نازحون يعانقون منازلهم في بحري.. الهروب من جحيم الإيواء
13 فبراير 2025
عانق مواطنون منازلهم بعد نزوح دام قرابة الـ(20) شهرًا، ونقلت حافلات مئات العائدين من مدن تقع شمال البلاد إلى بعض مناطق الخرطوم بحري، التي استردها الجيش من قوات الدعم السريع، في المدينة التي تقترب القوات المسلحة من استردادها بالكامل.
نقلت 20 حافلة منتصف هذا الشهر مئات النازحين من نهر النيل إلى أحياء الدروشاب والسامراب والحلفايا بالخرطوم بحري
ومنذ اندلاع القتال نزح قرابة (12) مليون شخص من المنازل. يمثل سكان العاصمة الخرطوم 60% من عدد النازحين، فالمدينة التي تتكون من أضلاع ثلاث مدن أصبحت شبه فارغة خلال الحرب خاصة مدينتي الخرطوم وبحري، فيما لا يزال أغلب النازحين بالخرطوم ينتظرون العودة ويأملون تقدم الجيش وإجبار قوات الدعم السريع على التراجع.
العودة من الموت
وكانت بعض شركات الاتصال أعادت خدمة الإنترنت والمحادثات في بعض الأحياء بالخرطوم بحري، سيما الحلفايا والخوجلاب، كما شوهد عمال الكهرباء يعيدون ترميم توصيلات الكوابل.
توفر القليل من الخدمات الأساسية دفعت المئات إلى العودة من مناطق النزوح شمال البلاد، سيما ولاية نهر النيل التي استقبلت غالبية النازحين من الخرطوم بحري، كونهما تفصل بينهما حدود الولايتين شمالًا.
تضررت الخرطوم بحري بالعمليات العسكرية منذ صبيحة 15 نيسان/أبريل 2023، ولم تجد قوات الدعم السريع صعوبة تذكر في الاستيلاء على غالبية الأحياء، معتمدة على معسكرات في المدينة انتشرت فيها قوات حميدتي، وهما معسكر سلاح المظلات ومعسكر هيئة العمليات بحي كافوري، ومعسكر آخر أقصى شمال بحري في منطقة حطاب.
وقال ماهر من سكان مدينة عطبرة لـ"الترا سودان" إنه شاهد عشرات النازحين يستقلون حافلة للعودة إلى الخرطوم بحري، في المناطق المستعادة بواسطة القوات المسلحة؛ كان الفرح على محياهم بعد معاناة طويلة مع النزوح والبقاء في مراكز النازحين، بالاعتماد على وجبات شحيحة وغياب الرعاية الجيدة.
وقال ماهر إن جهات خيرية تبرعت بتكلفة نقل النازحين من ولاية نهر النيل، والحكومة شجعت ذلك حتى تتمكن من تخفيف الضغط على مدن النزوح، وفي ذات الوقت إعادة إعمار المناطق المستردة ستكون سانحة جيدة بالتزامن مع عودة المواطنين إلى منازلهم.
الخدمات الحيوية.. التحدي الأكبر
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2024 تمكن المئات من سكان قرية السلمة شمال الخرطوم بحري من العودة إلى منازلهم عقب سيطرة القوات المسلحة على القرية وإنهاء وجود قوات حميدتي، فيما لا تزال الخدمات الأساسية حسب إفادات المواطنين غير منتظمة التي تشمل قطوعات الكهرباء والمرافق الصحية.
العودة شملت أيضًا مجموعات من مواطني أحياء الدروشاب والحلفايا والسامراب بالخرطوم بحري منتصف كانون الثاني/يناير 2025.
وقالت إسراء حماد، الناشطة الإنسانية لـ"الترا سودان"، إن الحياة بدأت تدب في أحياء الحلفايا والدروشاب والسامرات، ونشطت هناك خطوط المواصلات الداخلية، وشوهدت عربات "الرقشة" تعمل بين الأحياء، لقد شعر الناس بالارتياح لأنهم شاهدوا مناظر فارقوها منذ (21) شهرًا.
وأضافت إسراء حماد: "عندما وصلت الحافلات إلى الخرطوم بحري أطلقت النساء الزغاريد على الطريقة السودانية، لقد كان شعورهن مختلفًا حسب ما سمعت منهن، وهناك شعور أن الجيش قد يتمكن في أي لحظة من استرداد محلية بحري بالكامل".
وتابعت إسراء حماد: "وصلت 20 حافلة إلى أحياء الدروشاب والحلفايا والسامراب منتصف كانون الثاني/يناير 2025، ومن المتوقع خلال الشهر القادم وصول العديد من أفواج النازحين إلى بيوتهم، والتحدي الأكبر كيفية توفير الخدمات الأساسية وضمان الوضع الأمني وإخلاء الأحياء من عصابات النهب".
وتقول إسراء حماد إن حكومة ولاية الخرطوم تخطط خلال المرحلة إعادة تشغيل البنوك ومحطات الوقود، على أن تنهي أولًا تشغيل المخابز وإعادة خدمات الكهرباء إلى جميع الأحياء المُستعادة، لذلك من المهم أن يفكر مجلس السيادة كأعلى سلطة انتقالية حاكمة في كيفية إدارة المدن المستردة، لأن الناس ينتظرون الأجوبة من الحكومة.
الأمن والجوع
ويشير مصدر حكومي من مفوضية العون الإنساني في حديث لـ"الترا سودان" إلى أن عودة النازحين تشكل أولوية بالنسبة للدولة، خاصة في مجال القطاع الإنساني، ولا توجد صعوبة في عمل المنظمات في مناطق سيطرة الجيش سواء كان من الناحية الأمنية أو الحركة.
وقال المصدر الحكومي -مع الاشتراط في عدم نشر اسمه -إن عودة النازحين تعيد فتح الأسواق والأنشطة التجارية ويحصل الناس على فرص العمل وكسب المال، بالتالي يقل الاعتماد على الإغاثة، والمجتمع السوداني اعتاد على العمل وعدم الانتظار في صفوف الإغاثة، لذلك كلما توسع الجيش في استرداد المناطق كلما قل عدد الذين يعتمدون على الإغاثة، لأن توفر الأمن يعني حرية حركة المواطنين في الأسواق والحقول.
وتابع: "أنا على ثقة أن العديد من المزارعين في أرياف بحري والجزيرة في قرى الشبارقة، وحول ودمدني، سيتمكنون من لحاق العروة الشتوية أو الاستعداد
للعروة الصيفية".
الهروب من جحيم النزوح
ودفعت الأوضاع الإنسانية أفواج العائدين إلى تسريع عملية العودة مع ارتفاع تكلفة البقاء في المنازل بدفع إيجارات تتراوح بين (500) ألف ما يعادل (200) دولار أميركي شهريًا، وفي بعض الأحيان ترتفع قيمة الإيجار إلى مليوني جنيه ما يعادل (800) دولار أميركي، كما يعيش النازحون بمراكز الإيواء، أولئك الذين لم يتمكنوا من الحصول على منازل خاصة بالإيجار؛ وضعًا إنسانيًا قاسيًا وفق إفادات متطوعة تصل في بعض الأوقات إلى حدوث اضطرابات نفسية لكبار السن والنساء.
وتقول الحكومة المحلية بولاية نهر النيل إنها تستضيف ما لا يقل عن مليون نازح، على الرغم من مغادرة مجموعات إلى دولة مصر بطرق غير نظامية مع انسداد أبواب الحصول على التأشيرة من القنصلية المصرية.
وتقول الباحثة والعاملة في المجال الإنساني، سوسن عبد الكريم لـ"الترا سودان"، إن عودة النازحين إلى بعض المناطق في السوكي وسنار وسنجة وجبل مويه وودمدني وبعض أحياء الخرطوم بحري، يجب أن لا تكون من أجل الدعاية السياسية لبعض الجهات الحكومية.
وتشير سوسن عبد الكريم إلى أهمية التحلي بالمسؤولية إزاء مراقبة وضع العائدين بتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والاتصالات والمخابز والمراكز الصحية والأسواق في المرحلة الأولى، وتعيين معالجين اجتماعيين لإخضاع الأطفال والنساء وكبار السن إلى جلسات نفسية.
وترى سوسن عبد الكريم أن الحكومة تتعامل في كثير من الأحيان مع ملفات بنوع من عدم اللامبالاة، وتصب تركيزها على الدعاية السياسية أكثر من حصرها على توفير حياة كريمة للمواطنين الذين عانوا من ويلات الحرب.
عودة النازحين تعيد فتح الأسواق والأنشطة التجارية ويحصل الناس على فرص العمل وكسب المال
وتابعت: "على سبيل المثال عندما عاد الناس إلى بيوتهم خلال هذا الشهر لم تنشر الحكومة خارطة المناطق الآمنة التي يمكن العيش فيها، إلى جانب أهمية إسداء النصائح للعائدين إلى منازلهم بالمخاطر المتوقعة، وتقييم الوضع الأمني وتخصيص أرقام للطوارئ".
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.