مجتمع

كيف ساهمت "الكارو" في نقل النازحين من الجزيرة إلى المناطق الآمنة؟

13 فبراير 2025
Trailer or carro in the Sudan war.png
الكارو في حرب السودان
محمد حلفاويصحفي سوداني

مقطورة تتحرك بإطارين، تقودها الدواب، تتحرك بين الحقول ومنازل المزارعين، خاصة في ولاية الجزيرة. خلال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، تحولت إلى وسيلة نقل شائعة بسبب انعدام السيارات، التي تعرضت إلى النهب، وشح الوقود إذا توفرت مركبات محدودة العدد.

تقول الشرطة إن قوات الدعم السريع نهبت نحو 150 ألف سيارة حتى نهاية العام الماضي، لكن الإحصائيات تشير إلى أن الرقم تضاعف ثلاث مرات 

تشير الإحصائيات حتى نهاية العام، إلى أن الشرطة تلقت بلاغات بنهب (150) ألف سيارة، أغلبها في العاصمة الخرطوم خلال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. أغلب من قيدوا البلاغات قالوا إن جنود يتبعون لحميدتي هم من أجبروا ملاك السيارات على الترجل منها، إما في الطرق البرية أو داخل الأحياء أو المنازل.

لجأ السكان إلى "مقطورة الدواب" أو "الكارو" كما يسميه السودانيون، خاصة سكان القرى، من يقيمون وسط المشاريع الزراعية، كونها من الحلول السهلة التي لا تتطلب توفير الوقود أو الطاقة الكهربائية، يكفي أن يكون الإطاران المطاطيان بحالة جيدة وملأى بالهواء.

يشمل عمل "المقطورة" الأسواق الشعبية لنقل السلع من الشاحنات إلى المستودعات، أو إلى المتاجر الصغيرة. على الأغلب، يمتهن عامل قيادتها من خلال وضع "اللجام" على  "الحمار" أو "الحصان". الأخير أعلى سعرًا لأنه يعمل في الطرق الوعرة، ولديه قدرة التحمل لساعات طويلة.

يقول مصعب محمد الهادئ الناشط في رصد انتهاكات ولاية الجزيرة  لـ"الترا سودان"، إن المقطورة أو الكارو ساعدت النساء والأطفال والمسنين والمرضى على تحمل رحلات النزوح، وإن كان يسير بشكل بطيء، في نهاية المطاف يصل إلى وجهته بأمان.

ويرى الهادئ أن قوات الدعم السريع، عندما تهاجم قرى ولاية الجزيرة يضطر السكان الى البحث عن هذه المقطورات البدائية، لأنها غير مستهدفة بالنهب من عناصر قوات حميدتي، فهي بطيئة وغير فعالة.

وتابع: "في بعض القرى منع السكان من استخدام الكارو بواسطة هذه القوات لغرض الانتقام فقط، وفي بعض الأحيان أطلقوا الرصاص على الدواب حتى يفقد النازحون وسيلة النقل التي بحوزتهم".

جرى استخدام المقطورة في بعض مناطق الجزيرة كوسيلة عمل مقابل الأجر المالي، وقال نازحون من قرى جنوب الجزيرة مثل قرية فارس إنهم غادروا منازلهم بدفع مئات الآلاف من الجنيهات لعمال وسائل النقل البدائية "الكارو"، لأنها كانت الخيار المتاح أمامهم للهرب من بطش قوات حميدتي.

وتوفيت ثلاث نساء على الأقل أثناء رحلات النزوح من شرق الجزيرة إلى محليات الفاو وحلفا الجديدة وكسلا، فارقن الحياة في طرق ترابية شبه صحراوية لانعدام الرعاية الصحية والغذاء المناسب، وهن في حالة على وشك المخاض.

أطلق عاملون في المجال الإنساني نداءات للمنظمات ووزارة الصحة الاتحادية لنشر سيارات الإسعاف على طرق النزوح، لإنقاذ المرضى والمسنين والأطفال والنساء الحوامل.

يقول ياسر فتح العليم الذي تابع حركة النزوح بين شرق الجزيرة، مرورًا بمنطقة البطانة، إن الأوضاع الإنسانية حرجة. فقد دفعت هجمات الدعم السريع عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح. حتى القرى الآمنة والتي لم تصلها هذه القوات فضلت المغادرة بدلًا من انتظار دورها في الانتهاكات المروعة التي أرتكبت بحق المواطنين، واستباحة مناطق بأكملها، ودفع سكان قرى كاملة إلى النزوح بقوة السلاح.

وتابع: "أخبر بعض جنود حميدتي المواطنين في قرى مثل السريحة والعزيبة، لا تحرصوا على إغلاق أبواب منازلكم، لن تجدوا القرية عندما تعودون يومًا ما، لقد شعر الرجال بالصدمة من المآسي التي شاهدها الأطفال والنساء".

يقلل عبد العليم من الإحصائيات التي أصدرتها الأمم المتحدة بنزوح 45 ألف شخص من مناطق شرق الجزيرة نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2024، على خلفية الهجمات الانتقامية لانشقاق قائدها أبو عاقلة كيكل وانضمامه للجيش. ويقول إن الإحصائيات لا تقل عن 180 ألف شخص، لأن الحملات الانتقالية شملت 45 قرية وست مدن كاملة مأهولة بعشرات الآلاف من النازحين.

انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب في الجزيرة، خاصة الجزء الشرقي عقب إعلان قائد الدعم السريع في الولاية أبوعاقلة كيكل الانحياز إلى القوات المسلحة. ونقل مجموعة صغيرة من المقاتلين للقتال إلى جانب الجيش، منذ 20 تشرين الأول/أكتوبر 2024.

تطورت الأحداث شرق الجزيرة، وسيطر الجيش على مدينة تمبول إحدى المدن الرئيسية، مستغلًا انتشار قوات منحازة إلى كيكل. سرعان ما ردت قوات الدعم السريع بهجوم مباغت واستعادت المدينة، وخسر الجيش قائده العسكري برتبة عميد وهو من أبناء منطقة البطانة.

وتعارض بعض الأصوات على الرغم من مناصرتها القوات المسلحة، خطوة انحياز كيكل، وذلك بناءً على ردود الأفعال التي صدرت من قوات حميدتي بالحملات الانتقامية، فهذه الأصوات ترى أن الحفاظ على حياة آلاف المدنيين أفضل من الذهاب نحو صفقة مع شخص قد يكون مطلوبًا للعدالة في المستقبل.

أفاد عضو في مؤتمر الجزيرة "الترا سودان" أن الهجمات الانتقامية لقوات الدعم السريع شملت حرق المحاصيل الزراعية في منازل المواطنين والحقول

ويعتقد عبد العليم أن وكالات الأمم المتحدة، غير قادرة على التعامل مع الآثار الناتجة عن انتهاكات الدعم السريع شرق ولاية الجزيرة، وحتى المحليات تواجه حركة نزوح فوق طاقتها القصوى، بالتالي الحل في إنشاء مخيمات تتبع للأمم المتحدة لحماية المدنيين من بطش قوات الدعم السريع، والتي قد تلاحق الفارين في قرى البطانة.

وقال مؤتمر الجزيرة وهو مرصد لمراقبة الانتهاكات في الولاية، إن هجوم الدعم السريع على شرق الجزيرة أسفر عن مقتل (300) شخص في مدينة تمبول، وقتل حوالي (130) شخصًا في قرية السريحة وتشريد السكان من عشرات القرى.

أفاد عضو في مؤتمر الجزيرة "الترا سودان" أن الهجمات الانتقامية لقوات الدعم السريع شملت حرق المحاصيل الزراعية في منازل المواطنين والحقول، وتدمير ألواح الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها مضخات المياه في القرى، نتيجة انقطاع الكهرباء بسبب العمليات العسكرية، "لقد أرادوا إنهاء الحياة بالكامل في تلك القرى، حتى لا يفكر سكانها للعودة مرة أخرى" يضيف العضو.

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert