مجتمع

قابلة وأم في قبضة العدالة في أول قضية ختان وفق القانون الجديد

30 نوفمبر 2020
FGM.jpg
(رويترز)
مروة التجاني
مروة التجانيكاتبة وصحفية من السودان

مضى السودان في خطواتٍ جادة لتجريم ختان الإناث، وصادق مجلس السيادة الانتقالي في تموز/يوليو المنصرم على قانون يجرم هذه الممارسة، وتصل العقوبة للسجن ثلاث سنوات، مع دفع غرامة مالية.

والد الطفلة: أخطرت الأم وذويها بتحمل العواقب حال أقدمن على ختانها

وفي حادثة هي الأولى من نوعها بعد صدور القانون، فتحت بلاغات جنائية ضد أم وقابلة "داية"، بعد ممارستهن الختان على طفلة ذات ثمانية أعوام، الشاكي فيها هو الأب. 

اقرأ/ي أيضًا: وزيرة العمل تؤكد التزام الدولة تجاه قضايا الطفولة

وأوضح المعز والد الطفلة لـ"الترا سودان"، رفضه التام لإجراء العملية على طفلته، مؤكدًا وقوع الحادثة قبل أكثر من عشرين يومًا، وإلقاء القبض على الأم والقابلة بعد اليوم الخامس من الجريمة. مضيفًا أن الطفلة لا تزال تشتكي من مشاكل عند التبول وظهور أعراض التهابية، مؤكدًا إخطاره للأم وذويها بتحمل العواقب حال تم ختان الطفلة.

جريمة تستمر مدى الحياة

في حديثها لـ"الترا سودان"، وصفت مديرة مركز سيما لحماية المرأة والطفل، ناهد جبرالله، القضية بأنها "ذات خصوصية"، لأنها الأولى من نوعها بعد إجازة قانون يجرم ختان الإناث، وأكدت تعرض الأب لضغوط اجتماعية هائلة للتنازل عن حق الطفلة، لكنه لم يرضخ للتنازلات وتحلى بالشجاعة. 

وقالت جبرالله، إن قانون ختان الإناث ظل معركة طويلة خاضتها منظمات المجتمع المدني خلال عهد النظام القديم وعدم التزامه بحماية الفتيات، حيث أسقط المادة (13) من قانون الطفل والتي كانت تجرم الختان في 2009. وأشارت إلى أن وجود قانون يسهل وجود شكاوى أخرى، وأن هناك طفلتان تم فتح بلاغات بشأن تعرضهن للختان. 

وزادت بالقول: "من المهم التوضيح أن القانون ليس للعقاب فقط، وإنما له دور في الحماية ومنع وقوع الجريمة"، وتابعت أن أي قانون من واجبه أن يقوم بردع المعتدين والمنتهكين، وله أدوار في التوعية، وضربت مثلًا بقوانين حركة المرور، حيث لا تقتصر وظيفتها على عقاب مخالفي القانون، بل يمتد إلى خلق السلوك والالتزام العام، لذلك من المهم أن ننظر إلى جانب حماية القانون، واستخدامه كوسيلة للحماية والمنع، ومن الضرورة بشكلٍ عملي أن نجلس للتفاكر حول استخدام القانون، على كل المستويات.

اقرأ/ي أيضًا: تمييز وعنف ضد السيدات في محطات الوقود.. قضية "وعد" أمام المحكمة

وأشارت مديرة مركز سيما، إلى أن وزارة الرعاية الاجتماعية والجهات المختصة، عقدت جلسات تفاكرية حول القضية، ولكن يبقى الأهم هو الجلوس للتفاكر حول القانون على المستويات المختلفة وآليات العمل.

ناهد جبرالله: من مشكلات قضية ختان الإناث، أن ممارسيه يعتقدون أن كل الناس يمارسون هذا السلوك

وأوردت إن من مشكلات قضية ختان الإناث، أن ممارسيه يعتقدون أن كل الناس يمارسون هذا السلوك، ومن لا يمارسه يعتقد أنه انتهى، لأن المجهودات الكثيرة التي تمت، جعلت الممارسين يقومون بهذه العادة في الخفاء، نتيجة للحصار الذي تم خلال السنوات الماضية. 

وأوضحت أن أي حديث حول تفكيك الأسرة نتيجة وجود قانون يجرم ختان الإناث، بعيد عن المنهج الحقوقي وحماية الطفلات، وذات العقلية التي تبرر للاغتصاب واستخدام منهج "السترة"؛ هي نفسها القائلة بهذا القول.

وترى ناهد إن ما يحدث هو انتهاك وجريمة تستمر مدى الحياة مع الطفلة، فلا مبرر لحماية المعتدين، وبالرغم من ذلك؛ فإن القانون يركز في العقوبة على الممارسين في الأساس، وأي شخص مد يده بالأذى على طفلة، يستحق العقاب والإدانة، والقانون جزء من منهج الحقوق المتكامل الذي تستند عليه التشريعات التي تناهض ختان الإناث. 

علاج ما بعد الختان

وأوضحت ناهد جبرالله، أن ما يضيف لخطورة هذه الحادثة، هو وجود أشخاص ليس لديهم أي علاقة بالحقل الطبي، يمارسون هذه العملية، وأكدت لـ"الترا سودان"، أن الكوادر الطبية لا يتوقف دورها في التوعية، إنما التدريب أيضًا، لأن الكوادر يجب أن يكون دورها في الحماية، لطبيعة القبول الاجتماعي الذي تمتاز به القابلات الصحيات. ودعت للانتباه لضحايا الختان واحتياجاتهن النفسية والاجتماعية والقانونية، وأوضحت أن هذه الاحتياجات تتضمن جانب الدعم النفسي، ومعالجة الآثار النفسية الواقعة بعد العملية، ومعالجة الآثار الاجتماعية مثل الطلاق والفشل الأسري، إلى جانب الاحتياجات الصحية المتمثلة في حدوث الالتهابات وأكياس الطهارة.

وطالبت مديرة مرز سيما لحماية المرأة والطفل، بفتح الباب أمام مسألة معالجة الآثار الناتجة عن البتر، فيما يعرف بالترميم، وقالت إنه توجد إمكانية لمعالجة هذه المشكلات.

موقف اجتماعي

فيما يرى المحامي عثمان العاقب، إن قضية ختان الإناث لا تعالج قانونيًا، إنما ثقافيًا واجتماعيًا ودينيًا، وتساءل عن مصير الأطفال وهم يرون والدتهم في السجن، والشاكي هو الأب، ووصف الحادثة بالتفرقة بين الأزواج، وأوضح أن هذا الباب يأتي بكثير من المشاكل الأسرية، واصفًا إياه بالموقف الاجتماعي الخطير الذي يهدد الأسر، قائلًا "بدلًا من معالجة جزء من الجسد، سنفقد الجسد كاملًا".

اقرأ/ي أيضًا: النظام الصحي.. انهيار كامل وأزمات متراكمة تفاقم معاناة السودانيين

وأردف العاقب بالقول: "إن الأم لها عدة أطفال ستمضي حياتهم بدونها، وربما يسائلون الأب حول مصير الأم، وفي حال تم فتح بلاغ مستقبلًا في الآباء، ماذا سيكون الحال؟ وربما نجد الأم والأب داخل السجن في حال فتح البلاغ شخص آخر، حينها ستظهر مشكلات تقع على عاتق الأطفال".

مصدر بالشرطة:  الشرطة عليها تنفيذ القانون الساري في البلد طالما سنته الجهات التشريعية

من جانب آخر، أكد مصدر شرطي لـ"الترا سودان"، أن الشرطة عليها تنفيذ القانون الساري في البلد طالما سنته الجهات التشريعية، فإن العقاب يقع على كل من يخالفه، ويعد مجرمًا في نظر القانون، بغض النظر عن النوايا.

حادثة مثيرة للقلق 

من جانبه أكد الأمين العام لمجلس الطفولة، عثمان شيبة، في حديثه لـ"الترا سودان"، دعهم الكامل للأب ومده بكل الدعم القانوني، ومتابعتهم لكل تطورات القضية، وقال إن السيدة التي أجرت عملية الختان لا تمت للجانب الطبي بصلة، وقامت بشراء كل المستلزمات من الدكان، ووصف الحادثة بالمزعجة والمقلقة، ودعا لتطبيق أقصى عقوبة عليها، ونشر القضية على نطاق واسع لتصبح عظة وعبرة للآخرين.

وقال شيبة إن القانون جرّم هذه الممارسة، لافتًا إلى وجود شبكات مجتمعية لمراقبة حدوث مثل هذه الحالات، ورفع البلاغات للجهات الشرطية، مذكرًا بالتوضيح الذي أرسله مدير عام قوات الشرطة إلى جميع الأقسام، والذي يعد ختان الإناث جريمة يعاقب عليها القانون بصورة جادة، وعدم التهاون في التعاطي معها. 

وأكد عثمان شيبة أن هذه الجريمة قابلة للحدوث في ظل وجود القانون مثل كل الجرائم الأخرى، ومع ذلك، تظل جريمة من الصعب إخفاؤها، مع وجود شبكات قوية تمتلك قابلية الرصد والمتابعة. 

اقرأ/ي أيضًا: لجنة الطوارئ الصحية تصدر موجهات الموجة الثانية لفيروس كورونا بالسودان

وأشار  الأمين العام لمجلس الطفولة، إلى أن القانون يهتم بالردع، لذلك وضع المجلس القومي لرعاية الطفولة استراتيجية قومية لـ(10) أعوام قادمة، تستهدف تغيير السلوك والثقافات والمعايير الاجتماعية.

سليمى إسحق: القانون خرج للعلن مع وجود خارطة طريق للتنفيذ

في سياقٍ متصل، قالت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، سليمى إسحق، إن القانون خرج للعلن مع وجود خارطة طريق للتنفيذ، وزادت بالقول: "إن الآلية المجتمعية ذات أهمية قصوى، ولا يمكن أن يكون القانون فاعلًا بدونها". 

وأكدت سليمى إسحق وقوع عمليات ختان أثناء إغلاق البلاد إبان الوجة الأولى من جائحة كورونا، وغياب الرقابة القانونية.

اقرأ/ي أيضًا

تحرش وحبس وفصل موظفة حكومية.. قصة سيدة هزت الأوساط النسوية

سيخضن أول مباراة ودية قريبًا.. "الترا سودان" يلتقي لاعبات نادي المريخ

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert