الحرب السودانية.. هل حصل الجنود على دفن يليق بهم؟
31 أكتوبر 2023
قال المراسل الحربي روبرت فيسك إن "الحرب لا تتعلق في المقام الأول بالنصر أو الهزيمة، بل تتعلق بالموت وإيقاعه"، والموت هو عنوان الجندي الذي يقاتل في حرب السودان سواء في الجيش أو إلى جانب قوات الدعم السريع.
كانت الأيام الأولى للحرب سيما في العاصمة الخرطوم حافلة بالأحداث التي كانت تنتشر على الشبكات الاجتماعية ثم تراجعت مؤخرًا مع انحسار خدمات الاتصالات
من أمام ساحة خلفية في قاعدة عسكرية تابعة للجيش شمال العاصمة السودانية، تحدث الجندي "م.ع" مع عائلته التي تقيم شرق البلاد عبر الهاتف الذي كان بالكاد يلتقط إشارة شبكة الاتصالات، وذلك قبل أيام قليلة من وفاته متأثرًا بالإصابة بقاذفة صاروخية سقطت قرب القاعدة العسكرية.
نُقل نبأ استشهاده إلى عائلته في غضون يومين، وقبل ذلك كانت أسرته الصغيرة على موعد مع عودة الجندي الذي عمل في صفوف الجيش أكثر من عشرة أعوام، ولكن خبر صغير "توفي (م.ع) صاحب الـ(47) عامًا تاركًا عائلته الكبيرة والصغيرة، حيث دخلت حياتهم في مسار جديد بدأ بالحزن واستعادة الذكريات".
في المنصات الاجتماعية التي تبث أخبار المعارك العسكرية بين الجيش والدعم السريع، انتشر مقطع فيديو لجندي من الجيش يعانق أفراد عائلته حينما مرت الفرقة العسكرية التي يعمل فيها قرب شارع المنزل، وكان المواطنون يصطفون تحية للجنود؛ في حرب السودان عادة لا يجد المدنيون حساسية تذكر في الاقتراب من أفراد الجيش عكس قوات الدعم السريع، حيث يخشى المدنيون من ردة فعلها التي قد تكون إيجابية أثناء حركة الهواتف النقالة التي بحوزة المقاتلين أنفسهم في دعاية حربية تستند عليها هذه القوات، بينما ردة الفعل قد تكون سلبية ما وراء الكاميرا.
كانت الأيام الأولى للحرب سيما في العاصمة الخرطوم حافلة بالأحداث التي كانت تنتشر على الشبكات الاجتماعية، ثم تراجعت مؤخرًا مع انحسار خدمات الاتصالات وبالطبع الإنترنت وخدمة الكهرباء في العديد من أحياء العاصمة التي شهدت المعارك الحربية.
في حي الحماداب جنوب العاصمة الخرطوم حيث بقي آلاف السكان محاصرين تحت نيران الحرب لشهور طويلة، في غرفة صغيرة يقطن شخصان عاشا رعبًا أثناء معارك قاعدة المدرعات بين الجيش والدعم السريع.
كانت الخطوط الحمراء والصفراء تغطي سماء المنطقة ليلًا عندما تشتد المعارك بينما نفذت قوات الدعم السريع نحو (50) موجة عسكرية خلال أسبوعين من القتال. يقول شرف الدين إن "الحرب بمعناها الحقيقي كانت هنا، وتحولت المنطقة إلى كوكب مظلم غير متصل بالعالم الخارجي؛ هذا الإحساس اختبرناه بالكامل".

عندما يحاولون مشاهدة الوضع من وراء النافذة يقابلهم ركام بعض المنازل والمباني العالية والزجاج المتناثر جراء الأصوات العالية للمدافع والتي تهز أرجاء المنطقة - يضيف شرف الدين.
ويقول: "الموت قريب منك، وعندما تسمع أصوات المدافع تحاول أن تتقبل فكرة الرحيل من الحياة. لقد غادرت الحي إلى جنوب العاصمة سيرًا على الأقدام وأنا أنوي السفر خارج البلاد، واليوم وصلت إلى دولة أفريقية".
هل ستعود؟ سؤال كانت إجابته من شرف الدين الذي يعمل في سلك المحاماة: "نعم"، ثم يتساءل ضاحكًا: "ماذا أفعل في ملجأي إن لم أعد؟!".
قال أحد من شاهدوا المعارك الحربية عند أسفل كوبري المك نمر في الأسبوع الأول للحرب، إن الجثث كانت متناثرة في الأرجاء. سألته إن وجدت طريقها إلى المقابر كوداع يليق بجندي آمن بعمله الذي يعرضه لفقدان الحياة. وحتى الآن لا يمكن العثور على الأجوبة: هل حصل الجنود على دفن يليق بهم؟ وهنا لا بد للإشارة إلى أن الجنود من الطرفين يستحقون وداعًا نبيلًا أو دفنًا يليق بحيواتهم ومشاعر عائلاتهم.
في الأسابيع الأولى للحرب أيضًا، لم تجد المنظمات الوطنية والدولية ومن بينها الهلال الأحمر طرقًا آمنة للوصول إلى الجثث في السوق العربي، هذا ما حدثني به أحد العاملين ضمن فرق المنظمة، وقد كان يائسًا إلى حد كبير، والآن ترجل من موقعه؛ ترى هل شعر بالغبن؟
حملت حرب السودان "إيقاعًا سريعًا للموت" بين الجنود والمدنيين، ويمكن الذهاب بالتقديرات إلى أن من فقدوا الأرواح في صفوف الجنود من الجانبين لا يقل عددهم عن (30) ألفًا، وبين صفوف المدنيين لا يقل الرقم عن (15) ألفًا.
الكلمات المفتاحية

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة
يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي
اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر
وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.