مجتمع

ظلال الموت والرعب تخيم على سكان مدينة نيالا في جنوب دارفور

13 فبراير 2025
كبري نيالا.jpg
كوبري مكة في مدينة نيالا (أرشيفية)
منصور الصويم
منصور الصويمكاتب من السودان

منذ الشهر الأول لاندلاع الحرب في السودان لم تشهد مدينة نيالا استقرارًا، عدا فترات هدوء متقطعة بعد خمود المواجهات إثر سيطرة قوات الدعم السريع على الحامية العسكرية في المدينة، بعد انسحاب الجيش في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

مواطن: مشاعر الخوف والرعب صارت هي السائدة بين سكان المدينة

يشكو مواطنو نيالا من حالات انفلات أمني غير مسبوق، ومن انتشار الأفراد المسلحين، والمجموعات التي تمارس النهب المسلح في نهارات المدينة، وتمارس السطو الليلي مترصدة التجار وأصحاب المال بشكل خاص.

ويقول المواطن "أ. ج" الذي يقطن حي السينما في نيالا، إن مشاعر الخوف والرعب صارت هي السائدة بين سكان المدينة، فلا أمان مع طلعات الطيران التي صارت شبه يومية وربما تتكرر في اليوم الواحد أكثر من مرة، إنها تهاجم وبشكل عشوائي ما يجعل الجميع في مكمن الخطر.

وفي يوم أمس الأحد 3 شباط/فبراير 2025 شن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني غارات جوية على مدينة نيالا، مستهدفًا أحياء وسط المدينة، التي تشمل الجمهورية والسينما وشم النسيم.

وبحسب شهود عيان تسببت الغارات الجوية للجيش في مقتل وإصابة العشرات من المدنيين الأبرياء، في هجوم وصف بالأعنف خلال الأيام الأربعة الأخيرة، التي لم يتوقف خلاها طيران الجيش عن شن هجماته على مناطق مختلفة داخل نيالا.

ويضيف "أ. ج" في حديث لـ الترا سودان": "نيالا مدينة للموت الآن، لا يمكن أن أصفها بشيء آخر خلاف ذلك، فإن لم تمت بطيران الجيش، أو رصاص النهابين والقتلة، فإنك عرضة للاعتقال من قبل قوات الدعم السريع لمجرد الشك فقط في إنك لك علاقة ما بالجيش، وإن لم يقتلك كل هذا، ستموت جراء الهم وضغط الخوف في ظل تدهور معيشي عام يهدد الجميع وينشر البؤس والمرض في أنحاء المدينة".

تمثل مدينة نيالا مركزًا اقتصاديًا مهمًا في غرب السودان، وموردًا رئيسيًا لخزينة الدولة، إذ تعد أهم الموانئ البرية التي تربط السودان بدول الجوار الأفريقي، في تشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وليبيا.

وتعد بورصة سوق نيالا للمحاصيل سوقًا رئيسية للصمغ العربي والفول السوداني والسمسم بشقيه الأبيض والأحمر، إضافة إلى الحبوب الغذائية بأنوعها المختلفة، كما تعد نيالا أحد المراكز الرئيسية للزراعة الآلية الموسعة، إذ تحيط بها مئات المشاريع الزراعية الضخمة، إضافة إلى جنائن الفواكه والموالح التي تطوقها من كل جانب.

بعد اندلاع الحرب تأثر السوق الكبير في نيالا بالمعارك العنيفة بين الجيش والدعم السريع، وذلك بسبب موقعه في وسط المدينة، ما جعله في مرمى نيران المعسكرين.

بعد هدوء الأوضاع تفرق تجار السوق الكبير في الأسواق الصغيرة داخل الأحياء السكنية وأشهرها سوق موقف الجنينة، إلا أنها أيضًا لم تسلم من العنف وترصد اللصوص المسلحين.  

النذير حسن، أحد شباب مدينة نيالا ممن غادروها بعد اندلاع الحرب ولجأ إلى دولة جنوب السودان، يقول لـ"الترا سودان" إن المدينة التي كان تعج بروح الشباب وحراكهم الطموح، تحولت إلى مدينة أشباح، تنتشر في شوارعها المركبات المقاتلة وتدوي في جنباتها أصوات الأسلحة ومقذوفات الطائرات.

"الكل يحاول الهرب الآن" يقول حسن، ويضيف: "من تمسك سابقًا بالبقاء في نيالا، يبحث الآن عن سبيل للخروج والنجاة، لكن المؤسف إن الكثيرين عاجزين عن فعل ذلك إما لظروفهم المادية أو لأن الآباء والأمهات من كبار السن تحت رعايتهم".

يتابع حسن: "نيالا الآن بلا خدمات ودون رعاية صحية، فالكهرباء منذ شهر حزيران/يونيو 2023 مقطوعة ولن تعود إلا بعودة قطار الغرب إلى العمل لنقل وقود الفيرنس، أما المياه فقد طالها أيضًا التخريب ورغم محاولات لجان الطوارئ في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي إصلاح الأعطال إلا أن المدينة لا تزال تعاني من أزمة المياه، إلى جانب غياب الخدمات الصحية وارتفاع أسعار الدواء وندرته".

يتكلم "أ.ج" في أسى ويقول: "في السابق كنا ننتقل من حي إلى آخر إذا تتالت الغارات الجوية، أو إذا انتشرت قوات الدعم السريع بشكل لافت، أما الآن فكل الأماكن صارت عرضة لضرب الطيران وهجمات التفتيش بواسطة عناصر الدعم، وفقط خلال الأيام القليلة الماضية، استهدف الطيران الحربي أحياء عباد الرحمن والمطار، وموسية ودريج، والجمهورية وغيرها من الأماكن.. فأين المفر؟".

أدانت منظمات حقوقية دولية ومحلية هجمات الطيران المتكررة على مدينة نيالا ومناطق أخرى في السودان وطالبت بإيقافها، كما أدانت الهجمات المدفعية التي تطلقها قوات الدعم السريع على التجمعات السكنية للمواطنين في أنحاء متفرقة في البلاد.

وفي 15 أبريل 2023 شهدت العاصمة السودانية الخرطوم مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تطورت سريعًا وانتقلت إلى مناطق أخرى في البلاد لتشمل 14 ولاية من أصل 18 ولاية.

حسن: من تمسك سابقًا بالبقاء في مدينة نيالا يبحث الآن عن سبيل للخروج والنجاة

ووفقًا لتقارير مستقلة أدت الحرب في السودان إلى مقتل أكثر من 160 ألف مواطن وتشريد الملايين داخليًا ولجوءًا في الدول المجاورة، كما تسببت الحرب الدائرة في تدمير البنية التحتية للبلاد وتخريب اقتصادها وزعزعة نسيجها المجتمعي.

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert