اقتصاد

ولاية الجزيرة.. منهوبات بمليارات الدولارات تحطم الطبقة الوسطى

4 مارس 2025
Wad Madani.png
قبة مدني السني أشهر معالم مدينة ود مدني
محمد حلفاويصحفي سوداني

مقاعد خشبية متناثرة في فناء المنزل، ربما لم تستحق عناء النهب بواسطة الجنود أو العصابات التي داهمت منزل الستيني صديق، المتقاعد من الخدمة الحكومية في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، طالما أن قيمتها المالية لا تستحق المجازفة، وفق طريقة تفكير جماعات النهب خلال حرب السودان.

بداية حياة جديدة بعد خسارة الأصول والممتلكات ومصادر كسب العيش هو الصراع القادم، وفق حديث الخبراء

يتداول السودانيون روايات صادمة ومخفية عن الأنظار وقعت خلال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، تتعلق بخيارات اللصوص والعصابات ومقاتلي حميدتي في البحث عن الأشياء الثمينة، والأخف وزنًا، والأكثر قيمةً، حينما يغزون مدينة أو قرية، ثم ترك الأثاثات والأجهزة المنزلية للعصابات المتحالفة معها، حتى مرحلة نزع أبواب النوافذ المعدنية، لدرجة التفاوض بين الجنود وهذه المجموعات التي تُسمى شعبيًا بـ"الشفشافة".

عاد النازحون إلى منازلهم في ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، التي استردتها القوات المسلحة منذ 11 كانون الثاني/يناير 2025، بعد سلسلة طويلة من المعارك التي أجبرت قوات حميدتي على التراجع وإخلاء مدينة استراتيجية وسط البلاد.

في لحظات العودة، عندما يدفع العائدون أبواب المنازل، أول ما يلاحظونه هو تبعثر الأواني والأثاثات في الفناء الخارجي والداخلي، وكأن اللصوص كانوا يبحثون عن "كنز مدفون" بين منازل غالبية القاطنين من الفقراء الذين اعتمدوا على الزراعة، والعمل في القطاع الحكومي، والتجارة المحدودة، وفق ما يقول صديق.

بينما فضّلت بعض النساء إطلاق الزغاريد عند عودتهن إلى المنازل، لم تكن بيد الأخريات سوى الحسرة على ضياع ما جمعنه من أثاثات ثمينة، في قضية قد تفتح الباب واسعًا أمام تراكم الغبن الاجتماعي، تضيف مودة، وهي سيدة في العقد الثالث، عادت إلى منزلها في ود مدني.

تقول مودة، الحاصلة على بكالوريوس التربية، إن العائلات عادة ما تستمد شعورها بالحياة من الوضع الاقتصادي والمالي، وعندما تخسر الممتلكات والأموال التي جمعتها بشق الأنفس منذ سنوات، تشعر بخيبة الأمل.

مواطنة: يتميز السودانيون بمقارعة الصعاب، لذلك أتوقع قدرتهم على استعادة حياتهم، بل التعلم من التجارب المريرة

وتضيف: "يتميز السودانيون بمقارعة الصعاب، لذلك أتوقع قدرتهم على استعادة حياتهم، بل التعلم من التجارب المريرة.. لقد اعتادوا على عدم وجود جهة تقدم لهم المساعدات سواء الدولة أو المنظمات، لذلك لا أتوقع أن الانتكاسة ستحدث مرة أخرى كما وقعت في حرب منتصف نيسان/أبريل 2023".

فيما يقول صديق، وهو ستيني متقاعد من الخدمة الحكومية بمشروع الجزيرة، إن الحرب القادمة ستكون حول كيفية استعادة الأنشطة الاقتصادية، ولا أرى أن الحكومة لديها القدرة على تبني طريقة جديدة لاقتصاد ما بعد الحرب، لأنها لا تزال بعقلية الجبايات والقرارات الكسولة.

وتابع: "نهبت قوات الدعم السريع نحو 12 جرارًا زراعيًا حديثًا مملوكة لشركة استثمارية... عندما تحدث مثل هذه الأشياء، فهذا يعني فناء الشركة تمامًا، وبالتالي تشريد العاملين وإيقاف مصدر كسب العيش، كيف يمكن للحكومة أن تعالج هذه القضايا التي ستظهر إلى السطح عندما تنتهي نشوة العودة إلى المدينة؟".

وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، قد أكد عودة مليوني شخص إلى مناطقهم عقب سيطرة القوات المسلحة، وتشمل هذه المناطق ولاية الجزيرة، وسنار، وكردفان، والخرطوم بحري.

يعكس بشرى، وهو موظف حكومي بمدينة ود مدني، شعورًا أقرب إلى خيبة الأمل إزاء عودته إلى المنزل، فرغم الأضرار القليلة التي تكبدها من العصابات أو جنود الدعم السريع، إلا أن القليل من الاطمئنان يسود داخله كونه فارق حياة النزوح.

يضيف قائلًا: "لقد تجاوزت 60 عامًا، لا يمكن أن أقرر بداية حياة جديدة لأنني أشعر باليأس في كثير من الأحيان... هذه الحرب ألحقت الضرر بملايين السودانيين من خلال فقدان الأرواح والممتلكات، على سبيل المثال، جاري طبيب اختصاصي، يملك عقارات مجهزة ويستثمر فيها إلى جانب عيادته ومعداته الطبية، لكنه خسرها بالكامل، كيف يتسنى له بداية حياة جديدة؟".

لم تُعلن الحكومة السودانية من بورتسودان عن أي إجراءات لتعويض المتضررين خلال الحرب، لكن تصريحات متفرقة لمسؤولين أشارت إلى أن الدول الداعمة لقوات الدعم السريع يجب أن تتحمل تكاليف تعويض الشعب السوداني، حيث توثق التقارير نهبها أصول وممتلكات المواطنين والقطاعين العام والخاص.

خبير اقتصادي: عودة المواطنين إلى منازلهم لا تعني بداية حياة جديدة، بقدر ما أن هذه المرحلة قد تكون ضمن الصدمة الناتجة عن فقدان أحد أفراد العائلة، أو فقدان الممتلكات والأصول والأموال والذهب والحُلي

يقول الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"الترا سودان" إن عودة المواطنين إلى منازلهم لا تعني بداية حياة جديدة، بقدر ما أن هذه المرحلة قد تكون ضمن الصدمة الناتجة عن فقدان أحد أفراد العائلة، أو فقدان الممتلكات والأصول والأموال والذهب والحُلي.

وأضاف: "هناك من ترك 100 و200 وحتى 250 ألف دولار مخبأة داخل منزله، وغادر إلى مدينة أخرى، وعندما عاد لم يجدها. حدث هذا الأمر كثيرًا في العاصمة الخرطوم. هذه الأمور تؤدي إلى صدمات نفسية قد تقود إلى الجنون لبعض الأشخاص".

الكلمات المفتاحية

ميناء سواكن.jpg

سواكن.. فوضى الميناء تهدد اقتصاد السودان

نظرات ندم وحزن اعتلت عيني "أحمد بابكر" العائد إلى السودان، بعد خمس سنوات قضاها مغتربًا بالمملكة العربية السعودية، منبع هذه الأحاسيس ما تعرض له في ميناء سواكن، من معاملة أقل ما توصف بأنها سيئة من قبل بعض العمال الذين سرقوا أمتعته وخربوا أشياءه بصورة فظة، مثلما قال لـ"الترا سودان".


الذهب - قطاع التعدين.jpg

الموارد المعدنية لـ"الترا سودان": إنتاج البلاد من الذهب بلغ 13 طنًا في شهرين

كشفت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن عودة أكثر من (65) شركة أجنبية للعمل في التعدين في البلاد، بعد مغادرتها بسبب حرب 15 نيسان/أبريل 2023.


الصمغ العربي.jpg

حرب السودان تهدد تجارة الصمغ العربي

يواجه الصمغ العربي السوداني، المكون الأساسي المستخدم في منتجات استهلاكية عالمية كالمشروبات الغازية والحلويات تهريبًا متزايدًا من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع


ألف جنيه سوداني.jpg

تفاقم أزمة السيولة النقدية وولايات تمنع التعاملات الربوية

تفاقمت أزمة السيولة النقدية في الولايات الواقعة شرق البلاد، التي تشمل كسلا والقضارف والبحر الأحمر، وفق إفادات مواطنين باستمرار القيود على البنوك لخفض العملات الورقية المتداولة في الأسواق التقليدية.

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert