اقتصاد

التوتر بين المدنيين والعسكريين بسبب الشركات.. ما هي الخيارات؟

29 أغسطس 2020
Burhan_0.jpg
حمدوك والبرهان
محمد حلفاويصحفي سوداني

تقدر القيمة السوقية لشركة زادنا المملوكة للمؤسسة العسكرية في السودان بحوالي (10) مليار دولار، وهي الشركة التي نمت في فترة النظام البائد الذي كان يعتمد على أعمالها الواسعة في الاستثمارات الزراعية لتمويل واردات الوقود والقمح نسبة لشح العملات الصعبة، في السنوات الأخيرة.

مصدر عسكري: شركة زادنا عملاقة ولديها إسهامات في الاقتصاد القومي ويجب عدم معاداة الاستثمارات المملوكة للقطاع العسكري 

وعادت قضية الشركات التي تديرها المؤسسات العسكرية والأمنية مرة أخرى إلى السطح في أعقاب تصريحات أدلى بها رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك عشية العام الأول لتشكيل الحكومة قائلًا أن (82)% من المال العام خارج سيطرة وزارة المالية، وبعد مرور ساعات جاء الرد من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان في خطاب ألقاه بقاعدة وادي سيدنا العسكرية بأمدرمان الإثنين الماضي، محملًا مسؤولية الأزمة الاقتصادية للمدنيين.

اقرأ/ي أيضًا: اتفاق الترتيبات الأمنية بين الحكومة والجبهة الثورية.. ضوء في آخر النفق

 وأكد البرهان أن المؤسسة العسكرية تمول عملياتها من شركات المنظومة الدفاعية، وأنها عرضت الشركات ذت الطبيعة المدنية للحكومة الانتقالية، لكنها لم تتحرك لاستلامها وهي عدد (221) شركة من جملة (421) شركة.

خطاب البرهان أمام الضباط والجنود بقاعدة وادي سيدنا العسكرية  جاء بعد خطابه أمام ضباط رتبة العميد فما فوق بالقيادة العامة قبل ساعات قليلة من خطابه الثاني، وفسر على أنه تململ للجيش من تصريحات المدنيين وعدم رضا من تحميل المسؤولية والحديث عن الشركات العسكرية.

ورغم أن بعض التكهنات ذهبت إلى أن التصريحات التي أدلى بها البرهان في خطابين مرتجلين تأتي في إطار صراع على رئاسة شركة زادنا، حيث طرح اسم والي نهر النيل السابق اللواء حماد عبد المحمود، لكن مصدر عسكري تحدث لـ"الترا سودان" استبعد تعيين حماد، وذكر أن التسريبات التي وردت في هذا الشأن غير صحيحة لجهة أن حماد بعيد عن العمل في الاستثمارات العملاقة، موضحًا بعد أن اشترط حجب اسمه أن "المؤسسة العسكرية لن تفرط في شركة زادنا، وأن الطاقم العامل من الشق المدني يتمتع بخبرة جيدة لإدارة الشركة".

ويفسر المصدر العسكري المقرب من البرهان تصريحاته الغاضبة والحانقة على المدنيين بوجود غضب من تحميل المسؤولية لشركات الجيش في تردي الوضع الاقتصادي، رغم أن هذا الأمر غير صحيح.

اقرأ/ي أيضًا: فوضى التطبيع تفتح النقاش عن مستقبل الانتقال الديمقراطي في السودان

وكان البرهان قد اتهم الحكومة المدينة بعدم تنمية مشاريع اقتصادية بعد عام من تسلم مهامها، مشيرًا إلى أن الثورة لم تحدث التغيير المطلوب وزادت الوضع سوءًا.

مصدر عكسري يستبعد تعيين والي نهر النيل السابق مسؤولًا لشركة زادنا 

كما أن الحديث الذي تطرق إليه بشأن الاستثمارات في السمسم والصمغ والعربي والتعدين والثروة الحيوانية يوضح الاتجاه الذي تعمل فيه الشركات العسكرية، حيث ذكر البرهان أن هذا القطاع واسع وأن شركات المؤسسة العسكرية لا تحتكره.

بدأت شركة زادنا في الظهور إلى السطح في الأعوام الأخيرة لنظام المخلوع بعد أن تصدرت معلومات وسائل إعلام عن وجود اتجاه لبيعها مع شركة جياد إلى مستثمرين من تركيا لفك الضائقة المالية التي عانى منها نظام المخلوع، باعتبارهما من أفضل الشركات المملوكة للقطاع العسكري والأمني، لكن سرعان ما خمدت هذه المعلومات وحدث تقارب بين مدير شركة زادنا السابق محمد أحمد الشايقي والرئيس المعزول عمر البشير، والذي كان يعتمد عليه في تمويل جزء من واردات السلع الأساسية نسبةً لشح العملات الصعبة والأزمة التي كانت تعاني منها حكومته.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت لجنة تفكيك النظام وازالة التمكين في مؤتمر صحفي، عن نزع أراضي شركة زادنا، لكن الشركة ردت على اللجنة بأنها لا تملك أراضٍ زراعية في المواقع التي ذكرتها لجنة التفكيك.

ويوضح المصدر العسكري أنه لا يمكن تمرير شركات ناجحة تدار بواسطة نظام إداري فعال وحققت نجاحات إلى الشق المدني، ولكن يمكن إخضاعها للمراجعة والإسهام في الناتج القومي، وهو الحديث الذي ظل يؤكده العسكريون المدافعون عن أيلولة الشركات للمؤسسة العسكرية.

ويقول المصدر العسكري إن "الحكومة بإمكانها تشييد عشرات الشركات التي تتفوق على شركات القطاع العسكري لأن الاستثمار متاح أمام الجميع، لكن يجب أن لا ترمي الفشل على الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية لأنها ليست السبب".

وأنشأت الشركات العسكرية بموجب قانون القوات المسلحة وظلت معفية من الضرائب والرسوم المختلفة، الأمر الذي قلل من سوق المنافسة وجعلها تحتكر الصادرات الحيوية بحسب ما يقول عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير محمد الهادي لـ"الترا سودان".

ويوضح الهادي قائلًا: "الشركات العسكرية معفية من الضرائب والرسوم ولا يمكن منافستها في السوق وهي أنشأت بموجب قانون القوات المسلحة والإعفاءات تشكل حماية لها".

اقرأ/ي أيضًا: الحكومة السودانية وحركات دارفور توقعان بالأحرف الأولى سبعة برتوكولات

ويضيف: "نسبة المال العام في الشركات التابعة للمنظومة الأمنية العسكرية تشكل (75) % بالتالي هي أسست بالمال العام، كما أن الشركات ذات الطابع المدني مثل الاستثمار الزراعي والصناعات الغذائية يجب أن تؤول إلى القطاع المدني في الدولة".

الهادي: شركات المنظومة العسكرية معفية من الضرائب والرسوم ولا تنفاسها أي شركة في الصادرات مهما بلغت من قوتها المالية 

ويتابع "قوى التغيير لا تعترض على الشركات ذات الطابع العسكري وتصنيع المعدات العسكرية بل هي على استعداد لدعمها ومساندتها لأنها تخلق جيشًا قويًا قادرًا على حماية البلاد".

ويشدد الهادي على أن الشركات التابعة المنظومة الدفاعية العسكرية تعمل في سوق لا تجد فيه منافسة من أي طرف اقتصادي أو قطاع خاص في ظل تمتعها بإعفاءات حكومية، ولا يمكن أن يتحسن الاقتصاد في ظل هذا الوضع.

والملاحظ في إصرار رئيس مجلس السيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان وفق متابعات "الترا سودان"، في خطابه بقاعدة وادي سيدنا العسكرية على أن شركات المنظومة العسكرية أسست من عائدات حرب اليمن وهي لتمويل احتياجات الجنود إلى جانب تمويلها للعمليات العسكرية في حدود السودان مع دول الجوار، كما صرح رئيس مجلس السيادة، يظهر تمسك العسكريين بالشركات بالتالي للخروج من المأزق يطرح اقتصاديون حلًا للطرفين.

ويقول الاقتصادي معتصم الأقرع لـ"الترا سودان": "الحل الوسط الذي يناسب الجميع أن تظل الشركات تحت إدارة الجيش وتمارس وزارة المالية الإشراف المحاسبي كاملًا ويتم تحويل كل الأرباح لدعم الموازنة العامة".

ويضيف الأقرع: "هذه الإجراءات تحتاج إلى حنكة وصلابة ومرونة معًا، لا تملكها الحكومة المدنية للأسف".

اقرأ/ي أيضًا: بين سعي "السيادي" وموقف قوى التغيير "الباهت".. ما مستقبل التطبيع في السودان؟

ويشير الأقرع إلى أنه يمكن الاتفاق مع الجيش على أن نجاح الفترة الانتقالية في مصلحته ومصلحة الجميع، وهذا النجاح يحتاج لمعالجة هذا الملف الملتهب سياسيًا وماليًا.

الأقرع: بعد هذه الإجراءات المهمة جدًا يتم تحويل كل الفائض للموازنة العامة، ومع بقاء الشركات تحت الإشراف الإداري للجيش، تشارك الحكومة في الإدارة

ويرى الأقرع أنه بعد الاتفاق على المبدأ يتم الحوار والتفاوض حول التفاصيل بين أعلى المستويات من الطرفين في الشق العسكري والمدني، لافتًا إلى أن موقف المدنيين يبدأ بالاعتراف بأهمية وجود جيش قوي وفعال بالتالي توفير التمويل اللازم، ومن ناحية أخرى إيقاف الصرف العسكري غير الضروري سواء بذخي أو فساد أو مجالات قليلة الأهمية.

وقال الأقرع: "بعد هذه الإجراءات المهمة جدًا يتم تحويل كل الفائض للموازنة العامة، ومع بقاء الشركات تحت الإشراف الإداري للجيش، تشارك الحكومة في الإدارة وتقوم بواجب الإشراف المحاسبي".

اقرأ/ي أيضًا 

"الداخلية" تلمح إلى إخفاق بعض قواتها في كسلا وتتعهد بالمحاسبة

الأمم المتحدة تحذر من مجاعة ستطال ربع سكان البلاد

الكلمات المفتاحية

ميناء سواكن.jpg

سواكن.. فوضى الميناء تهدد اقتصاد السودان

نظرات ندم وحزن اعتلت عيني "أحمد بابكر" العائد إلى السودان، بعد خمس سنوات قضاها مغتربًا بالمملكة العربية السعودية، منبع هذه الأحاسيس ما تعرض له في ميناء سواكن، من معاملة أقل ما توصف بأنها سيئة من قبل بعض العمال الذين سرقوا أمتعته وخربوا أشياءه بصورة فظة، مثلما قال لـ"الترا سودان".


الذهب - قطاع التعدين.jpg

الموارد المعدنية لـ"الترا سودان": إنتاج البلاد من الذهب بلغ 13 طنًا في شهرين

كشفت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن عودة أكثر من (65) شركة أجنبية للعمل في التعدين في البلاد، بعد مغادرتها بسبب حرب 15 نيسان/أبريل 2023.


الصمغ العربي.jpg

حرب السودان تهدد تجارة الصمغ العربي

يواجه الصمغ العربي السوداني، المكون الأساسي المستخدم في منتجات استهلاكية عالمية كالمشروبات الغازية والحلويات تهريبًا متزايدًا من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع


Wad Madani.png

ولاية الجزيرة.. منهوبات بمليارات الدولارات تحطم الطبقة الوسطى

خبير اقتصادي: عودة المواطنين إلى منازلهم لا تعني بداية حياة جديدة، بقدر ما أن هذه المرحلة قد تكون ضمن الصدمة الناتجة عن فقدان أحد أفراد العائلة، أو فقدان الممتلكات والأصول والأموال والذهب والحُلي

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert