الحزب الشيوعي.. البتر علاجًا للاختلاف
13 يوليو 2016
في سبعينيات القرن التاسع عشر، عوقب أحد أعضاء الطريقة السمانيّة في السودان، بعد خلاف فكري مع شيخها، بـ"محو اسمه" من الطريقة، الأمر الذي يعني "نزع الشرعية" عن المعاقَب، وطرده خارج حظيرة الاتّساق التي عكّرها بآرائه المختلفة. هذا العضو المستبعَد، واسمه محمد أحمد، صار فيما بعد قائدًا للثورة المهدية "1885-1898" التي أطاحت بالحكم المصري التركي.
اليوم، بعد قرن ونصف تقريبًا، يعاقِب الحزب الشيوعي السوداني، بالفصل، واحدًا من أعضائه ومنظريه البارزين، بسبب خلاف فكري استمر لسنتين، ليُطرد خارج حظيرة الاتساق المذكورة، التي عكّرها أيضًا بآرائه. هذا العضو هو الدكتور الشفيع خضر، الذي أعلنت صحيفة الحزب الرسمية، بالمانشيت الأحمر؛ فصله أمس "الثلاثاء".
للبعض، قد تبدو المقارنة بين ما حدث في "الطريقة الصوفية" قبل قرن ونصف، وما حدث في "الحزب التقدمي" في القرن الحادي والعشرين؛ غير منصفة، من واقع اختلافهما "المفترض" في التركيبة والأهداف والأدوات. ولهؤلاء أقول: "أتظنونهما مختلفين؟ أرجوكم انظروا إليهما من جديد".
لا يختلف الحزب الشيوعي السوداني كثيرًا عن أعدائه الإسلاميين، في نظرة كل منهما إلى الاختلاف، وفي أشياء أخرى ليست قليلة
اقرأ/ي أيضًا: أمي ما زالت شيوعية!
لست مهتمًا بتفاصيل الخلاف بين الطرفين؛ الشفيع وحزبه، بقدر ما تشغلني أسئلة اتخاذ الفصل/البتر طريقًا لحسم اختلاف الأفكار أو وجهات النظر، داخل حزب يسوِّق لنفسه صورة "ديمقراطية" مطرزة بمقولات "الاختلاف" و"الصراع الفكري"، ويعدّه كثيرون بؤرة تنوير وتحديث في عتمة الفوضى السودانية.
بحسب رأيي، لا يختلف الحزب الشيوعي السوداني كثيرًا عن أعدائه الإسلاميين، في نظرة كل منهما إلى الاختلاف، وفي أشياء أخرى ليست قليلة. فكلاهما يؤمن بأنه يمتلك الحقَّ والحقيقة، وكلاهما يعطي نفسه ملكية صكوك الشرعية وتحديد من هو مسلم/إسلامي-ماركسي/شيوعي؛ ومن هو ليس كذلك، ومن يحق له نقاش أمور الحزب/الحركة/ الدين، ومن لا يحق له. إنهما يعملان من أجل تسوية الاختلافات ليصير الجميع واحدًا، ويصير الواحدُ الجميع، فقط الاختلاف في لون "اليونيفورم" بينهما.
إن الالتفاف حول "حقيقة مركزية" ليست قابلة للنقاش في ذاتها خارج الخطوط الحمراء؛ يشبه أيضًا المنافحة عن "إيمان" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويعد نقاشه تشكيكًا في مسلَّمات وإيمان الأغلبية. في كلتا الحالتين يأتي البتر، كحل مريح ونهائي ضد "الهراطقة" وغير الخاضعين خضوعًا أعمى للسلطة. قد يكون الشفيع خضر أحد هؤلاء، وقد لا يكون، فهذا أمر فيه نظر، بحسب توافق كل فرد مع أفكاره، لكن البتر يظل حقيقة تشي -مهما برر المؤمنون- بالضيق من الاختلاف داخل منظومات تقول إنها تعمل من أجل التغيير، ومن أجل الحرية ودعم الاختلاف!
ثمة سؤال كذلك، أثارته مسألة فصل د.الشفيع خضر من الحزب الشيوعي السوداني، ويتعلق، أولًا، بمدى تقبُّل أعضاء الحزب الشيوعي لوجود أشخاص يقولون إنهم شيوعيون لكنهم ليسوا منضوين تنظيميًا تحت راية الحزب الشيوعي، ومن ثم فهم ليسوا ملزمين بتكتيكاته ورؤيته السياسية، هل يقبل الحزب هذه الصيغة أم يعتبرهم أعداء؟
ثانيًا، لو افترضنا أن د.الشفيع خضر استجاب للدعوات التي صيغت بعنف لفظي وعدائية شديدة من أعضاء في الحزب، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ تلك الدعوات التي تطلب منه أن يبتعد عن "حزبهم" ويذهب ليؤسس حزبًا له. فلنفترض أن الشفيع استجاب لهذه الدعوات، وأنشأ حزبًا سماه "الحزب الشيوعي"، فهل ستظهر هنا "حرب الشرعية" بين الحزبين، لينفق كل منهما جهده في أن يثبت أنه "الحزب الشرعي"، أم سيتقبلان الوضع راضيَين بأن يكون العمل والبرامج هي التي تتحدث لتخبر الجماهير أي حزب تختار؟
اقرأ/ي أيضًا:
هل الشعب هو المعلم والقائد؟
بحث عن يسار "إنسانيّ" في سوريا
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.