اقتصاد

قطوعات الكهرباء.. تصريحات حكومية وردية وصورة قاتمة يرسمها الخبراء

14 مارس 2020
photo6010290991535338022.jpg
صورة متداولة لطلاب سوادنيين يدرسون تحت عمود إنارة في الشارع (فيسبوك)
محمد حلفاويصحفي سوداني

يبدو وضع الإمداد الكهربائي في السودان متأرجحًا بين الآمال التي يبعثها مسؤولو وزارة الطاقة بإنهاء أزمة القطوعات نهاية الشهر الجاري، وبين تشاؤم خبراء الطاقة الذين يشككون في هذه التصريحات ويعتبرونها "التقاطًا للأنفاس".

وداعة: وزارة الطاقة لن تتمكن من الوفاء بوعودها بتوفير الإمداد خلال شهر رمضان إذا لم تحصل على وقود كاف، وتنهي صيانة المحطات الحرارية

في الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الطاقة في بيان صحفي أن الإمداد الكهربائي يواجه عجزًا بواقع ألف ميغا واط بعد أن نقص الإنتاج اليومي من 1900 ميغا واط إلى 100 ميغا واط، فيما يحتاج السودان إلى 2900 ميغا واط لتغطية الاستهلاك في القطاعين السكني والصناعي.

اقرأ/ي أيضًا: مضاربون يشعلون أسعار الإسمنت باستغلال أزمة الكهرباء والوقود

ورسم المتخصص في قضايا الطاقة محمد وداعة صورة قاتمة لوضع الإمداد الكهربائي في السودان محذرًا من أن القطوعات لن تنتهي قريبًا، ومضى إلى أبعد من ذلك، قائلًا إن "وزارة الطاقة لن تتمكن من الوفاء بوعودها بتوفير الإمداد خلال شهر رمضان إذا لم تحصل على وقود كاف، وتنهي صيانة المحطات الحرارية وهو ما يحتاج إلى المال لتأمين الوقود وشراء قطع الغيار".

وتنفذ الشركة القابضة للكهرباء برمجة قطوعات يومية تستمر ثماني ساعات في القطاع السكني فيما تتجاوز القطوعات في القطاع الصناعي تلك المدة، ما أدى إلى مضاعفة تكلفة الإنتاجوتشكو المراكز التجارية والقطاعات العقارية في الخرطوم والولايات من أن أزمة الوقود عمقت من أزمة قطوعات الكهرباء، لجهة صعوبة الحصول على الجازولين لتشغيل المولدات الخاصة بالمباني، بسبب الطوابير الطويلة بالمحطات ما يعني أن الأزمة مركبة.

لكن المتخصص في قضايا الطاقة إيهاب محمد علي صرح لـ"لترا سودان"، أن العمال والوحدات الهندسية تمكنوا نهاية الأسبوع من صيانة محطة بحري بالخرطوم بحري متوقعًا استئنافها للإنتاج فور وصول شحنات الوقود. ويعتقد علي أن "القطوعات ستنخفض بالتدرج وربما لن تحل الأزمة جذريًا، لكن القطوعات الحالية مزعجة لأنها يومية، لكن يمكن تقليص العجز إلى 400 ميغا واط يوميًا، ما يؤشر أن الأزمة في طريقها للحل بعد إنهاء صيانة محطة بحري الخميس الماضي".

اقرأ/ي أيضًا: أبرز ملامح التنظيم الرقابي الجديد لضبط صرف الوقود ومشكلاته

ويوضح علي أن "انخفاض واردات المياه في النيل الأزرق ونهر النيل أدى إلى تقليص إنتاج التوليد المائي على سدي مروي والروصيرص لأنه سنويًا تنخفض المياه بين شهري آذار/مارس إلى نيسان/أبريل". وذكر مصدر هندسي أن "النفط المنتج بجنوب السودان والذي يمر عبر الأنابيب الرئيسية في الأراضي السودانية صار يستخلص منه البنزين في المنشآت النفطية عوضًا عن إنتاج الفيرنس كما كان يحدث، ما أدى إلى صعوبة توفير إمداد الطاقة للمحطات الحرارية ".

بالمقابل يحذر المحلل في شؤون الطاقة محمد وداعة من أن المحطات الحرارية تستهلك كمية من الوقود وليس من السهل تأمينه على المدى البعيد، موضحًا أن محطة قري الحرارية شمال الخرطوم بحري والتي تخضع للصيانة بواسطة شركة سيمنز الألمانية تستهلك يوميًا 3 آلاف طن من الجازولين، ويعتبرها "كمية مكلفة".

ويعتقد وداعة أن "دخول المحطات الحرارية مثل بحري الحرارية بالخرطوم بحري وأم دباكر بمدينة كوستي لن يؤدي إلى إنهاء القطوعات بشكل جذري لكن يمكن تخفيضها". وكانت الشركة التركية التي تغذي مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرق السودان بـ 150 ميغا واط من الإمداد الكهربائي أعلنت توقفها عن الخدمة بسبب المديونية البالغة 30 مليون دولار أمريكيواعترف وزير الطاقة عادل إبراهيم بتوقف الشركة التركية عن الإمداد لمدينة بورتسودان، وذلك في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي متهمًا شركات القطاع الخاص بمحاولة "خنق الحكومة الانتقالية".

ويرى وداعة أن توقف الشركة التركية أدى إلى مضاعفة العجز إلى جانب انخفاض التوليد المائي والحراري في وقت واحد محذرًا من أن إنتاج السودان في الوقت الراهن 100 ميغا واط، وهي نسبة ضئيلة للغاية في ظل ارتفاع الطلب على الإمداد.

كأن الظروف تعاند محاولات الحكومة للخروج من عنق زجاجة أزماتها ومصائبها التي لا تأتي فرادى

أما خبير الطاقة إيهاب محمد علي فقد رسم صورة أقل قتامة لأزمة الكهرباء، موضحًا أن شحنات من الوقود في طريقها إلى محطتي بحري بالعاصمة وأم دباكر بولاية النيل الأبيض، جنوبي البلاد بحوالي 500 كيلومتر عن الخرطوم.

ولم تمكن زيادة الطاقة المنتجة من سد مروي شمال السودان بنسبة 200 ميغا واط بواسطة كفاءات سودانية طبقًا لتصريحات وزير الطاقة عادل إبراهيم في شباط/فبراير الماضي، وهو ما لم يمكن شبكة الكهرباء من تفادي عجز الصيف في ظل انخفاض التوليد الحراري والمائي في وقت واحد متلازمًا مع شح الوقود، وكأن الظروف تعاند محاولات الحكومة للخروج من عنق أزماتها ومصائبها التي لا تأتي فرادى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أزمة الدقيق في السودان.. حلول حول الخبز من خبّازيه

اقتصاد السودان.. ماذا يقول ثلاثة خبراء عن أبرز المشاكل والحلول المقترحة؟

الكلمات المفتاحية

ميناء سواكن.jpg

سواكن.. فوضى الميناء تهدد اقتصاد السودان

نظرات ندم وحزن اعتلت عيني "أحمد بابكر" العائد إلى السودان، بعد خمس سنوات قضاها مغتربًا بالمملكة العربية السعودية، منبع هذه الأحاسيس ما تعرض له في ميناء سواكن، من معاملة أقل ما توصف بأنها سيئة من قبل بعض العمال الذين سرقوا أمتعته وخربوا أشياءه بصورة فظة، مثلما قال لـ"الترا سودان".


الذهب - قطاع التعدين.jpg

الموارد المعدنية لـ"الترا سودان": إنتاج البلاد من الذهب بلغ 13 طنًا في شهرين

كشفت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن عودة أكثر من (65) شركة أجنبية للعمل في التعدين في البلاد، بعد مغادرتها بسبب حرب 15 نيسان/أبريل 2023.


الصمغ العربي.jpg

حرب السودان تهدد تجارة الصمغ العربي

يواجه الصمغ العربي السوداني، المكون الأساسي المستخدم في منتجات استهلاكية عالمية كالمشروبات الغازية والحلويات تهريبًا متزايدًا من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع


Wad Madani.png

ولاية الجزيرة.. منهوبات بمليارات الدولارات تحطم الطبقة الوسطى

خبير اقتصادي: عودة المواطنين إلى منازلهم لا تعني بداية حياة جديدة، بقدر ما أن هذه المرحلة قد تكون ضمن الصدمة الناتجة عن فقدان أحد أفراد العائلة، أو فقدان الممتلكات والأصول والأموال والذهب والحُلي

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert