قرية "الكيلو 20".. خارج ذاكرة الدولة داخل قلب الوطن
26 أغسطس 2020
أورد "ألترا سودان" نقلًا عن مديرة إدارة الصحة والمسؤولة المكلفة بوزارة الصحة بولاية النيل الأبيض، الدكتورة سارة لافينيا، إن قرية "كيلو 20" بالولاية تقع خارج ذاكرة الدولة، في إشارة لانعدام التنمية والخدمات وتجاهل الحكومة لسكان القرى.
عضو لجنة المقاومة: القرية ظلت مجاورة لمشروع شركة عسلاية لإنتاج قصب السكر، حتى حدث توسع للمشروع لنجد أنفسنا داخل حدود الشركة
وأضافت مسؤولة الصحة بالولاية، من داخل القرية مخاطبةً سكان القرية المشار إليها قائلةً: "بحكم مسؤوليتنا أعتذر لأهلنا في قرية "كيلو 20" بمنطقة عسلاية محلية ربك".
اقرأ/ي أيضًا: فيضان "الزومة".. دمار عشرات المنازل والأهالي يستغيثون
وأوضحت المسؤولة الحكومية أن قرية "كيلو 20" والكثير من المناطق ظلت خارج ذاكرة الدولة عهودًا طويلةً من الزمان، وأكدت أنها وجهت بإقامة وحدة صحية في القرية، داعيةً المنظمات والخيرين ومن لهم صلة بالأمر للعمل على مساعدة مواطني القرية.
العبور لقرى مجاورة من أجل التعليم
بدأ نائب رئيس لجنة مقاومة القرية، محي الدين محمد، في سرد تاريخ نشوء القرية قائلًا، إن حدود القرية ظلت مجاورة لمشروع شركة عسلاية لإنتاج قصب السكر حتى بدايات الألفية، حيث حدث توسع للمشروع، لنجد أنفسنا داخل حدود الشركة.

وزاد محي الدين بالقول، إن وجودهم داخل هذه الحدود الجديدة، ساهم بالضغط على أحوالهم، وتعسرت أمورهم من نواحٍ مختلفة، فمن ناحية، تعد القرية تابعة لمحلية عسلاية، وتقع تحت مسؤوليتها المباشرة.
ما طبيعة الخلاف مع المحلية؟
يجيب محي الدين، إنها تقوم بتحصيل الجبايات المادية بانتظام من الأهالي دون توفير خدمات تنموية في المقابل، حيث لا تزال أوضاع الصحة والتعليم تعاني من تردي الدعم المستحق لها من قبل الجهات المسؤولة، وتأتي المحلية في مقدمة هذه الجهات.
وكشف محي الدين أنهم يعانون في الحصول على أبسط خدمات الحياة الكريمة المتمثلة في مياه الشرب النقية، حيث يتزود الأهالي بالمياه من "الترعة الرئيسية" ذات المياه العكرة. ويستدعي محي الدين في ذاكرته مشاهد لنساء حوامل، توفين أثناء محاولة الوصول لمستشفى ربك للحصول على الرعاية الطبية، لكن؛ صعوبة الطريق في الخريف، وعدم وجود طرق جيدة ساهم في فقد هؤلاء النسوة لحياتهن. كل هذا يحدث أمام أنظار المسؤولين دون تدخل مباشر لإصلاح الأوضاع داخل القرية.
لا تتوقف معاناة أهالي القرية كيلو (20) عند هذه الحد، بل تتجاوزها إلى الإهمال في قضايا التعليم. وفي هذا الملف يحدثنا محي الدين عن قصة المدرسة الوحيدة الموجودة داخل القرية، قائلًا "لم تكتمل فصول تعليم التلاميذ، والمتوفر حاليًا هو خدمة التعليم للصف الرابع الابتدائي، أما بقية المراحل الدراسية يذهب الطلاب إلى قرية مجاورة لاستكمال مراحل الدراسة".
وأضاف أن كثير من القرى المجاورة تعاني من عدم توفر مدارس للتعليم الثانوي. وبالإضافة لما تقدم، يتغيب الطلاب لعدة أيام في فترة الخريف. وقال "من جانبنا كفاعلين في لجان المقاومة وبمعاونة الأهالي، نعمل بجهد ذاتي لاستكمال بناء فصلو دراسية لتكتمل المرحلة الابتدائية".
تردي الخدمات والبيئة
قال رئيس لجنة المقاومة في القرية كيلو 20 الأستاذ مجدالدين أبكر عبدالله، إنهم يواجهون في الوقت الحالي قضية مكافحة الذباب والبعوض، وتوفير ناموسيات لتفادي أضرار الخريف، لكنهم لم يتحصلوا على المعدات اللازمة، على الرغم من وعد مسؤولة وزارة الصحة بالوزارة سارة لافينيا من توفيرها لسكان القرية.
وتقع القرية في منطقة منخفضة، لذلك تعرضت للغرق جراء أمطار الخريف الأخيرة، ونظرًا لموقعها القريب من شركة إنتاج قصب السكر، فأن مياه القصب تصب في أجزاء منها، وتسبب أضرارًا كبيرة، نتيجة لكل ما تقدم. ويضيف مجدالدين، أنه لا بد من ترحيل القرية بأكملها نواحي شرقي مدينة ربك، حيث يتوفر مكان عالٍ يمكن أن يحمي القرية من مخاطر الغرق. ويأتي هذا القرار كحل جذري لمعالجة مشكلة مياه الخريف. الجدير بالذكر، أن الأهالي لم يناقشوا قضية تسمية القرية بعد الرحيل، أتبقى على ذات الأسم أم سيتم تغييره؟
وأكد مجدالدين وجود تقصير واضح من الجانب الحكومي، القرية تعاني من انعدام الكهرباء، والأعمدة الكهربائية القريبة منها تغطي مساحة ثمانية كيلومترات من مجمل مباني القرية.

كما تعاني من نقصٍ حاد في توفير الخدمات الصحية، وأضاف أن مدير عام وزارة الصحة بالولاية، وعدت بتوفير خدمات طبية متمثلة في تواجد مساعد طبي لعلاج سكان المنطقة. تكمن المشكلة أن المساعد الطبي لم يتمكن من الحضور بشكلٍ دائم بسبب مياه الأمطار التي غمرت أغلب الطرق الحيوية والداخلية للقرية.
تكاتف الجهود
في اتصالٍ هاتفي مع المدير العام لوزارة الصحة بولاية النيل الأبيض، الدكتورة سارة لافينيا، نقلت المحررة مستجدات الوضع الصحي، وقضايا الخريف، والحديث حول ترحيل القرية لمكان عالٍ.
اقرأ/ي أيضًا: فوضى التطبيع تفتح النقاش عن مستقبل الانتقال الديمقراطي في السودان
وقالت لافينيا لـ"الترا سودان" إنهم كدولة ملتزمون بتوفير الخدمات الطبية للمواطنين، لأن العناية الصحية من أهم شروط الحقوق الأساسية، ولا بد أن يتحصل عليها كل فرد في الدولة، سواء ظلت القرية في مكانها الحالي، أم نقلت لمكان آخر.
سارة لافينيا: المراكز الصحية بشكلها الحالي، لا تتطابق جميعها مع المعايير التي نسعى لتحقيقها، ولا بد من تنسيق كثيف مع بقية مؤسسات الدول
وأكدت أن المراكز الصحية بشكلها الحالي، لا تتطابق جميعها مع المعايير التي يسعون لتحقيقها، ولا بد من تنسيق كثيف مع بقية مؤسسات الدولة المختلفة مثل التخطيط العمراني وغيره، لبناء مراكز صحية بمواصفات جيدة، لكن في الوقت الحالي، تتكاتف الجهود لتوفير الخدمات الطبية اللازمة والأساسية في جميع أرجاء الولاية، والسعي لتوفير الخدمة الصحية لجميع مواطني الولاية.
اقرأ/ي أيضًا
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.