اقتصاد

الصناعة المحلية في السودان.. الحرب تحولها إلى أشلاء متناثرة

23 أكتوبر 2023
الخرطوم - آثار الحرب.jpg
(Getty) تدمرت العديد من المنشآت في الخرطوم جراء الاشتباكات المستعرة بين الجيش والدعم السريع
محمد حلفاويصحفي سوداني

بصعوبة تمكن مستثمرون من تركيب مصانع صغيرة شمالي السودان لإنتاج المعلبات من الخضروات والفواكه، فالحرب التي اشتعلت بين الجيش والدعم السريع في منتصف نيسان/أبريل الماضي وضعت الصناعة المحلية على المحك لأن أغلب المنشآت الصناعية تقع في العاصمة الخرطوم.

وكأن الحرب تستهدف الصناعة المحلية بدأت بتدمير مبنى البحوث الصناعية في الخرطوم واليوم تحولت الصناعة المحلية إلى أشلاء متناثرة

أبلغ رجال أعمال وزيرَ المالية السوداني جبريل إبراهيم بأن "مصانعهم تتعرض للنهب، والعديد منها نهبت فعليًا ودمرت بفعل القصف المدفعي والجوي"، لافتين إلى أن بعضهم شرع في نقلها إلى خارج البلاد.

وشرع مستثمرون محليون في عمليات تركيب مصانع صغيرة في الولاية الشمالية ونهر النيل لقربهما من مناطق الإنتاج والتصدير ولا سيما المنتجات الغذائية، لكن شح الطاقة الكهربائية يقف حائلًا أمام هذه الاستثمارات الواعدة إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود.

ارتفعت أسعار الوقود بنسبة (50%) عما كانت عليها قبل الحرب. وانعكست الزيادة على تكلفة النقل والخدمات انعكاسًا مضاعفًا – حسب ما يقول أحد المتعاملين في سوق الطواحين بمدينة "أبو حمد" وهي منطقة منتجة للذهب وتستهلك كميات من الوقود في تشغيل آليات الحفر في المناجم.

https://t.me/ultrasudan

ويقول هذا المتعامل في حديث إلى "الترا سودان" إن تشغيل الآليات في مناطق الذهب وفي المصانع الصغيرة التي تعمل على استخلاص المعدن الأصفر من الصخور يستهلك كميات من الوقود، ولذلك ارتفعت تكلفة الإنتاج أضعاف ما كانت عليها قبل ستة أشهر.

وإذا ما شيد مستثمرون المصانع في الولايات، فإن الخطط بحاجة إلى "حكومة فعالة". ومع التعهدات التي بذلها وزير المالية في لقائه رجال الأعمال وملاك المصانع السودانيين في القاهرة، لكنها تعهدات ربما تهزمها انهيار مؤسسات الدولة عقب اندلاع الحرب وصعوبة تدبير العملات الصعبة لتحسين قطاع الكهرباء لإحداث استقرار في أسعار الوقود.

قال مضوي عبدالرحيم وهو مهتم بالصناعات الصغيرة بولاية نهر النيل لـ"الترا سودان" إن نقل المصانع من العاصمة الخرطوم أو تركيب مصانع جديدة عملية "شاقة ومكلفة" وتحتاج إلى إشراف حكومي سواء للتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة للتنمية الصناعية أو الطرف المسيطر على منطقة المصنع.

ويرى عبدالرحيم أن الخسائر جراء تدمير المصانع بالعاصمة –سواء بالنهب أو القصف– قد تصل إلى أكثر من تريليون دولار أمريكي، مشيرًا إلى أن استعادة الصناعة المحلية "مستحيلة" في ظل الظروف الراهنة، ولافتًا إلى أن حكومة الأمر الواقع "لا تكترث بالأزمة" وتركت الأسواق لهجمات السلع المستوردة حتى ارتفع سعر الصرف وتفاقمت الأزمة الاقتصادية والمعيشية لدى ملايين المواطنين – على حد قوله.

متجر خالي من البضائع جراء الحرب
نفدت المنتجات من متاجر الخرطوم جراء الحرب (Getty)

وكانت المصانع المحلية تغطي نحو (60%) من الاستهلاك المحلي خاصةً المنتجات الغذائية. وعقب اندلاع الحرب لم تكن أمام الأسواق في الولايات سوى اللجوء إلى الدول الجوار مثل مصر وإثيوبيا وجنوب السودان، ما أدى إلى عجز في الميزان التجاري جراء ارتفاع نسبة الاستيراد وارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي حتى وصل الدولار الأمريكي إلى (910) جنيهًا سودانيًا.

وأعرب الباحث الاقتصادي محمد أبشر لـ"الترا سودان" عن قلقه من تفاقم مستويات المعيشة في السودان، لأن "سعر الصرف تأثر بالاستيراد المرتفع، مع غياب تام للصناعة المحلية التي كانت تغطي نسبة كبيرة من الاستهلاك المحلي".

ويشدد أبشر على ضرورة إيقاف الحرب لاستعادة الصناعة الوطنية، قائلًا إن "خطط نقل المصانع إلى الولايات يجب أن تستمر مع وقف القتال، وينبغي أن تكون العاصمة الخرطوم خالية من المصانع في السنوات المقبلة". وأردف: "من الصعب الاستثمار الصناعي مع استمرار الحرب في منطقة قد لا تكون لديك ضمانات قوية بأنها ستكون بمعزل عن المعارك العسكرية".

وفكرة انتشار الصناعة المحلية على المستوى الفيدرالي قديمة ومتجددة، لكن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي عرقلا هذه الخطط التي تبناها خبراء إستراتيجيون. ومع ذلك فإن القتال الذي يدور في العاصمة الخرطوم دمر مبنى البحوث الصناعية تمامًا خلال الشهرين الأولين للحرب.

ويقول مضوي عبدالرحيم إن المصانع في الولايات قد توفر فرص عمل لآلاف العاطلين، كما تخلق "دورة اقتصادية" بتشغيل الخدمات الجانبية، لكن "من الصعب تحقيق هذا الحلم مع استمرار الحرب" – يستدرك مضوي.

الكلمات المفتاحية

ميناء سواكن.jpg

سواكن.. فوضى الميناء تهدد اقتصاد السودان

نظرات ندم وحزن اعتلت عيني "أحمد بابكر" العائد إلى السودان، بعد خمس سنوات قضاها مغتربًا بالمملكة العربية السعودية، منبع هذه الأحاسيس ما تعرض له في ميناء سواكن، من معاملة أقل ما توصف بأنها سيئة من قبل بعض العمال الذين سرقوا أمتعته وخربوا أشياءه بصورة فظة، مثلما قال لـ"الترا سودان".


الذهب - قطاع التعدين.jpg

الموارد المعدنية لـ"الترا سودان": إنتاج البلاد من الذهب بلغ 13 طنًا في شهرين

كشفت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن عودة أكثر من (65) شركة أجنبية للعمل في التعدين في البلاد، بعد مغادرتها بسبب حرب 15 نيسان/أبريل 2023.


الصمغ العربي.jpg

حرب السودان تهدد تجارة الصمغ العربي

يواجه الصمغ العربي السوداني، المكون الأساسي المستخدم في منتجات استهلاكية عالمية كالمشروبات الغازية والحلويات تهريبًا متزايدًا من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع


Wad Madani.png

ولاية الجزيرة.. منهوبات بمليارات الدولارات تحطم الطبقة الوسطى

خبير اقتصادي: عودة المواطنين إلى منازلهم لا تعني بداية حياة جديدة، بقدر ما أن هذه المرحلة قد تكون ضمن الصدمة الناتجة عن فقدان أحد أفراد العائلة، أو فقدان الممتلكات والأصول والأموال والذهب والحُلي

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert