مجتمع

سيانيد تلودي.. هل ينهي قرار مجلس الوزراء معاناة الناس؟

14 أكتوبر 2019
1-1289623.jpg
منع المجلس استخدام مادة الزئبق والسيانيد في عمليات التعدين
مروة التجاني
مروة التجانيكاتبة وصحفية من السودان

حسم مجلس الوزراء في الاجتماع المنعقد أمس الأول منع استخدام مادة الزئبق والسيانيد في عمليات التعدين خاصة في منطقة تلودي (بالقطاع الغربي لولاية جنوب كردفان) عقب تضرر أهالي المنطقة من وجود عدد من الشركات، وخاصة العاملة في مجال التنقيب عن الذهب من استعمال هذه المواد.

وقال الناطق الرسمي للحكومة ووزير الإعلام فيصل محمد صالح إن مجلس الوزراء وجه بوقف عمل الشركات في تلودي فوراً، وقرر تعيين مشرفين من أبناء المنطقة لمراقبة العمل في حقل التعدين وابلاغ السلطات المسؤولة في حال وجود خروقات تضر بالبيئة أو استخدام مواد تم منعها بموجب القانون.

حسم مجلس الوزراء في الاجتماع المنعقد أمس الأول منع استخدام مادة الزئبق والسيانيد في عمليات التعدين

وكان مواطنو منطقة التقولا بمحلية تلودي دخلوا في اعتصام تجاوز الشهر احتجاجاً على وجود شركات تعدين تعمل في مجال التنقيب عن الذهب، وتستخدم مواد كيميائية ضارة بالبيئة والإنسان مثل الزئبق والسيانيد.

اقرأ/ي أيضًا: جنوب كردفان والسيانيد.. القصة الكاملة لصناعة الموت والدمار

وشهدت الاحتجاجات أعمال عنف على المحتجين والمواطنين العزل من قوات أمنية مما أدى إلى وقوع إصابات بين أهالي المنطقة، وقام المحتجون بتسيير مواكب ورفع لافتات تشير إلى حجم الأزمة التي تعاني منها المنطقة، وقالوا إن استخدام مواد كيميائية سامة مثل السيانيد أدى إلى بروز تشوهات خاصة بين الأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الضرر الذي لحق بمياه الشرب والأرض والمحاصيل الزراعية.

رئيس اللجنة الوطنية لمناصرة البيئة في السودان علي تونجا قال في إفادة لـ(الترا سودان): "تم وقف عمل الشركات التعدين في تلودي نتيجة قرار صادر من مجلس الوزراء، وجاءت هذه القرارات نتيجة جهد مشترك من قوى الحرية والتغيير في المنطقة، ومناشدة الأهالي للجهات السيادية بضرورة التدخل العاجل في الموضوع، وقد تم رفع مذكرة إلى الوالي بوقف نشاط الشركات التي تستخدم مادتي الزئبق والسيانيد في أعمال التنقيب من خلال اعتصام أهالي المنطقة الذي شرحوا فيه الأضرار المباشرة لهذه المواد وأثرها على حياتهم". ووصف تونجا قرار مجلس الوزراء الخاص بالمنطقة بالثوري والإستراتيجي، الذي جاء متوافقاً مع مطالب الجماهير ونبض الشارع لأنه قرار يمس حياة كل مواطني السودان، وأشار إلى الدور الهام الذي يقع على عاتق أبناء منطقة التقولا ومناصري حماية البيئة في مراقبة أعمال الشركات في مناطقهم بالتعاون مع مندوبي وزارة المعادن ومواصلة كتابة التقارير كاملة عن أحوال المنطقة وحصر حجم الأضرار بغرض دراستها وإيجاد سبل المعالجة.

أعادت قضية تلودي إلى الواجهة مشكلة التعدين العشوائي في السودان وغياب الرقابة الحكومية فيما يختص بعمل شركات التنقيب عن الذهب. وتعليقاً على قرار مجلس الوزراء قال الخبير في مجال البيئة د.محجوب حسن إن القرار يعتبر تحقيقا لمطالب الجماهير بعد ارتفاع صوت الشكوى من عمل الشركات في منطقة تلودي وآثارها على إنسان الإقليم، وأوضح أن مادة الزئبق تحكم استخدامها اتفاقيات دولية توضح آلية الاستعمال الآمن، لكن ينشط في السودان ما يسمى بالتعدين العشوائي أو الأهلي الذي يتعامل مع المواد السامة بشكل غير آمن. وأوضح أن الزئبق معدن ثقيل إذا تعرض لدرجة حرارة مرتفعة يتحول إلى مادة سامة تؤثر على الجهاز التنفسي، وفي حالة هذا النوع من التعدين تتعرض العمالة البشرية للمواد السامة بشكل مباشر، كما إن المحارق التي تفصل الزئبق عن التراب منتشرة، ويمكن أن تتسرب منها كميات إلى أهل المنطقة.

اقرأ/ي أيضًا: مواطنو الغابة بالشمالية ينفذون وقفة احتجاجية ضدّ "الراجحي" السعودية

أعادت قضية تلودي إلى الواجهة مشكلة التعدين العشوائي في السودان وغياب الرقابة الحكومية فيما يختص بعمل شركات التنقيب عن الذهب

ونبه د. محجوب إلى أن الزئبق موجود حالياً بكميات كبيرة داخل الأراضي السودانية وهي كميات لا تتوافق مع حجم الكميات التي تدخل البلاد عن طريق الجمارك، الأمر الذي يشير إلى وجود عمليات تهريب لهذه المواد الكيميائية من دول الجوار. وأشار في حديثه لـ(الترا سودان) إن المصانع يجب أن تتواجد على مسافة 20 ميلًا (32 كم) من مواقع التنقيب إلا أن واقع الحال يقول عكس ذلك، حيث تنقل بواقي التراب المخلوط بالذهب والمواد الخطيرة في عربات مكشوفة (قلابات) إلى مناطق بعيدة فتتناثر في الهواء وتضر بصحة البيئة والكائنات الحية.

تعتبر قضية التعدين العشوائي واستخدام المواد الكيمائية بعيدًا عن الرقابة والضوابط الحكومية نموذجًا للفوضى التي ضربت بأطنابها البلاد خلال العهد البائد وانتهاك القوانين تحت سمع وبصر وبمشاركة الدولة ويمثل قرار مجلس الوزراء التفاتة لشكاوى المواطنين وبداية لتصحيح أوضاع هذا القطاع بما يحافظ على صحة وسلامة المواطنين وحماية البيئة والموارد من المخاطر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

جنوب كردفان والسيانيد.. القصة الكاملة لصناعة الموت والدمار

حروب الأرض في السودان.. مناجم الذهب عنصر جديد في خريطة الصراعات الممتدة

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert