصيل المبادرة التركية، وما إذا كانت ستنحصر في المفاوضات غير المباشرة، أو ستذهب إلى أبعد من ذلك بعقد لقاء على مستوى رؤساء البلدين.

عادةً، لا تفضل الوساطات عقد قمة رئاسية بين البلدين المستهدفين دون المرور بـ"البوابة الخلفية"، بإخماد الحرائق أولًا وحلها توافقيًا، على أن تُتوج بلقاء على مستوى الرؤساء. لذلك، فإن البرهان، حسب إعلام مجلس السيادة، وجه بالبدء الفوري لوزير الخارجية السوداني علي يوسف حول المبادرة التركية. وقد لوحظ خلال الأسبوعين الماضيين حديث الوزير نفسه أكثر من مرة مع وسائل الإعلام التركية والسودانية حول المبادرة، ما يعني أن الملف وُضع بين يديه لتولي الإجراءات الفنية حول الوساطة بالتنسيق مع مجلس السيادة الانتقالي حول المواضيع الخلافية الكبرى.

شروط مسبقة

استبق وزير الخارجية السوداني علي يوسف زيارة نائب وزير الخارجية التركي بالمبادرة، حيث أجرى مقابلة مع وكالة الأناضول التركية نهاية كانون الأول/ديسمبر 2024، وأشار إلى ضرورة دفع الإمارات تعويضات مالية للمواطنين الذين فقدوا ممتلكاتهم أثناء الحرب، وإنهاء تعدد الجيوش ليكون للسودان جيش واحد. وشدد على منع أي مستقبل سياسي أو عسكري لقوات الدعم السريع في مرحلة ما بعد الحرب. وكأن الرجل بعث برسالة مفادها أن وقف الحرب تفاوضيًا ينبغي أن يتضمن مناقشة مصير قوات حميدتي بتسريحها وإنهاء وجودها العسكري مستقبلًا.

روافع المبادرة

لم يكن مفاجئًا بالنسبة للمراقبين الدبلوماسيين قيادة أنقرة لوساطة بين السودان والإمارات، لأن هناك عوامل إيجابية قد تمكنها من تحقيق اختراق ملموس، أبرزها أن أنقرة لديها سجل جيد في الوساطات بين البلدان المضطربة. ويُستدل على ذلك بنجاحها في طي الخلافات بين إثيوبيا والصومال في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ومنع البلدين من الانزلاق إلى المواجهة العسكرية.

تُعد تركيا ضمن الدول التي عملت على هندسة مرحلة ما قبل وبعد نظام الأسد مع الولايات المتحدة الأميركية نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وتسعى لتثبيت أقدامها بين الدول المؤثرة في الشرق الأوسط وأفريقيا. لذلك، وخلال شهرين فقط، تبنت مبادرتين في أفريقيا: الأولى للتوسط بين إثيوبيا والصومال، والثانية بين السودان والإمارات. وبينما نجحت في الأولى، ما تزال تتلمس الطريق نحو الثانية.

تركيا لن تعود دون حل

يبدو أن تركيا لن تعود خالية الوفاض من مبادرتها للوساطة بين السودان والإمارات. ويُعتقد أن أنقرة تعتمد على علاقاتها الاستراتيجية مع كلا البلدين، بدءًا بعلاقة الرئيس رجب طيب أردوغان مع قادة سابقين في النظام السوداني، الذين سُمح لهم بالبقاء في تركيا قبل وأثناء الحرب، واستضافة بلاده محطات تلفزة داعمة للجيش السوداني. أما في أبوظبي، فلدى أنقرة اتفاقيات مهمة مع الدولة الخليجية.

هل تكون المبادرة مدخلًا لإنهاء الحرب في السودان؟ قد تكون الردود التي حصلت عليها تركيا من البلدين، رغم موافقتهما المبدئية، مؤشرًا على وجود تردد

فهل تكون المبادرة مدخلًا لإنهاء الحرب في السودان؟ قد تكون الردود التي حصلت عليها تركيا من البلدين، رغم موافقتهما المبدئية، مؤشرًا على وجود تردد. يبدو أن التقلبات الدبلوماسية ورمال السياسة المتحركة تجعل قادة البلدين يتحسسون الماء قبل دخول النهر.

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert