مجتمع

مع الحرب.. الأوبئة تحاصر ولايات سودانية

28 September 2023
يصطف المرضى بمستشفى القضارف التعليمي لتلقي العلاج.jpg
يصطف المرضى بمستشفى القضارف التعليمي لتلقي العلاج (Getty)
محمد حلفاويصحفي سوداني

مع استمرار الحرب في شهرها السادس، تلاحق الأوبئة والحميات السودانيين أثناء معارك نزوحهم في الولايات، خاصة شرق البلاد بولاية القضارف وكسلا وحتى في أجزاء من العاصمة الخرطوم التي ما تزال تشهد عمليات عسكرية عنيفة.

عدم كفاءة النظام الصحي وتلاشي الإنفاق الحكومي يعدان من الأسباب الرئيسية لظهور الأوبئة في بعض الولايات

الكوليرا وحمى الضنك والملاريا ثلاثية مرعبة تلاحق السودانيين بالتزامن مع العمليات العسكرية الجارية في ثماني ولايات، حيث أدت إلى نزوح خمسة ملايين مواطن، مع تعقيد الوضع الاقتصادي للغالبية من النازحين.

شرق السودان

على ردهات المستشفى بمدينة القضارف يجلس المرضى ومرافقون في انتظار مناوبة الأطباء. أجسامٌ ترتعش من الحمى وبعضهم حمل على النقالات والبعض استخدم مقعدًا من المنزل لإحضاره إلى الطبيب.

في القرى المجاورة ومخيمات اللاجئين هناك تحذيرات عالية من تفشي الحميات في هذه الولاية مع نهاية فصل الخريف، ويبدو أن النظام الصحي المتهالك قرر أن يكف عن الصمود.

جملة الإنفاق الحكومي على النظام الصحي تكاد لا تذكر منذ سنوات تعود إلى ما قبل العام 2015، فالحميات التي عادت إلى شرق السودان رحلت عنها في العام 2017 مخلفةً موت العشرات في مدينة كسلا في ذلك الوقت.

مرضى ومرافقون بمستشفى القضارف التعليمي
امتلأت المستشفيات في القضارف بالمرضى جراء تفشي الحميات والكوليرا (Getty)

ينعكس تدهور الخدمة المدنية على النظام الصحي وتنعكس الحرب أيضًا على تراجع الإنفاق الحكومي على النظام الصحي إلى "درجة الصفر" كما يقول العاملون في مجال الصحة والبيئة.

يقول الطبيب مختار حسن إن الوضع الصحي كارثي في بعض مناطق شرق السودان، ومن المهم أن يكون التحرك على مستوى منظمات المجتمع المدني خاصة نقابة الأطباء، لأن التمويل الحكومي لمحاصرة الأوبئة غير متوفر، وحتى وإن توفر، فإن طريقة إدارة النظام الصحي عقيمة جدًا.

يقول حسن لـ"الترا سودان" إن المرضى يستلقون على أرضية المستشفيات من شدة فتك الحميات بأجسادهم الهزيلة التي لم تتلق الرعاية الغذائية المطلوبة نتيجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة واشتدادها بعد الحرب.

طبيبة كانت ترعى أفراد عائلتها الذين نزحوا أثناء الحرب من العاصمة الخرطوم رحلت عن الحياة بسبب حمى الضنك التي فتكت بها؛ بدا والدها الذي تحدث إليه "الترا سودان" متحسرًا ولم يعد قادرًا على الرد.

غرب السودان

ومع كل يوم يمر تزداد وتيرة الحميات والأوبئة، وحتى الملاريا عادت بقوة في مدينة الفاشر وسط تقارير تؤكد وصول عشرات الحالات إلى المستشفيات في ظل وضع أمني هش ومخاوف من عودة القتال مرة أخرى إلى المدينة الواقعة في شمال دارفور، وتجاوزت بصعوبة مواجهات بين الجيش والدعم السريع بناءً على هدنة هشة.

أطباء يفحصون عينات مرضى بمستشفى القضارف التعليمي
على الرغم من الجهود للحد من انتشار الوبائيات إلا أن نقص التمويل وغياب الإنفاق الحكومي يحدان من السيطرة عليها (Getty)

يرى المستشار السابق في منظمة دولية علي الحاج، في حديث لـ"الترا سودان"، إن الأوبئة نتيجة حتمية في البلدان التي تخوض صراعات مسلحة، لأن السلطة القائمة تكون مشغولة بالإنفاق العسكري لا الانفاق على القطاع الصحي.

غياب الحكومة

ويقول الحاج إن إدارة النظام الصحي لا تحتاج إلى طاقم حكومي بقدر حاجتها إلى تفعيل المراكز الصحية والاهتمام بصحة البيئة بإعادة مكاتب الصحة من المحليات إلى وزارة الصحة الولائية، وتمويل حملات الرش والوقاية من الأوبئة قد لا يتجاوز نصف التكلفة الضرورية للقضاء على الأوبئة.

وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد الإصابات بالكوليرا في شرق السودان بـ(162) حالة مؤكدة.

خبير: الأوبئة عادة تستوطن في البلدان التي لا تتخذ تدابير كافية للحد منها والقضاء عليها نهائيًا وفق خطط معروفة لدى منظمة الصحة العالمية

ويلفت الحاج إلى أن الأوبئة عادة تستوطن في البلدان التي لا تتخذ تدابير كافية للحد منها والقضاء عليها نهائيًا وفق خطط معروفة لدى منظمة الصحة العالمية، أبرزها التمويل المالي وكفاءة الإدارة الصحية الحكومية والشفافية والتوظيف السليم للكوادر الصحية وعمليات التدريب.

ويضيف: "جميع هذه المعايير لا تتوفر في السودان حاليًا".

بانر الترا سودان

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert