قانون "النظام العام".. العودة إلى عهود الظلام
18 أغسطس 2022
في الذكرى الثالثة لتوقيع الوثيقة الدستورية بين قوى الثورة والمجلس العسكري الانتقالي، عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، يعود الجدل مرةً أخرى حول عودة قانون النظام العام بعد أن ألغته الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك.
يُعطي قانون النظام العام صلاحيات واسعة للشرطة لملاحقة أيّ سلوك تعتقد بأنه مخل بالآداب والذوق العام
بدأ تطبيق قانون النظام العام في عام 1996 وهو قانون يُعنى بتجريم السلوكيات الشخصية مثل ما يعرف بـ"الزي الفاضح" وشرب الخمر والأعمال "الفاحشة". ويُعطي القانون صلاحيات واسعة للشرطة لملاحقة أيّ سلوك تعتقد بأنه مخل بالآداب والذوق العام.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 قرر مجلس الوزراء السوداني إلغاء قانون النظام العام الذي ظل محل جدل طوال سنوات حكم البشير، استجابةً لمشروع تقدم به وزير العدل نصر الدين عبدالباري. وظل القانون محل انتقاد المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات العامة، منذ تطبيقه في مطلع تسعينات القرن الماضي، وكثيرًا ما أدخل حكومة الخرطوم في حرج دولي.
في الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الداخلية السودانية عن إنشاء إدارة باسم "الشرطة المجتمعية" حسب ما أفاد المكتب الصحفي للشرطة. وقال الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة إن إنشاء إدارة الشرطة المجتمعية يأتي لإشراك المواطن في العملية الأمنية من داخل الأحياء. وأشار إلى أن ما يثار عن إعادة الإدارة العامة للشرطة الشعبية "غير صحيحٍ".

عدّ كثيرون قرار إعادة الشرطة المجتمعية بمنزلة إعادةٍ لقانون النظام العام سيئ الذكر، ما يمثل ردةً كاملةً عن مكتسبات الثورة السودانية. وأكّد "محامو الطوارئ" أن تكوين "الشرطة المجتمعية" في الإطار الراهن وسريان مرسوم الطوارئ شرعة لمزيدٍ من "الانتهاكات الحقوقية وإذكاء الانقسام المجتمعي".
وقال تجمع محامي الطوارئ في تصريحٍ صحافيٍّ اطلع عليه "الترا سودان" إنه "لا شرعية دستورية أو قانونية لعودة النظام العام وقانونه"، مؤكدًا مواصلتهم في رصد "الانتهاكات الحقوقية والقانونية" والتصدي لها. وأوضح تصريح "محامي الطوارئ" أن النظام العام "لم يعد قانونًا ساريًا" ولا يجوز تقديم شخص أمام الأجهزة العدلية بناءً على أحكامه، منذ صدور تشريع بإلغائه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 في اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء، قائلًا إنه "أعظم مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة".
وعلى الرغم من تأكيدات محامي الطوارئ على عدم قانونية أو دستورية قانون النظام العام إلا أن مشتغلين بالمحاكم ودوائر القضاء يؤكدون استمرار المحاكمات والعقوبات وفقًا لذات القانون سواء كان ذلك عبر السجن أو الجلد والغرامات.
وتداول رواد المنصات الاجتماعية في السودان في الأسبوع الماضي معلومات غير مؤكدة عن عودة شرطة أمن المجتمع المعروفة بـ"شرطة النظام العام". وحذر ناشطون حقوقيون من الخطوة وعدوها "انتهاكًا خطيرًا" للحريات العامة وردة إلى العهد البائد.
وخلال مشاركته في برنامج "كالآتي" بتلفزيون النيل الأزرق، أكد الناطق الرسمي للشرطة العميد عبدالله بشير البدري صدور قرار بتفعيل "الشرطة المجتمعية"، داعيًا إلى ترك "أخطاء الماضي" جانبًا والعمل من أجل حفظ الأمن وحماية المجتمع بالعمل "الكشفي والمنعي" للجريمة، عبر إشراك المواطن في هذه المهمة لأنه المعني والمستهدف بالحماية وحفظ أمنه. وأردف: "نحن نقبل الشكاوى والمقترحات ونعمل على تجاوز أخطاء الماضي، وإذا ثبت أن هناك من يعمل بقانون النظام العام بصورة مخالفة، سيتعرض للمساءلة والعقوبات".
وفيما بدا دعمًا لخيار عودة النظام العام، قال الناطق الرسمي باسم الشرطة: "نحن كمجتمع لدينا تقاليد وأعراف لا تقبل اللبس الفاضح والظواهر الدخيلة على مجتمعنا السوداني"، وهي ذات المبررات التي طرحها المشرّع الأول لقانون النظام العام في السودان.
فيما عدّ الأمين العام للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول العودة إلى قانون النظام العام أمرًا "خطيرًا وغير مقبول ولا يمكن السكوت عليه". وأكد أردول أن الشرطة جهة تنفيذية ولا تملك حق التشريع للمواطنين، وليس من حقها أن تحدد كيفية اللبس ولا طريقة حياة المواطن.
وأشار أردول في تغريدة على منصات التواصل الاجتماعي إلى أن التشريع عمل البرلمان الذي يفوضه الشعب وهو المخول بسن القوانين، مردفًا: "لقد جرب النظام السابق التضييق على حياة الناس وكانت النتيجة سقوطه، وموقفنا مبدئي تجاه الحريات ولا يمكن التنازل عنه مهما كانت الظروف".
حظي إلغاء الحكومة الانتقالية في السودان لما يعرف بقانون النظام العام الذي كان يحد كثيرًا من حرية المرأة ضمن مجموعة قوانين تنظم أمور اجتماعية أخرى، حظي بترحيب شعبي كبير داخل السودان وفي أوساط المنظمات الحقوقية الدولية، لكن يبدو أن أوان العودة إليه قد حان في سياق الردة العامة عن الثورة في أعقاب انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
هيفاء فاروق: الردة عن مقاومة عودة الإنقاذ عبر النموذج الأسوأ لها مستحيلة
فيما تؤكد هيفاء فاروق وهي ناشطة في قضايا المرأة وعضوة تجمع المهنيين السودانيين وضحية سابقة من ضحايا القانون - تؤكد استحالة العودة إلى الوراء فيما يتعلق بالحط من كرامة النساء السودانيات عبر ذات القانون، مشيرةً إلى أن "الردة عن مقاومة عودة الإنقاذ عبر النموذج الأسوأ لها مستحيلة" وأنه لا مكان لقانون النظام العام في سودان ما بعد الثورة.
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.