سياسة

إسماعيل الأزهري.. ذكرى زعيم الاستقلال الذي مات في سجون الشمولية

26 أغسطس 2022
الزعيم إسماعيل الأزهري.jpg
الزعيم إسماعيل الأزهري
الزين عثمان
الزين عثمان السودان

في 26 آب/ أغسطس 1969 أعلنت الإذاعة السودانية: "اليوم توفي إسماعيل الأزهري، وكان الفقيد معلمًا بالمدارس الثانوية"، من نعته سلطة انقلاب مايو بصفة "المُعلم" يُطلق عليه السودانيون لقب "الزعيم الأزهري". في مثل هذا اليوم وقبل (53) عامًا شيّع السودانيون الرجل الذي رفع راية استقلال بلادهم.

السيرة الذاتية

ولد إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل المفتي بن أحمد الأزهري في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1900 في أم درمان بالسودان، لأسرة علم وقضاء من قبيلة البديرية، أصلها من كردفان، وتُنسب إلى جدها "إسماعيل الولي" الطريقة الإسماعيلية الصوفية.

يُعرف إسماعيل الأزهري بأنه قائد سياسي سوداني كان في صدارة المناضلين من أجل استقلال بلاده عن بريطانيا

درس القرآن في خلوة (كُتّاب) السيد المكي، والتحق بمدرسة "الشبلي" الأولية في أم درمان. وفي عام 1913 دخل المدرسة الأميرية المتوسطة بود مدني.

التحق إسماعيل الأزهري في 1917 بقسم المعلمين في كلية "غوردون" التذكارية (جامعة الخرطوم حاليًا) التي درس فيها الرياضيات وتخرج في عام 1921، ثم أرسل للدراسة بلبنان، فعاد منها في عام 1930 حاملًا درجة البكالوريوس في الرياضيات من الجامعة الأمريكية ببيروت، وكانت رسالة تخرجه عن "الصفر"، كما درس التربية هناك.

الزعيم

يُعرف إسماعيل الأزهري بأنه قائد سياسي سوداني كان في صدارة المناضلين من أجل استقلال بلاده عن بريطانيا، كما كان من دعاة الوحدة مع مصر ثم طالب بالانفصال عنها، ورفع علم استقلال بلاده فلقبه السودانيون بـ"زعيم الاستقلال".

انهمك الأزهري وهو يافع في حقل العمل السياسي الوطني. وكانت أول صلته بالحقل حين اصطحبه جده إسماعيل المفتي مترجمًا للوفد السوداني الزائر للندن في عام 1919 لتهنئة بريطانيا بانتصارها في الحرب العالمية الأولى. كما أنه أسس مع آخرين مؤتمر الخريجين العام، وانتخب أمينًا عامًا له عند تأسيسه في 1938، وأصبح رئيسه في 1943. وسعى إلى أن يكون المؤتمر لسان حال السودانيين وهو ما رفضه الاستعمار وقتها.

https://t.me/ultrasudan

ترأس إسماعيل الأزهري في العام 1947 أول حزب سياسي سوداني عُرف بـ"الأشقاء"، ودعا إلى إعلان حكومة سودانية ديمقراطية تحت التاج المصري، وأدخلته قيادته لمظاهرة مناهضة للجمعية التشريعية -التي عينها المستعمر في 1948- إلى السجن، فقضى فيه شهرًا.

أنشأ الأزهري بعد قيام ثورة تموز/ يوليو المصرية في 1952 الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي كان يرفع شعار الاتحاد مع مصر. وفي عام 1953 جرت انتخابات تشريعية فاز بها حزبه، وأصبح الأزهري نائبًا برلمانيًا. وترأس في العام 1954 أول حكومة وطنية.

رفض الأزهري أن يجلس وفد السودان خلف العلم المصري وأخرج من جيبه منديلًا أبيض وكتب عليه اسم السودان

رافع الراية

ترأس إسماعيل الأزهري وفد السودان إلى مؤتمر باندونغ بإندونيسيا عام 1955، وصرّح بأن السودان سيكون دولة ديمقراطية ومستقلة. يومها رفض الأزهري أن يجلس وفد السودان خلف العلم المصري، وأخرج من جيبه منديلًا أبيض وكتب عليه اسم السودان وجلس والوفد السوداني من خلفه.

وفي 19 كانون الأول/ ديسمبر 1955، أعلن الأزهري من داخل البرلمان استقلال السودان، في موقف بدا مفاجئًا للجميع، خصوصًا وأن الرجل وحزبه كانوا من أنصار شعار الوحدة مع مصر وليس الاستقلال. وفي فاتحة كانون الثاني/ يناير 1956، رفع -مع زعيم المعارضة حينها محمد أحمد المحجوب- علم الاستقلال على سارية البرلمان، وظلت هذه الصورة محفورةً في وجدان كل السودانيين.

رفع علم الاستقلال
لحظات رفع علم استقلال السودان

وعند الاستقلال خاطب الأزهري السودانيين قائلًا: "إذا انتهى بهذا اليوم واجبنا في كفاحنا التحريري فقد بدأ واجبنا في حماية الاستقلال وصيانة الحرية، وبناء نهضتنا الشاملة التي تستهدف خير الأمة ورفعة شأنها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بنسيان الماضي وطرح المخاوف وعدم الثقة، وأن نُقبل على هذا الواجب الجسيم إخوة متعاونين وبنيانًا مرصوصًا يشد بعضه بعضا، وأن نواجه المستقبل كأبناء أمة واحدة متماسكة وقوية".

التجربة السياسية

نشر الأزهري كتابه "الطريق إلى البرلمان"، لكنه فقَد في عام 1958 أغلبيته البرلمانية، حين انشقت مجموعة بقيادة زعيم الطائفة الختمية علي الميرغني عن حزب الأزهري لتكوّن حزب الشعب الديمقراطي برئاسة الميرغني.

رفض الأزهري عرضًا بانقلاب عسكري يعيده إلى السلطة. وفي 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 1959 دخل السودان إلى دوامة الانقلابات العسكرية باستيلاء الفريق إبراهيم عبود على الحكم، وعارضه الأزهري فزج به في السجن.

وبعد ثورة أكتوبر 1964 تمت الإطاحة بالحكم العسكري، وشُكلت حكومة انتقالية، ثم جرت انتخابات تشريعية في العام 1965 فانتخب الأزهري عضوًا في البرلمان، وتولى منصب رئيس مجلس السيادة (رأس الدولة).

وبعد أن نفذ النميري انقلابه في 25 أيار/ مايو 1969، زج بالأزهري في سجن كوبر وسمح له بمغادرته لتلقي العزاء في وفاة شقيقه، وبعد عودته إلى الحبس تدهورت حالته الصحية ونقل إلى مستشفى الخرطوم، حيث توفي في مثل هذا اليوم قبل (53) عامًا مع مطالبات من قيادات الانقلاب ساعتها بدفنه سرًا.

اقترن اسم الأزهري بذكرى استقلال الوطن وبكونه الزعيم الذي مات في سجون بلادٍ كان أحد فرسان استقلالها وحريتها

شيّع آلاف السودانيين الأزهري بمقابر البكري بأم درمان، حيث دفن هناك ولا يزال قبره بطلاء أبيض ومن دون تعريف، وهو المكان الذي يؤمه السودانيون مطلع كل عام ميلادي، ويرددون بالقرب منه نشيد: "أبتاه سلامًا وتحية". ويقصدون مطلع كل عام "بيت الزعيم" -الذي شيّدوه بتبرعاتهم البسيطة- لإحياء ذكرى رئيس يتداولون وثيقة طلبه الاستدانة من أحد معارفه، واقترن اسمه بذكرى استقلال الوطن وبكونه الزعيم الذي مات في سجون بلادٍ كان أحد فرسان استقلالها وحريتها.

الكلمات المفتاحية

oil_sudan.jpg

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة

يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح


قاعة كنياتا التي استضافت اجتماعات قوات الدعم السريع.jpg

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي

اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.


جنود كولومبيون.jpg

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر

وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون


من غلاف كتاب أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.jpg

أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان.. كتاب جديد يرصد وقائع سقوط الإنقاذ

يقفز الكاتب عبد الرحيم عمر محيي الدين في كتابه "أسباب سقوط حكم الإسلاميين في السودان"، إلى رصد المواقف السياسية لقيادات الصف الأول في الحاءات الثلاث: حكومة، وحزب، وحركة

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert