مجتمع

مع اقتراب رمضان..معاناة الوضع المعيشي في السودان

26 فبراير 2024
سفرة رمضان في السودان.jpg
سفرة رمضان في السودان
محمد حلفاويصحفي سوداني

لا يمكن ملاحقة أسعار السلع الغذائية في السودان، بما في ذلك مناطق تشهد قتالًا ضاريًا بين الجيش والدعم السريع، لا سيما العاصمة الخرطوم ومدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان.

يقول ناشط في غرف الطوارئ  إن خدمة ستارلينك قد تنقذ عشرات المطابخ الجماعية في العاصمة الخرطوم من أجل تقديم وجبتي الإفطار والعشاء

منذ بداية القتال بين الجيش والدعم السريع وسعر الصرف يرتفع بشكل متوالي في السوق الموازي، خاصة في الولايات خارج دائرة الصراع، مثل البحر الأحمر والقضارف وكسلا وسنار والنيل الأزرق ونهر النيل وجنوب كردفان وغرب كردفان والشمالية.

 اعتمدت الأسواق المحلية في السودان عقب اندلاع الحرب على السلع المستوردة، وضاعف ذلك خروج مشاريع زراعية من دائرة الإنتاج، عقب اجتياح الدعم أجزاء من ولاية الجزيرة منذ 19 كانون الأول/ديسمبر 2023.

 في متجر البيع بالتجزئة، والذي يديره عثمان في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، العاصمة الإدارية للحكومة القائمة في السودان، لا يمكن معرفة أسعار السلع قبل حلول العاشرة صباحًا، وهو التوقيت الفعلي لمعرفة سعر الصرف للجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي، ولا يمكن بيع السلع دون معرفة هذه المعلومة، ويعود ذلك إلى أن أغلب هذه السلع مستورد، بما فيها المياه المعبأة التي لم يعتد السودان على استيرادها قبل الحرب، لوجود عشرات المصانع في العاصمة قبل خروجها عن الخدمة منذ منتصف نيسان/أبريل 2023.

يقول عثمان لـ"الترا سودان"، إن أسعار السلع الاستهلاكية تضاعفت بنسبة 150% عما كانت عليه في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، نتيجة لتسارع وتيرة سعر الصرف في السوق الموازي، متوقعًا استمرار السلع في الصعود.

ويوضح عثمان أن عائلة واحدة بحاجة إلى إنفاق (1200) دولار شهريًا لشراء الضروريات فقط، مثل البقوليات والسكر والمواد التموينية، وإذا قررت الاستغناء عن بعض السلع فهي قد تضطر إلى ذلك بسبب ارتفاع السعر ومقابلة متطلبات أخرى مثل السكن والنقل.

وبلغت نسبة التضخم في كانون الثاني/يناير لهذا العام 197%، متجاوزة  التضخم في كانون الأول/ديسمبر من العام السابق بنسبة 35%، وذلك نسبة لارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي.

ومع اقتراب شهر رمضان، يخيم الإحباط على المجتمعات التي تعيش في السودان، سواء كانت في المناطق التي تشهد القتال أو خارج دائرة الحرب، وذلك وفقًا لما يقول الباحث الاقتصادي أحمد بن عمر، والذي يتوقع تراجع خطط السودانيين إلى الاكتفاء بالضروريات الملحة في هذا الشهر، أو عدم التمكن في بعض الأحيان من تدبير السلع الضرورية لشح المال، خاصة مع انقطاع شبكات الاتصال منذ السادس من شباط/فبراير الجاري.

 ورغم شبح الحرب الذي يلقي بظلاله على السودانيين، لا يزال هناك من يتمسك بالأمل ويعمل على إحياء هذا الشعور بداخله من خلال إعداد "الآبري"، وهو مشروب محلي يتكون من الذرة والتوابل والبلح، وعندما تتم عملية استخلاصه في المنزل يطلق عليه "الحلومر" لأن مذاقه يخلط بين الاثنين معًا.

 سلمى سيدة تقطن وسط مدينة كسلا شرقي البلاد، أعدت "الآبري" في المنزل مع جمع من نساء الحي، وتمكنت من مساعدة ثلاث سيدات، وقدمت لكل واحدة منهن  صندوقًا من "الآبري"، لأنهن اضطررن للنزوح إلى كسلا من الخرطوم قبل أشهر.

تقول سلمى لـ"الترا سودان": "ربما أحيانًا نشعر بالإحباط من الآثار التي أفرزتها الحرب، لكن الحياة مستمرة وعلينا أن لا نتوقف عن الحلم، وعن تقاليدنا التي درجنا عليها منذ سنوات طويلة".

 وأنفقت سلمى قرابة (300) ألف جنيهًا، أي ما يعادل (250) دولارًا أمريكيًا لتجهيز "الآبري"، بالنسبة لهذه السيدة فإن هذا التكلفة عالية، لكن كان ينبغي أن تنفق هذا المبلغ حتى تتمكن من حل مشكلة المشروبات في شهر رمضان.

بينما تبلغ تكلفة طحين الدخن والذرة نحو (70) ألف جنيهًا، لعبوات قد تكفي خلال شهر رمضان، دون إضافة تكلفة التوابل والخضروات وزيت الطعام إلى قائمة طلبات الشهر الكريم.

 أما بالنسبة للمجتمعات التي تقيم في المناطق الساخنة، مثل الخرطوم وإقليم دارفور وبعض أجزاء كردفان الواقعة تحت الاشتباكات العسكرية بين الجيش والدعم السريع، فإن الوضع المعيشي ينحدر إلى الأسوأ حسب نشطاء يعملون في لجان الطوارئ.

ناشط مجتمعي: أسعار الغذاء ارتفعت بشكل ملحوظ خلال هذا العام، وينذر ذلك بكارثة إنسانية، والأولوية الآن لإطعام مئات الآلاف من العالقين في العاصمة الخرطوم

 قال زاهر الذي يعمل على تنسيق حملات التبرعات لبعض الأحياء شرق العاصمة الخرطوم لـ"الترا سودان"، إن أسعار الغذاء ارتفعت بشكل ملحوظ خلال هذا العام، وينذر ذلك بكارثة إنسانية، مؤكدًا أن الأولوية الآن لإطعام مئات الآلاف من العالقين في العاصمة الخرطوم، ومع توقف المحافظ الإلكترونية نواجه مشكلة في إرسال المال إلى الأعضاء العاملين في غرف الطوارئ.

 وأضاف: "إذا جرى تعميم خدمة ستارلينك في المطابخ الجماعية، يمكن تنظيم الإفطارات في شهر رمضان إلى جانب وجبة العشاء، ويمكن معالجة وضع الأطفال والمرضى الذين لا يمكنهم الصوم ، والسودانيون في حربهم ومعاناتهم لن يترددوا في الاحتفال بقدوم رمضان كل على طريقته وحسب إمكانياته".

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert