سياسة

السودان.. للثورة مواقيتها

4 يونيو 2019
sudannnnn.jpeg
كان الإثنين يومًا أسود على السودانيين (أ.ب)
عز الدين التميمي
عز الدين التميميباحث من فلسطين

كان أمس الإثنين، الثالث من حزيران/يونيو الجاري، يومًا طويلًا انقضى على السودانيين، وترك وراءه عشرات القتلى ومئات الجرحى، في مجزرة أراد القائمون عليها في المجلس العسكري، فرض حل قسري للمسار السياسي المتعثر في البلاد، وإعادته إلى المربع الأول، أو ربما إلى ما هو أسوأ، مع امتيازات أكثر يحظى بها محور الثورة المضادة عربيًا.

 اتضحت التفاصيل جميعها، في  الخظ الناظم بين صور حميدتي في السعودية والبرهان في القاهرة، وبين صور عشرات الشباب السودانيين، يغرقون في دماء أراد العسكر من سفكها، قتل الربيع السوداني الجنين

جاء المشهد في البلاد وكأنه يبدو مرتبًا في الأسابيع الماضية. زيارات متتالية لزعماء المجلس العسكري إلى كل من الرياض ومصر، وتنسيق مع السعودية أفصح عن النوايا المكشوفة للانقلاب على نتائج الحراك الشعبي، الذي أسقط السودانيون به عشرات الأعوام من الاستبداد. أما ما ستؤول إليه الأوضاع بعد أيام من ذلك، فقد كانت تجارب عربية سابقة لأنظمة مدعومة من نفس العواصم الناقمة على التغيير، تشي بأن مجرزة دموية تلوح في الأفق السوداني، الذي لا ينفك الدم يشوش وضوحه.

اقرأ/ي أيضًا: المجلس العسكري يفض اعتصام السودان بالقوة.. والشارع يرد بالعصيان الشامل

بدا الوضع في السودان بعد سقوط البشير، وكأنه يسير إلى منحى إصلاحي، تقتنع فيه المعارضة بتغييرات حاسمة وضرورية داخل بنية النظام، ويرضى الجيش خلاله بأدوار محدودة، في فترة انتقالية طال الجدل حول تفاصيلها. وعود وراء أخرى قطعها العسكر في السودان، سواء بالحياد عن العملية السياسية أو بعدم السعي إلى الحكم أو السيطرة على السلطة، جعلت بعض التواقين إلى التغيير في المنطقة، غير المنتبهين إلى تجارب شبيهة عربيًا، على وشك التصديق.

لا يمكن الجزم بأن الجيش كان عازفًا عن الحكم فعلًا، أو زاهدًا بالسلطة، وربما يصعب تصديق ذلك، لكن المتابع لما جرى في السودان يعرف أن ثمة شيئًا تغير خلال الأيام الماضية. كانت مواقف المجلس العسكري على عكس المسار المفترض في هذه النوع من المفاوضات، تصبح معقدة أكثر وأكثر، غير مستعد لتقديم أي تنازلات أو ضمانات للناس أو للمعارضة، وكأنه أدرك فجأة أن في يديه ورقة رابحة جديدة. انتهى الوضع بسبب ذلك إلى أزمة عصية، استقوى بها تجمع المهنيين بالشارع الذي آمن به لكن بشروط. في مقابل ذلك، كان ما يستقوي به رفاق عبد الفتاح وحميدتي جليًا، بعد أن أشارت بوصلتهم إلى الرياض وأبوظبي والقاهرة؛ هناك حيث يجد كل مستبد معارض للتغيير مكانًا.

هكذا بدأت القصة، التي وعد السودانيون أنفسهم وشهداء انتفاضتهم، بأنها لم تنته. اتضحت التفاصيل جميعها، في هذا الخظ الناظم بين صور حميدتي في السعودية والبرهان في القاهرة، وبين صور عشرات الشباب السودانيين، يغرقون في دماء أراد العسكر من سفكها، قتل الربيع السوداني الجنين.

اقرأ/ي أيضًا: حراك السودان ومعركة الحكومة المدنية.. تحولات حاسمة

كان السودانيون المعتصمون في الشوارع وساحات المدن، يعرفون أن لا أحد سينهي هذه المأساة، وأن الانشغال بدور الضحية لن يكون مجديًا أمام نظام بهذا البطش، وعالم يرى مجزرة تلو أخرى دون أن يتحرك. راح التصعيد إلى تصعيد مضاد، وطالبت المعارضة السودانية باحتجاجات أوسع، وبعصيان مدني شامل، ربما نتيجة إدراك متواصل بأن من يقتل أكثر من ثلاثين مدنيًا في ساعات، لن يكون معنيًا بأي تحول ديمقراطي.

انتهى الإثنين الأسود في السودان بمجرزة، لكنه انتهى إلى إيمان أعمق بأهداف الثورة، وربما بطرائق إنجازها. وبدأ في البلاد توقيت جديد، يتمايز به مناصرو التغيير من الواقفين ضده وتصنعه الحناجر الهاتفة للثورة

انتهى الإثنين الأسود في السودان بمجرزة، لكنه انتهى إلى إيمان أعمق بأهداف الثورة، وربما بطرائق إنجازها. وبدأ في البلاد توقيت جديد، يتمايز به مناصرو التغيير من الواقفين ضده وتصنعه الحناجر الهاتفة للثورة. هكذا كان حزن السودانيين على ضحايا المجزرة محكومًا بقواعد المجرم الذي ارتكبها، لكن فرحهم بالعيد لن يكون كذلك، بعد أن أعلن تجمع المهنيين أن هذا العيد سيكون الثلاثاء، لا الأربعاء حسب إعلان المجلس العسكري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشارع السوداني يستكمل انتفاضته بعد بيان الجيش

مليونية الدولة المدنية.. قطار الثورة السودانية يشق طريقه الوعر

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert