فرنسا ماكرون ونادي باريس.. رهان "حمدوك" لإعفاء الديون
20 أكتوبر 2019
ورثت حكومة عبدالله حمدوك واقعًا اقتصاديًا معقدًا، وتركة ثقيلة من الديون الخارجية المتراكمة منذ سنوات طويلة أضحت واجبة السداد. وقبل تشكل الحكومة أفصح رئيس الوزراء- القادم من دوائر ودهاليز المؤسسات الدولية- عن سياسة السودان الجديدة التي يقوم أساسها على مراعاة مصالح البلاد والانفتاح على الخارج والتحرك لإعادة السودان لأحضان المجتمع الدولي، مساهمًا وفاعلًا سياسيًا واقتصاديًا، بعد سنوات طويلة من الغياب. ومع كل هذه الطموحات العظيمة لحكومة ما بعد الثورة تطل قضية الديون الخارجية والعقوبات الاقتصادية الأمريكية برأسها، لتقف حجر عثرة أمام تدفق المساعدات المالية والفنية التي يحتاجها السودان لإحداث تحول حقيقي في بنية اقتصاد البلاد الذي يئن تحت وطأة أزماته.
يبلغ مقدار الدين السوداني الخارجي نحو 58 مليار دولار وفق آخر إحصاء رسمي صادر العام الماضي!
ويتفق جميع الخبراء الاقتصاديين أن إحداث اختراق في ملف الديون المعقد يحتاج إلى خبرات فنية ونفس طويل لإدارة مفاوضات تسوية الديون مع الدول والمؤسسات المالية الدولية الدائنة (صندوق النقد والبنك الدولي) كما يستلزم بناء خطة لعمل داخلي لإقناع المواطنين بحزمة برامج الاصلاح الهيكلي للاقتصاد السوداني التي ربما تواجه بمعارضة شديدة نتيجة الآثار الاجتماعية الحادة التي صاحبت تطبيق تلك السياسات من ارتفاع مستويات الفقر والتضخم لمعدلات غير مسبوقة وهروب الاستثمارات الأجنبية وانهيار القطاعين العام والخاص.
اقرأ/ي أيضًا: حل إدارة العلاقات العامة بوحدة تنفيذ السدود
توجهات جديدة
في سياق تفكير الإدارة الاقتصادية الجديدة للبلاد بمعالجة ملف الديون، استبقت وكالة رويترز الأحداث بنشرها تقريرًا في نيسان/أبريل الماضي، كشفت فيه أن الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، أثارت اهتمامًا كبيرًا لدى المتعاملين والدائنين، الذين تخلف السودان عن سداد مستحقاتهم زمنًا طويلًا.
وأشار التقرير إلى أن الديون السودانية المجمدة منذ أربعة عقود، هي جزء من سوق غامضة لدول معزولة عن المجتمع الدولي، تسعى للانفتاح على السوق وتواجه تحديات الديون ومشاكل داخلية مثل دول السودان وكوبا والصومال.
وبناء على ما سبق ربما تكشف التحركات الأخيرة للحكومة السودانية، وزيارة حمدوك بصحبة وزير ماليته إلى فرنسا بداية الشهر الحالي، وعقدهم مباحثات مع مسؤولين فرنسيين على رأسهم الرئيس إيمانويل ماكرون، إستراتيجية حمدوك وتفضيله العمل على ديون دول (كتلة نادي باريس) مع بناء شراكة سياسة مع فرنسا. وتؤكد تصريحات وزير المالية صحة هذا الاتجاه، حيث ذكر في تصريحات أعقبت تلك الزيارة، إن المطروح هو الإعفاء الكامل للديون وليس تقليلها، وأكد على أهمية الدور الفرنسي في إعفاء ديون السودان، باعتبارها أكبر الدائنين للسودان من بين أعضاء نادي باريس. وأشار إلى أن فرنسا بإمكانها أن تلعب دورًا مهمًا في التوسط لإعفاء ديون الصين والدول العربية وروسيا، إلى جانب بقية الدول الأعضاء في النادي.
تركة معقدة
يبلغ مقدار الدين السوداني الخارجي نحو 58 مليار دولار وفق آخر إحصاء رسمي صادر العام الماضي، (أصل الدين 17 مليار دولار) وبات من المعروف أن السودان تخلف عن سداد ديونه منذ أوائل الثمانينات ولم يتمكن من سداد أي دين طوال مدة تقارب الأربعين عامًا.
ويكشف تقرير رويترز السابق عن معلومات مختلفة عن ما هو متداول، ويشير إلى أن معظم التعاملات في ديون السودان التي تخلف عن سدادها، تركزت حول قرض مضمون من الدولة صدر في 1981، في إطار اتفاقية لإعادة هيكلة دين قيمته الأصلية 1.64 مليار دولار، تخلفت الحكومة السودانية مجددًا عن سداد التزاماتها.
وتقول تقارير دولية أن السودان البلد الوحيد في العالم الذي عليه متأخرات لصندوق النقد الدولي، تشكل أكثر من 80 بالمئة من إجمالي المتأخرات المستحقة لتلك المؤسسة المالية الدولية حول العالم.
ونشر الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور سلمان محمد سلمان مقالًا كشف فيه أن السودان مدين للبنك الدولي، بلغت ديونه حوالي المليار وربع المليار دولار، ونفس المبلغ لصندوق النقد، ما يعني أن ديون المؤسستين بلغت أكثر من مليارين ونصف المليار دولار، من مجموع ديون السودان الخارجية التي تقترب من 58 مليار دولار.
اقرأ/ي أيضًا: في يومها الثالث.. الشعبية-شمال تنسحب من مفاوضات السلام
إستراتيجية الحلول
في إفادته لـ"الترا سودان" قال الخبير الاقتصادي الدولي ووزير الدولة السابق بالمالية الدكتور التيجاني الطيب، "أن حكومة السودان مسبقًا طلبت إعفاءها من الديون، في اعتقادي هذه المسألة خاصة بالبنك الدولي. وأضاف أنه لو اجتمعت دول نادي باريس ستطالب بمعالجة الديون السيادية البالغ قدرها 2.7 مليار دولار"، وأشار إلى أنه إذا كانت فرنسا صاحبة ثقل داخل نادي باريس يمكن أن تقترح إعفاء ديون السودان كما حدث مع العراق.
ونوه إلى أن السودان لم يكن جزءًا من "الهيبيك"، وأضاف أنه لدخول السودان تحت مظلة الهيبيك لا بد أن تقتنع 70% من الدول المساهمة في الهيبيك بدفع 3 مليار دولار ووضع جدول لكيفية حلحلة بقية الديون. وقال الطيب أن توفير هذا المبلغ في الوضع الاقتصادي العام لهذه الدول يبدو صعبًا للغاية.
التجاني الطيب: النادي لا يعطي هدايا، لكن ربما يساهم في تسديد الديون السيادية للبنك الدولي وبنك التنمية الافريقي وصندوق النقد الدولي مقابل اتفاقات وشروط يحددها
وتابع أن النادي لا يتصرف بصورة منفردة إلا إذا قرر النادي" كمجموعة" حلحلة الدين، وقال أن النادي لا يعطي هدايا، لكن ربما يساهم في تسديد الديون السيادية للبنك الدولي وبنك التنمية الافريقي وصندوق النقد الدولي مقابل اتفاقات وشروط يحددها .
وأضاف إن عهد المساعدات المالية انتهى وما عادت المساعدات الخارجية ذات جدوى وتأثير على الاقتصاد السوداني.
اقرأ/ي أيضًا: تجمع المهنيين يرحب بحل النقابات ويعد بقانون جديد لتنظيمها
وبدا الصحفي عبد الواحد إبراهيم المهتم بقضية ديون السودان، في إفادته لـ"الترا سودان" متفقًا. ويقول، صندوق النقد والبنك الدولي طبقًا لقوانينها الداخلية لا تناقش مسألة إعفاء ديونها على الدول، بل جدولتها أو تقديم المساعدات الفنية، ويضيف، "لذلك يبقى على السودان العمل والتفاوض على ديون كتلة دول نادي باريس" مشددًا على ضرورة أن ينجح في مفاوضات للدخول ضمن دول برنامج (الهيبك) المختص بمعالجة ديون البلدان الفقيرة، أو مبادرتي نابولي وكولونيا المختصة بتخفيض الديون، وقال أنه يتوجب صنع شركاء دوليين أقوياء داخل المنظومات الدولية للوقوف إلى جانب السودان، مشيرًا إلى أن هذا يحتاج إلى برنامج وطني لحشد الخبراء، ووضع سياسية إعلامية شفافة، توضح للشعب مصير الديون السابقة واستراتيجية الحكومة الحالية لمعالجتها. غير أن التيجاني الطيب يؤكد أن الحكومة الحالية لا توجد لديها استراتيجية واضحة لمعالجة ديون البلاد، و يضيف، "أن نادي باريس لديه الحق في الإعفاء من الديون جزئًيا أو كليًا وفق شروط، كما يحدد آلية التعاون مع بقية الديون المستحقة على السودان.
اقرأ/ي أيضًا:
"خطوة لإنهاء العزلة".. دبلوماسيون أمريكيون يفتحون حسابات بنكية في السودان
الكلمات المفتاحية

سواكن.. فوضى الميناء تهدد اقتصاد السودان
نظرات ندم وحزن اعتلت عيني "أحمد بابكر" العائد إلى السودان، بعد خمس سنوات قضاها مغتربًا بالمملكة العربية السعودية، منبع هذه الأحاسيس ما تعرض له في ميناء سواكن، من معاملة أقل ما توصف بأنها سيئة من قبل بعض العمال الذين سرقوا أمتعته وخربوا أشياءه بصورة فظة، مثلما قال لـ"الترا سودان".

الموارد المعدنية لـ"الترا سودان": إنتاج البلاد من الذهب بلغ 13 طنًا في شهرين
كشفت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن عودة أكثر من (65) شركة أجنبية للعمل في التعدين في البلاد، بعد مغادرتها بسبب حرب 15 نيسان/أبريل 2023.

حرب السودان تهدد تجارة الصمغ العربي
يواجه الصمغ العربي السوداني، المكون الأساسي المستخدم في منتجات استهلاكية عالمية كالمشروبات الغازية والحلويات تهريبًا متزايدًا من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.