أحداث الخميس.. ما الذي جرى؟
21 فبراير 2020
الترا سودان - فريق التحرير
حتى منتصف نهار الخميس لم يكن يبدو أن الدعوات غير الرسمية التي أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ستلاقي أي نجاح يذكر، لعدة عوامل أهمها عدم تبني قوى إعلان الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين لها، والانقسام في صفوف النشطاء بخصوصها، ذلك الانقسام الذي ظهر بعد البيان التوضيحي من القوات المسلحة، بخصوص الملازم أول "محمد صديق"، الذي صدر مساء الأربعاء، حيث جاء في البيان أن الملازم تعرض للفصل لأسباب مهنية متعلقة بمخالفات ارتكبها ودونت فيها بلاغات ضده في الشرطة.
تحرك الموكب بدافع الوفاء للضباط الذين انحازوا للثورة، ولكن أيضًا بدافع الخوف من انقلاب عسكري يمهد له العسكريون مقدمته معاقبة من أبدوا تململهم من بطء عملية هيكلة الجيش
لكن بعد أقل من ساعة تزايدت أعداد المتظاهرين بصورة كبيرة وسط الخرطوم، في المواكب التي أعلنوا عنها باسم إعادة هيكلة الجيش وإعادة الضباط المفصولين، وكان شعار الموكب هو رد الجميل لـ"شرفاء" القوات المسلحة. تحرك الموكب بدافع الوفاء للضباط الذين انحازوا للثورة، ولكن أيضًا بدافع الخوف من انقلاب عسكري يمهد له العسكريون مقدمته معاقبة من أبدوا تململهم من بطء عملية هيكلة الجيش. في تعبير واضح عن عدم الثقة في القوات المسلحة رغم أنها أصدرت على غير العادة بيانات توضيحية بخصوص فصل الضابط محمد صديق.
اقرأ/ي أيضًا: تداعيات فصل ضباط الثورة.. محمد صديق باقٍ بالخدمة
يمكن وصف ما حصل في الخرطوم وعدة مدن سودانية أخرى أبرزها القضارف وعطبرة وكوستي أنه صراع إرادات متناقضة، بين شباب الثورة القلقين من تحركات العسكر، والمدفوعين بالغضب والتضامن مع الضباط الذين حموهم أمام القيادة، وبين المؤسسة العسكرية التي لا تريد أن تفتح بابًا للتنازلات والضغوط، خاصة بعد إعلان الفريق أول "شمس الدين الكباشي" تراجعهم عن إحالة "محمد صديق" للمعاش. اتخذ الشباب أسلوب التظاهر والهتافات المعادية للعسكر وقيادة الحيش، بالإضافة لقطع الطرقات وتبادل العنف مع الشرطة لفرض إرادتهم، بينما اختار العسكريون أسلوبهم المفضل وهو التمادي في القمع المفرط.

لكن بنهاية اليوم برزت عدة تساؤلات عن وجود إرادة أخرى متداخلة بين الإرادتين المتصارعتين وسط الخرطوم، ظهرت مع تبني أفراد معروفين بانتمائهم للنظام المباد للمظاهرة، وبثهم فيديوهات حية بثتها نفس الصفحات التي كانت تنقل تفاصيل تمرد هيئة العمليات. ليزداد المشهد تعقيدًا وغموضًا. ووسط كل ذلك غابت القوى المدنية المكونة للحكومة والحكَومة نفسها غيابًا ملحوظًا، جلب لها الكثير من الانتقادات من المتظاهرين أنفسهم الذين هتف بعضهم بسقوط الحكومة نفسها.
كان استخدام الشرطة للقوة ضد المتظاهرين مفرطًا جدًا، ونجمت عنه حالات اختناق وإغماء وسط المتظاهرين، حتى أصدرت لجنة أطباء السودان المركزية بيانًا أعلنت فيه وقوع (18) إصابة، إحداها بالرصاص، واثنتين بالرصاص المطاطي مع إصابات أخرى متفرقة بقنابل الغاز. وتداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للمصابين ولرجال الشرطة وهم يطلقون قنابل الصوت والدخان والرصاص الحي في الهواء. ما أثار المزيد من السخط.

اقرأ/ي أيضًا: الجيش يطرد "بطل الثورة" من الخدمة
أصدر تجمع المهنيين السودانيين الذي لم يتبن الدعوة لمواكب الخميس بيانًا ندد فيه بعنف القوى الأمنية واعتبره سقوطًا مدويًا وجريمة يحب محاسبة المتسببين فيها، وطالب التجمع بإقالة وزير الداخلية ومسؤولين في الشرطة وشرطة ولاية الخرطوم مع فتح تحقيق شامل في الموضوع.

وكان وزير الصحة الاتحادي أكرم علي التوم أول مسؤول حكومي يظهر على خلفية الأحداث وهو يزور المصابين في مستشفى "فضيل" وسط الخرطوم. بينما لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة إلا في وقت متأخر من الليل، حيث عقد وزير الثقافة والإعلام "فيصل محمد صالح" مؤتمرًا صحفيًا أعلن فيه رفض الحكومة استخدام العنف ضد المتظاهرين وأشار فيه إلى أياد خفية استغلت سلمية المواكب لأغراضها الخاصة.

انتشرت مساء الخميس أخبار وصور لشاب قيل إنه توفي متأثرا بإصابة في الرأس بمستشفى الشعب، اتضح لاحقًا عدم صحة الخبر والصورة، وكذلك انتشرت صور لشرطيين أصيبوا إصابات متفرقة في الوجه والرأس وأظهرت الصور لحظة تلقيهم العلاج، دون أن يكون مؤكدًا أنهم أصيبوا في أحداث الأمس أم أنها صور قديمة.
النائب العام طلب كل البلاغات المتعلقة بأحداث الخميس 20/2/2020 في مواجهة المتظاهرين السلميين لإصدار التوجيهات التي تحفظ حق التظاهر السلمي وبسط سيادة حكم القانون
وأصدرت النيابة العامة الجمعة بيانًا رفضت فيه استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، وقال البيان "إن النيابة العامة والتزامًا بواجباتها الدستورية لن تترك ما حدث في 20/2/2020 يمر دون تحقيق"، وأضاف البيان أن النائب العام وجه باتخاذ الإجراءات اللازمة وفقًا للقانون، ودعت النيابة المواطنين الالتزام بمبدأ التظاهر السلمي وسلامة المواطن والوطن.
وزاد البيان: "إن النائب العام طلب كل البلاغات المتعلقة بأحداث الخميس 20/2/2020 في مواجهة المتظاهرين السلميين لإصدار التوجيهات التي تحفظ حق التظاهر السلمي وبسط سيادة حكم القانون".
اقرأ/ي أيضًا:
صهيب قسم الباري.. أرفض مشاركة فيلمي في مهرجانات تحت رعاية الاحتلال الإسرائيلي
الكلمات المفتاحية

جنوب السودان.. مأزق قطرة النفط وصراع السلطة الحاكمة
يقول باحث سياسي إن السودان، أحد ضامني اتفاق السلام في جنوب السودان، لم يعد قادرًا على لعب دور جديد؛ لأنه غارق في صراع مسلح

الحكومة الموازية.. توسع دائرة الرفض الإقليمي والدولي
اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تنوي قوات الدعم السريع، إعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وعد الأمر بأنه نواة لتقسيم السودان، فيمَا وقفت دول أخرى موقف الحياد.

صحيفة كولومبية تروي تفاصيل رحلات المرتزقة من أبوظبي إلى الفاشر
وصف جنود كولومبيون كانوا يشاركون كمرتزقة في حرب السودان، في صفوف الدعم السريع، النزاع الدائر بالجحيم الممتلئ بالطائرات المسيّرة وقذائف الهاون

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.