أسئلة حارقة: ثلاث روايات تناولت الحروب في السودان
22 فبراير 2025
الحرب واحدة من الموضوعات الرئيسية التي اشتغلت عليها الرواية السودانية، لاسيما كُتاب ما بعد "الجيل التسعيني"، الجيل الذي تزامن اشتغاله بالسرد مع اتساع رقعة الحروب في السودان، وتأزم الأوضاع عامة في البلاد، قبل أن تصل مرحلة الانفجار الكبير في حرب الخامس عشر من أبريل 2023.
وفق أساليب متباينة حاولت الروايات الثلاث الاشتباك مع موضوع الحرب وطرح أسئلتها
يمكن الإشارة إلى عشرات الروايات السودانية الحديثة التي تناولت الحرب بصورة رئيسية في متنها الروائي، أو بوضعها خلفية – مظلة سردية لا يمكن تجاوزها لإكمال البناء الفني للعمل المتناول.
في هذا المقال القصير سأركز على ثلاث روايات، رأيت أنها تناولت موضوع الحرب بشكل رئيسي وفقًا لإدماج ناجح للشروط الموضوعية للكتابة الروائية.
صقر الجديان
تشتغل رواية صقر الجديان على أطول الحروب في القارة الأفريقية، حرب الجنوب "1954 - 2005" بكل مآسيها وفظائعها وما كانت تختزنه من مآلات تقود إلى انفصال جنوب السودان عن شماله.
في هذا العمل المهم استطاع الروائي محمد سليمان الفكي الشاذلي أن يخلق توليفة بنائية غريبة من "الرعب والجمال"، فأحداث الرواية منذ أسطرها الأولى وإلى نهايتها تدور حول الموت والتعذيب والفظائع التي تصاحب الحروب الأهلية، بيد أن الكاتب استطاع أن يسجل كل ذلك مستخدمًا لغة سردية تقترب في جمالها ورقتها من الشعر المحض.
تحكي الرواية قصة صحفي يلتحق حديثًا بمهنة "مراسل حربي"، يتم ابتعاثه إلى أرض الحرب في أدغال الجنوب، لكنه يجد نفسه متورطًا في وقائع مرعبة رفقة قائد الكتيبة التي انضم إليها، ويلقب – للمفارقة – بـ"صقر الجديان"، الرمز السيادي لدولة السودان.
تعكس الرواية حجم العنف والألم الذي تخلفه الحروب، وما ينتج عنها من أحقاد وتنامٍ للعواطف الشريرة التي قد تصل بالمرء إلى حد الجنون. وإن أردنا تلخيصًا فنيًا مختصرًا لهذا العمل السردي المهم فيمكن وصفه بأنه: "بناء سردي محتشد بالجمال اللغوي يرشح بالدموع ويفيض بأشلاء البشر ودمائهم".
7 غرباء في المدينة
عُرف الروائي السوداني أحمد حمد الملك بقدراته الفائقة في استخدام تقنيات مدرسة "الواقعية السحرية"، ويظهر ذلك في كل أعماله الروائية، التي اشتغل فيها بكثافة على موضوعات تتعلق بأزمات السودان في الحكم والسياسة والمجتمع.
في روايته "7 غرباء في المدينة" يستخدم هذا الروائي المبدع تقنيات "الواقعية السحرية" في استكناه آثار الحرب في إقليم دارفور (2003 – 2018)، متتبعًا في أسلوب ساخر ممزوج بالغرائبية مصائر سبعة من الغرباء في إحدى المدن الهامشية في دارفور عند أقصى حدود السودان جهة الغرب، حين يجد عريف في الشرطة نفسه متورطًا للتعويض عن سجين هارب محكوم عليه بالإعدام باختيار أقرب شخص يصادفه أو ترمي به المقادير إلى زنازينه البائسة، ليكون بديلًا في لعبة الموت التي تغطي البلاد.
خيارات الرقيب "عبدالحي" للإفلات من تهمة الخيانة العظمى بعد تساهله في هروب السجين – المتمرد – إثر منادمته إياه في تناول الخمر، هذا الخوف من التهمة يقوده إلى اقتحام "أنداية" مشرب شعبي لتناول الخمور، وهناك يصادف وجود الغرباء السبعة، ومن هنا تبدأ الرواية في سرد سير حيوات بائسة لشخوص أثرت الحروب والأزمات المتفاقمة في البلاد في تكوين مصائرهم سلفًا.
تقدم 7 غرباء في المدينة نقدًا ساخرًا لفعل الحرب على المستوى الفردي، وما يمكن أن تحدثه من تدمير نفسي يمس الجميع دون تفريق بين "عسكري" و"متمرد" وشخص عابر رمت به الأقدار في طريق الهلاك.
الأشوس
ربما تُعد رواية "الأشوس الذي حلَّقتْ أحلامُه مثلَ طائرةٍ مُسيَّرة"، لعبد العزير بركة ساكن، أول عمل روائي يحاول رصد ومساءلة حرب الخامس عشر من أبريل. ورغم ما أثارته الرواية من ردود أفعال قبل وبعد صدورها، ومحاولة البعض وصفها بالعمل السياسي المؤدلج لصالح فئة من الفئتين المتحاربتين، إلا أن الأشوس ومن حيث موضوعها وتقنياتها لا تخرج عن كونها عمل روائي ناجح استطاع مناقشة موضوع الحرب من الزاوية السردية – الحكائية.
تتخذ رواية الأشوس من مدينة ود مدني فضاءًا سرديًا لأحداثها، وتسخر الزمن الواقعي لأحداث الحرب السودانية منطلقًا لبداية الوقائع وتصاعدها، بعد اقتحام قوات الدعم السريع للمدينة والسيطرة على ولاية الجزيرة، وارتكاب أفرادها لعدد هائل من الانتهاكات ضد سكان الولاية.
تحاول رواية الأشوس إزالة "القشرة" المثالية التي تستخدمها قوات الدعم السريع كخطاب مظلومية يبرر خوض هذه الحرب المدمرة، وباختيار أحد قادة الدعم السريع ليكون بطلًا للرواية "الأشوس اللواء أركان حرب وردان وَدِ الفيل" يتعرف القارئ مع تصاعد الأحداث على زيف هذا الخطاب، كما يعيد استكشاف تلك الفظائع – المعاصرة – التي ارتكبتها هذه القوات ضد السودانيين تحت ذريعة استعادة الديمقراطية ومحاربة "الفلول" وغيرها من شعارات رفعها قادة الدعم السريع.
سبق لبركة ساكن مناقشة الحروب السودانية في أكثر من عمل روائي وقصصي، وتعد رواية "مسيح دارفور" التي اتخذت من حرب دارفور ونقد "الجنجويد" موضوعًا، أحد أشهر أعماله التي تناولت الحروب في السودان، والناظر إلى روايته الأخيرة "الأشوس" سيجد أنها امتداد لـ"مسيح دارفور" ولمجمل مشروع الروائي الشهير المنشغل بتشريح واقع بلاده سرديًا.
وفق أساليب روائية مختلفة ومتباينة حاولت الروايات الثلاث الاشتباك مع موضوع الحرب، والولوج عبره إلى مجمل أزمات البلاد، طارحة على شخوصها وفي ثنايا أحداثها أسئلة حارقة عن المعنى والمصير لما يجري، وجرى، في أرض السودان.
الكلمات المفتاحية

الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"
تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.

معرض كتاب مصغر للمؤلفات السودانية بدار تجمع الفنانين في القاهرة
أعلنت مجموعة من دور النشر السودانية عن إقامة معرض كتاب مصغر للناشرين والكتاب السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من "10 إلى 17" من شهر رمضان المكرم.

"مذكرات جثة منتفخة بالحياة" نصوص قصصية تنبش في أعماق الحرب
عن "دار زهرات البيدر للنشر" وتنسيق وإشراف منصة "منتدى السرد والنقد"، صدرت المجموعة القصصية "مذكرات جثة منتفخة بالحياة"، ويضم الكتاب خمس نصوص عن الحرب، لنخبة من كُتاب وكاتبات القصة، مصحوبة بدراسات نقدية من أقلام مُفكرة.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.