الحرب تحطم الاقتصاد.. هل تخلى العالم عن السودان؟
18 يونيو 2023
لم يكن محسن (50) عامًا على قدر من "التحوط المالي المستدام" عندما بدأت الحرب في العاصمة السودانية بين الجيش والدعم السريع في منتصف نيسان/أبريل الماضي.
بعد (60) يومًا من الحرب هذا الرجل الذي يعول عائلة تتكون من زوجة وبنتين وشاب، لم يعد على دراية بشأن وضعه الاقتصادي عقب مغادرته للمنزل الواقع شمال العاصمة السودانية بسيارته الخاصة مع بعض الأموال النقدية ورصيد مصرفي محدود.
حطمت حرب منتصف نيسان/أبريل التي أكملت شهرها الثاني آمال الطبقة الوسطى في العاصمة الخرطوم
في مدينة ودمدني بولاية الجزيرة حيث يقضي هذه الفترة مع صديقه يحاول محسن استعادة أنفاسه والتخطيط لكل الاحتمالات، فالحرب غير معروفة متى ستتوقف لذلك يخطط للسفر إلى دولة أفريقية وتقديم لجوء إلى دولة غربية، قائلًا إن هذا ضمن الخيارات لا وجهة نهائية، فهو يأمل توقف الحرب قريبًا والعودة إلى عمله.
قبل الحرب كان يدير مرأبه المتخصص في غسيل السيارات وصيانتها وبيع قطع الغيار مثل البطاريات ومعدات الإنارة وبعض القطع الصغيرة التي كان يجلبها من الصين، اليوم لم تعد هذه الأعمال التجارية في متناول اليد.
فقد هذا الرجل كل شيء بسبب الحرب، فهو لا يعلم مصير الجراج الواقع وسط العاصمة، ولا وضع منزله الذي إن نجا من الاقتحام العسكري لقوات الدعم السريع، لن ينجو من أعمال النهب يضيف في حديث لـ"الترا سودان".
حطمت حرب منتصف نيسان/أبريل التي أكملت شهرها الثاني آمال الطبقة الوسطى في العاصمة السودانية الخرطوم، والتي كانت تعتمد على أعمال تجارية ناشئة مثل تجارة التجزئة والاستيرادات المحدودة من الصين وبيعها في السوق السوداني، والحصول على أرباح تمكنهم من العيش في هذا البلد المعروف بارتفاع نسبة التضخم.
وفي ظل استمرار المعارك العسكرية وتعثر الوساطة في إبرام اتفاق طويل لوقف النار بين الجيش والدعم السريع، تضطر عشرات الآلاف من الأسر إلى ترك منازلهم في العاصمة الخرطوم، كما توقفت الأسواق والمصارف والمصانع منذ ستين يومًا، بالتالي فقد عشرات الآلاف مصدر العمل وكسب المال.
تقدر إحصائيات حكومية رسمية تضرر (150) ألف شخص بفقدان مصدر العمل في العاصمة السودانية بسبب الحرب ونهب المحال التجارية والشركات والمصانع والمعارك العسكرية.
ذكر الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان"، أن الطبقة الاقتصادية المتضررة من الحرب في السودان "محطمة نفسيًا" من الأوضاع التي آلت إليها الأمور وفقدان اليقين حول توقف الحرب.

يرى إبراهيم أن الدولة في الوقت الراهن وهي تخوض صراعًا مسلحًا لا تقدم الحلول ولا يمكن خلق أعمال تجارية عبر تمويلات مصرفية في الولايات الآمنة، لأن السودان يعاني اقتصاديًا في هذا الوقت.
ويقول إبراهيم إن المنظمات الدولية يمكن أن توفر التمويل للمتضررين من الحرب بتحويلهم من لاجئين إلى منتجين، لكن هذه المشاريع بالنسبة لبعض الفئات الاقتصادية لا تتناسب مع طموحاتهم حيث اعتادوا على دخل مالي جيد.
ويشير إبراهيم إلى أن الحل الجذري هو توقف الحرب ومعالجة أسباب اندلاعها ومخاطبة الأزمة من الجذور وإعادة التخطيط الاقتصادي والتنموي وتعويض المتضررين وإعادة الفارين إلى منازلهم، وإعمار ما دمرته الحرب عبر سلطة لديها مسؤولية تجاه الشعب.
تقدر خسائر الحرب في السودان بعد (60) يومًا بأكثر من (100) مليار دولار، وفي بلد يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة مثل السودان لا يمكن تعويض ذلك -حسب ما يقول إبراهيم- لذلك بدلًا من مفاقمة الوضع يجب وضع حد للقتال فورًا.
وبينما تضعف الآمال بشأن توقف الحرب قريبًا في السودان، يتدبر المواطنون شؤونهم المالية بالاعتماد على تحويلات السودانيين من الخارج لقطاع عريض يتواجد في الولايات، فيما بدأت الحاجة تضرب بقوة على شبكات اجتماعية تعتمد على الرواتب من القطاعين الخاص والعام في السودان، وذلك لعدم صرف الأجور منذ شهرين.
يقول الخبير في مجال عمل المنظمات أحمد عبدالرحيم في حديث لـ"الترا سودان"، إن الحكومة السودانية لا تجري نقاشات بالقدر المطلوب مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة حول وضع السودانيين من الناحية الاقتصادية، والمساعدات التي تقدم حاليًا "دون المطلوب" وطريقتها "عقيمة جدًا".
خبير: الحكومة السودانية لا تجري نقاشات بالقدر المطلوب مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة حول وضع السودانيين من الناحية الاقتصادية
ويرى أن النقاشات يجب أن "تكون متقدمة" مثل توزيع قسائم مالية على المتضررين من الحرب مع توسيع نطاق الشبكات الاجتماعية وإعادة مشروع ثمرات "وفق صيغ جديدة" مناسبة مع الوضع الاقتصادي الراهن.
ويقول عبدالرحيم إنه بعد شهرين من الصراع المسلح الذي أفرز مليوني نازح ولاجئ وتضرر الملايين في الولايات من الآثار الاقتصادية الحرب، العالم يبدو كمن تخلى عن السودان.
الكلمات المفتاحية

سواكن.. فوضى الميناء تهدد اقتصاد السودان
نظرات ندم وحزن اعتلت عيني "أحمد بابكر" العائد إلى السودان، بعد خمس سنوات قضاها مغتربًا بالمملكة العربية السعودية، منبع هذه الأحاسيس ما تعرض له في ميناء سواكن، من معاملة أقل ما توصف بأنها سيئة من قبل بعض العمال الذين سرقوا أمتعته وخربوا أشياءه بصورة فظة، مثلما قال لـ"الترا سودان".

الموارد المعدنية لـ"الترا سودان": إنتاج البلاد من الذهب بلغ 13 طنًا في شهرين
كشفت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن عودة أكثر من (65) شركة أجنبية للعمل في التعدين في البلاد، بعد مغادرتها بسبب حرب 15 نيسان/أبريل 2023.

حرب السودان تهدد تجارة الصمغ العربي
يواجه الصمغ العربي السوداني، المكون الأساسي المستخدم في منتجات استهلاكية عالمية كالمشروبات الغازية والحلويات تهريبًا متزايدًا من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.