معرض الخرطوم لـ(حظر) الكتاب
27 أكتوبر 2015
في تشرين الأول/أكتوبر من كل عام يشهد السودان فعاليات "معرض الخرطوم الدولي للكتاب"، وتصاحبه أحداث ثقافية مثيرة للاهتمام، وقد انعقد المعرض هذا المرة بمشاركة 267 دار نشر عربية وأجنبية إضافة إلى دور النشر السودانية.
الإنتاج السوداني من الكتب لا يرضي أحيانًا السلطة الحاكمة وتتعرض بالتالي إلى المصادرة والحجب
الثابت في الآونة الأخيرة أن النتاجات السودانية لا ترضي السلطات في كثير من الأحيان، ولذلك تتعرّض العديد من الروايات والكتب للمصادرة والحجب، بذرائع مختلفة، من بينها بالطبع متلازمة الدين والجنس والسياسة، وهي محاذير تتسع أحيانًا لتشمل محاذير أخرى.
بعد أيام قليلة من انطلاق المعرض هذا العام، فوجئ الزوار بمصادرة أربع روايات وكتاب واحد هي "بستان الخوف" للروائية أسماء عثمان الشيخ، ورواية "أسفل قاع المدينة" للكاتب إيهاب عدلان، ورواية "سيرة قذرة" للكاتب محمد خير عبد الله، ورواية "ساعي الريال المقدود" لمبارك أردول، وكتاب "هل أخطأ السلف؟" محمد البدوي المصطفى، وكلها من إصدارات "دار أوراق" المهتمة بنشر الأدب السوداني. وكان نفذ، في اليوم الأول من المعرض، 500 نسخة من رواية "أسفل قاع المدينة"، وتكفلت دار النشر بتوفير نسخ أخرى في اليوم التالي، قبل أن يتم مصادرتها ومنعها من البيع دون أسباب معلنة.
ويقول الكاتب مبارك أردول، المعارض للنظام السوداني وصاحب رواية "ساعي الريال المقدود" لـ"ألترا صوت": "هذا أول عمل روائي منشور لي وليس لدي أدنى شك بأن روايتي تدفع ثمن مواقفي السياسية ومعارضتي للنظام". ويشير إلى حملة تحريضية تزامنت مع المعرض عجلت بعملية المصادرة. ويتهم أردول من قام بمصادرة روايته بـ"أعداء للوعي والاستنارة". وحول محتوى الرواية، يقول أردول أنها "تعرض أشكال الاضطهاد والقهر الثقافي التي حدثت للمجتمعات السودانية المختلفة، وعسكت نمطًا أخر، لم تتح له فرصة الظهور بشكل يصور النقاء الإنساني والقرب من ملكوت الله حسب تخيل المجموعات المضطهدة".
هذه ليس المرة الأولى التي تتعرّض فيها رواية أو كتاب للمنع والمصادرة في السودان، فقد منعت رواية الأديب الراحل الطيب صالح "مؤسم الهجرة إلى الشمال" من التداول من قبل باعتبارها "تتناول الجنس بشكل فاضح"، مما منحها شهرة واسعة. ومن بين أكثر الكتب المحظورة في السودان كتب السياسة، تتناول الفساد أو تهاجم النظام مثل كتاب "الخندق" للكاتب فتحي الضوء، وكتاب "المحبوب عبد السلام" الذي يؤرخ لحقبة مهمة في حكومة الإنقاذ "الحركة الإسلامية دائرة الضوء وخيوط الظلام"، علاوة على روايات وسمت بأنها منافية للذوق والأخلاق مثل رواية "الجنقو مسامير الأرض" لعبد العزيز بركة ساكن، ورغمًا عن المنع إلا أنها تحظى بتداول واسع وتباع بشكل علني على أرصفة المدينة.
كل هذه الكتب الممنوعة لا تختفي سريعًا من الذاكرة، وكثيرًا ما يقاوم الكتاب المنع بأساليب مختلفة، منها التضامن الشعبي الواسع، واللجوء إلى مواقع الإنترنت لنشرها، وهنا يشير حمور زيادة إلى أن "الحظر في زمن الفضاءات المفتوحة نوع من العبث".
حمور زيادة: "الحظر في زمن الفضاءات المفتوحة نوع من العبث"
ويضيف حمور لـ"ألترا صوت": أنه "ليس من حق أي سلطة سياسية أو اجتماعية أو دينية أن تكون وصية على الكاتب والقارئ، ويعتبر القارئ الحكم وصاحب الحق في الاختيار، كما أعتقد أن منع أي كتاب ورقي من التداول يساعد في انتشاره بنسخ على الإنترنت". في هذا السياق، يشير الناقد الأدبي عز الدين ميرغني إلى أن "الروايات التي مُنعت من المعرض تباع بضعف أسعارها في الخارج، ونالت شهرة ما كان لها أن تنالها، وجزء منها كما يردد البعض تحتوي على مشاهد جنسية شاذة وفاضحة، لكن المنع جعلها مرغوبة وتباع تحت الرف حتى داخل المعرض".
وبخصوص قانون الملكية الفكرية والمصنفات، يقول ميرغني لـ"ألترا صوت": "القانون يتيح للجهات المعنية مصادرة أي مطبوع يدخل دون رقم إيداع إذا كان مخلًا". أما مجاهد عبد الرحمن، مدير معرض الكتاب فلم يوضح أسباب منع الروايات أعلاه، ولكنه يشير إلى "وجود لائحة تضبط عمل لجنة المصنفات".
يقول عبد الرحمن: "دور النشر في العادة ترسل قوائم إصداراتها ويتم فحصها، والسماح لها بعد ذلك، وإذا تعارض محتوى الإصدار مع العادات والتقاليد السودانية يتم رفضه". وبخصوص مصادرة الكتب بعد عرضها، ينفي مدير المعرض أي أثر لحملة تحريضية، ويشير: "إلى وصول ألف وثلاثمائة طن من الكتب هذا العام، مما جعل عمل لجنة المصنفات عسيرًا وصعبًا، وبالتالي تم التحفظ على تلك الروايات بعد فحصها في اليوم الثالث، نتحمل مسؤولية ما ينشر من كتب فالمعرض تقبل عليه الكثير من الأسر السودانية".
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"
تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.

معرض كتاب مصغر للمؤلفات السودانية بدار تجمع الفنانين في القاهرة
أعلنت مجموعة من دور النشر السودانية عن إقامة معرض كتاب مصغر للناشرين والكتاب السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من "10 إلى 17" من شهر رمضان المكرم.

"مذكرات جثة منتفخة بالحياة" نصوص قصصية تنبش في أعماق الحرب
عن "دار زهرات البيدر للنشر" وتنسيق وإشراف منصة "منتدى السرد والنقد"، صدرت المجموعة القصصية "مذكرات جثة منتفخة بالحياة"، ويضم الكتاب خمس نصوص عن الحرب، لنخبة من كُتاب وكاتبات القصة، مصحوبة بدراسات نقدية من أقلام مُفكرة.

أسئلة حارقة: ثلاث روايات تناولت الحروب في السودان
الحرب واحدة من الموضوعات الرئيسية التي اشتغلت عليها الرواية السودانية، لاسيما كُتاب ما بعد "الجيل التسعيني"، الجيل الذي تزامن اشتغاله بالسرد مع اتساع رقعة الحروب في السودان، وتأزم الأوضاع عامة في البلاد، قبل أن تصل مرحلة الانفجار الكبير في حرب الخامس عشر من أبريل 2023.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.