في أعياد المحبة.. على مقربة منها وبُعد!
15 فبراير 2025
قصدت أن أكتب بعد (Valentine's Day) مباشرة، لأنني لا أعترف بموجب الحب نفسه بعيدٍ مخصوصٍ للحب، وأرفض أن أتورط في توثين الحب وتسليعه وتسييله في زمان الحداثة الفائقة، بلغة باومان. أرفض أن أتماهى مع شركات الألعاب والهدايا واقتصاديات الترفيه، التي تعتقل اللحظة في مشهديتها ووميضها العابر، وتحولها إلى فقاعة تملأ البصر، وتملأ الفراغ أيضًا. لذا، أكتب بعد يوم، وعلى مقربةٍ مما تداعى الناس إليه وتواضعوا عليه بعيد الحب.
سادتُنا العرفاء يعرّفون المحبة بأنها "إفراط الميل بلا نيل"، أو هي "التباس الذات على ذاتها، فليس في شرع المحبة آخر!"
أكتب وأنا أقرُّ وأعترف بأن أجمل شعور في الدنيا أن تُحب، والأجمل منه أن تمنح الحب، والأجمل من ذلك أن تمنحه بلا مقابل. فسادتُنا العرفاء يعرّفون المحبة بأنها "إفراط الميل بلا نيل"، أو هي "التباس الذات على ذاتها، فليس في شرع المحبة آخر!"، التباسٌ مشعرٌ بالإيثار، وموصلٌ له بالضرورة.
لقد تعجبت مرارًا ممن يأسى لحال الهوى، أو لحاله مع الهوى! "لولا الهوى لم ترق دمعًا على طللٍ ولا أرقت لذكر البان والعلم". وكيف تنكر حبًا بعدما شهدت به عليك عدول الدمع والسقم!
أو كما قال تميم البرغوثي:
لولا الهوى لم نكُنْ نُهدي ابتسامتَنا
لكُلِّ مَنْ أَورَثونا الهمَّ والكَمَدا
ولا صَبَرنا على الدنيا وأسهُمُها
قبلَ الثيابِ تشُقُّ القلبَ والكبِدا
هذا الأسى البادي نفسه ليس من المحبة في شيء، فشرط المحبة أن تميل كل الميل دون نيل، شريطة أن تميل كل الميل ولا تُبقي منه شيئًا، والناس على شروطهم.
هناك تشويش بالغ في معرفة الحب ومقاربته نظريًا، ومحاولة عقلنته وقولبته ونمذجته، حتى على مستوى الروايات، ومنها رواية قواعد العشق الأربعون لإليف شافاق، وهي لغة لا تشبه العشق، ولا تتسق مع فلسفته الداخلية القائمة على الطلاقة والاسترسال؛ فالحب حالة لا يمكن تحديدها أو تحييدها، وكل الأقوال التي ترد في توصيفه وتشخيصه وتعيينه تعمل بالضد من منطقه الخاص، والخاص جدًا:
لكنما حرفي ترمز ساعة الإفصاح
جاء كما يقال القول خاص..
في العلم هذا القول خاص..
الحب طاقة جامحةٌ جامعة، لا ينبغي إلا أن تُفهم كذلك، طاقةٌ تسري في يابس المشاعر فتخضر. الحب عندي هو نبيٌّ تخرجه المحبة لقومه، لينقطع الليالي ذوات العدد متحنثًا في كهفٍ غائرٍ بجبل حراء، وحين يقاربه الوحي بالناموس لا يجد إلا دفءَ خديجةَ ودثارها، وهي تلتقط بحسِّها الأنثوي الناضج حضور الله واستشعار الرسالة الكبرى وإتمام صالح الأخلاق.
لذا، الحب عندي لا يكون إلا في سياق رؤيا شاملة، ومنظورٍ كليٍّ للوجود. الحب عندي، بمفهومه المائز، غير ممكن في الأفق الليبرالي المتعجل، والمعدِّ كلَّ شيء فيه للسوق.. التجاسد وحده، والتجانس، والعلاقات المؤقتة العابرة، والمعبرة عن حالة التيه والحيرة والارتواء من السراب، هو الأفق الممكن هناك.
الحب، بمفهومه العذري، غير ممكن في مجتمعات الحداثة السائلة وموجاتها الفائقة.. غير ممكنٍ بالضرورة السياقية. والغرب، بإيغاله في اجتراح الفردية وتعزيزها، ليس المكان المناسب الذي نتلقى منه دروسًا عن الحب.
الشرق، الذي أنتج جلال الدين الرومي، والسهروردي، وابن عربي، وذاك الذي صلى ركعتين في حضرة العشق بوضوء من دمٍ قانٍ، الشرق بكل سحره الآسر، هو المؤهل والقادر لممارسة هذا الدور.
ولمن استشعر حلاوة الحب واستجلى طلاوته، أن يزيد منه، ليس بوصفه إحساسًا مبهمًا غامضًا يسري في خلايا الجسد، ويتخلل الروح، ويصيب الناس بسُكره الملذوذ.. وإنما باعتباره شعورًا مسددًا بالقيم، ورؤيا محفزةً دافعةً للحياة والسعي في آفاقها.
الحب بوصفه محبة.. بوصفه طاقةً هائلةً للتواصل، وخلق العلائق، وجميل الصلات. الحب ببذله، واستفراغ الطاقة والوسع في إخراج الناس من حالة الانقطاع والشرود.
وفي عرف أهل الحكمة:
الما عندو محبة، ما عندو الحبة..
والعندو محبة، ما خلى الحبة
من هذه الزاوية، يمكن أن نكتب في زمان المسغبة والجدب العاطفي، واستشراء الكراهية، أن المحبة وحدها هي التي تجعل حياتنا ممكنةً في هذا الكوكب الموحش والمقفر، برغم عمرانيته الزائفة، وبريقها العابر الخالي من الروح.
- المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"
الكلمات المفتاحية

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.