مجتمع

"ستَّات الشاي": نساء على الخطوط الأمامية وملتقى اجتماعي ملهم

8 يونيو 2022
photo_2022-06-08_06-23-05.jpg
"ستات الشاي" ملتقى اجتماعي لمختلف أطياف المجتمع (طلال نادر - الترا سودان)
طلال نادر
طلال نادركاتب وصحافي من السودان

كوب شاي أو فنجان من القهوة قد يكون مطلبًا عابرًا للمارة في شوارع الخرطوم، غير أنه بالنسبة لـ"خديجة" ورفيقات دربها من "ستَّات الشاي" كما يُطلق على النساء العاملات في بيع المشروبات الساخنة في الشوارع السودانية -مصدر للرزق اليومي وسعي لمجابهة ضغوط الحياة المستمرة، في وقت تتعاظم فيه التحديات الاقتصادية في البلاد. 

تشير خديجة إلى انفراج في تعامل الدولة مع بائعات الشاي بعد ثورة ديسمبر، وتقول بسعادة: "الكشات وقفت والتعامل أفضل"

وأمام جدار قديم ما زالت عليه آثار مُلصق لندوة دعا لها الحزب الشيوعي قبل ثماني سنوات، تجلس السيدة، أمامها صندوق حديدي قديم، رُصت عليه مُعدات عمل المشروبات الساخنة بترتيب وإتقان. "أعمل هنا منذ (25) سنة"، من هنا تروي خديجة لمراسل "الترا سودان" قصتها مع بيع الشاي بسوق "الخرطوم 2"، والتي بدأت أواخر ثمانينات القرن الماضي. لتشكل ملتقى للأدباء، المثقفين، الصحفيين وعامة الناس من رواد السوق الشهير. 

تيليغرام

تقول خديجة فضل لـ"الترا سودان": "من هذا الصندوق أعيل أسرة كاملة". وتُضيف بأنها ظلت تعمل في بيع الشاي منذ (12) عامًا، بينما تشدد على أنها لجأت للمهنة رغم المعاناة المُلازمة لهذا العمل بحثًا عن مصدر "لُقمة العيش الحلال". 

ويشتغل (65)% من السودانيين -بحسب دراسات دولية- في القطاع غير المنظم، بينما تواجه هذه الشريحة مخاطر الفقر المُدقع وانعدام الحماية الاجتماعية، في ظل غياب تشريعات وضوابط الضمان الاجتماعي والصحة والسلامة المهنية. 

رحلة طويلة 

وهي تعمل بإتقان على إعداد طلبات الزبائن، تحكي لنا خديجة رحلتها مع بيع الشاي والقهوة التي بدأت في ثمانينات القرن الماضي حين قررت قطع دراستها والاتجاه إلى العمل في بيع الشاي لتُعيل إخوتها الأيتام. مضى الزمن وبات الحمل ثقيلًا عليها وهي أم لأربعة أبناء وبنتين، لتواصل خديجة رحلتها كبائعة شاي في المنطقة العريقة. 

خديجة
خديجة في مكان عملها (طلال نادر - الترا سودان)

وتشير خديجة إلى انفراج في تعامل الدولة مع بائعات الشاي بعد ثورة ديسمبر، وتقول بسعادة: "الكشات وقفت والتعامل أفضل"، لكنها تعود لتشكو شُح الدخل وقلة الموارد في ظل الضيق الذي يكتنف المعيشة اليومية بعد الارتفاع الهائل لأسعار السلع الاستهلاكية وأساسيات المعيشة، في ظل تدني الدخل وانعدام دعم الدولة. 

وتزداد معاناة السودانيين بعد ارتفاع معدل التضخم السنوي بالبلاد إلى (304.33) بالمئة في يناير/كانون الثاني الماضي، من (269.33) بالمئة في ديسمبر/كانون الأول السابق له، بحسب بيانات سودانية رسمية في 15 شباط/ فبراير الماضي.

وبينما لا تنفي خديجة تعرض النساء العاملات في الشارع لمضايقات يومية، تدعو خديجة العامِلات في هذا القطاع للتعايش مع الواقع بشكل إيجابي والاهتداء بالصبر والتفاؤل. وتستدرك قائلة: "المضايقات كثيرة لكن هذا العمل مصدر رزقنا وعلينا بالصبر". وتمضي سريعًا للإشارة إلى الجانب الإيجابي في عملها: "لقد تشكلت علاقات إنسانية بيني وبين جمهوري من الذين اعتادوا المرور على القهوة في كل صباح وأثناء عملهم". 

علاقات وطيدة ومُلتقيات اجتماعية

"كنت أول من يقرأ جريدة الأيام كل صباح" تقول خديجة. وتربطها علاقة خاصة مع مجتمع الصحافة بحكم تواجدها اليومي على مدى سنوات في مقربة من مقر صحيفة الأيام العريقة، والذي أتاح لها -حد قولها- فرصة التعرف على عدد من الصحفيين والصحفيات واللقاء بالسياسيين ونجوم المجتمع من الفنانين والشعراء والرياضيين. 

خديجة
تدعو خديجة العامِلات في هذا القطاع للتعايش مع الواقع بشكل إيجابي (طلال نادر - الترا سودان)

التقينا صُدفة بوزيرة الخارجية السابقة أسماء محمد عبد الله، وهي واحدة من الرواد اليوميين للقهوة. تؤكد أسماء أن علاقتها مع بائعات الشاي في المنطقة ممتدة، وتعتبرها أكثر عمقًا من علاقة بيع وشراء. وتحكي أسماء لـ"الترا سودان" بداية علاقتها مع قهاوي السوق بعد استقرارها النهائي في السودان في العام 2009، في وقت تشير فيه إلى أن علاقتها مع السوق مرتبطة بنشأتها وميلادها في حي "الخرطوم 2" العريق وسط العاصمة. 

يرتبط "الشاي" بالمزاج العام للسودانيين، وتَعتبِر أسماء في ظاهرة "ستّات الشاي" فُرصة حيوية لتأمل المجتمع والتواصل مع عامة الناس، والالتقاء المباشر بالنساء العاملات في المجال وقضاياهن. ولا تجد حرجًا في الخروج سيرًا على الأقدام قاصدة قهوة "خديجة" كُل صباح لتناول القهوة ومقابلة الأصدقاء، قبل التوجه لشراء احتياجات المنزل الأساسية من السوق. 

مثيلات خديجة من اللائي يقفن في الخطوط الأمامية للكفاح من أجل الحياة كُثر في السودان، وتشير دراسة -غير مُحدّثة- للاتحاد النسوي مُتعدد الأغراض، إلى أن أعداد النساء العاملات في المجال تجاوزت (75) ألف عاملة في نطاق محليات ولاية الخرطوم السبع، في وقت تُعتبر فيه السمة المشتركة وسط هذه الفئات؛ الترابط الاجتماعي والتعاون اليومي والكفاح، بحثًا عن حياة أكثر استقرارًا.

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert