مجتمع

حرب الخرطوم.. "شفشفة" ورصاص من كل مكان

12 ديسمبر 2023
النازحون من الخرطوم.jpg
تستمر حركة النزوح من العاصمة الخرطوم ومناطق الاشتباكات مع اشتداد المعارك (Getty)
محمد حلفاويصحفي سوداني

من الطابق العلوي في مدينة أم درمان، ينظر "مدثر" للدخان المتصاعد من مكان ليس بعيد عن مقر سكنه غربي العاصمة، وهي مناطق تشهد قتالًا ضاريًا بين الجيش والدعم السريع يقترب من اتمام شهره الثامن.

مواطنون برعوا في تمييز أصوات المدافع والرصاص في حرب السودان التي لم تكتب لها النهاية بعد

خلفت الحرب في السودان وفقا لموقع (ACLED) الأمريكي المعني برصد ضحايا الحروبات، نحو (12) ألف قتيل في صفوف المدنيين، وتشريد (6.5) مليون شخص داخليًا وخارجيًا.

بينما "مدثر" مستغرق في مشاهدة سحب الدخان التي ترتفع إلى أعلى كان بعض المارة يصدرون بعض الأصوات وهم يتسامرون أثناء الحركة، ويطلق عليهم شعبيًا اسم (الشفاشفين) أي اللصوص.

وكان هؤلاء الأفراد الذين يتحركون في جماعات قد تصل في بعض الأحيان إلى عشرة أشخاص، كما يقول مدثر يتصيدون المنازل الخالية من السكان والتي هجرها المواطنون تجنبًا للقذائف التي تسقط بين الحين والآخر على رؤوس المدنيين، في حرب وصفها مسؤول في منظمة دولية إنه لم يشاهد مثلها في العالم.

بينما تستمر المعارك العسكرية في العاصمة الخرطوم، من اللافت بشكل يومي سماع دوي المدافع، واعتاد السكان العالقون بين خطوط النيران على هذه الأصوات، ولدى البعض قدرة التمييز عما إذا كانت قذائف المدافع أو الطيران أو الدبابات أو الرصاص الذي يطلقه الجنود أثناء الحركة في الشوارع الرئيسية.

لم تمنع الحرب أم منى وهي سيدة تعمل قابلة في مدينة أم درمان من البقاء في منزلها لاستقبال الحوامل اللائي وصلن مرحلة الولادة. تقول منى التي درست الإعلام وتفرغت للعمل في التجارة، إن بعض الشبان قرروا حماية الحي من اللصوص.

كانت هذه الفتاة عائدة من سوق صغير يقع قرب الحي بعد أن تزودت بالخبز والطعام من هناك، وفي بعض الأحيان تمر بنقاط عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع حيث يتوجهون بالأسئلة إلى المارة، وفي بعض الأحيان لا يكترثون، وحسب منى فإن تأهيل الجنود يلعب دورًا في التعامل مع المدنيين أثناء الحرب.

حينما بدأ القتال كان الاعتقاد السائد لدى بعض السودانيين الذين غادروا المنازل في العاصمة الخرطوم أن الحرب قد تستمر أسبوعًا إلى أسبوعين ثم يعودون، لكن في الوقت الحالي فإن القتال يكمل شهره الثامن دون أي أفق يلوح أمام الساعين إلى إطفائه.

رغم الحرب تبدو معالم المدن في العاصمة الخرطوم وكأنها تحتفظ بالمباني والشوارع كما هي رغم الأدوات والمباني المهدمة في بعض الأحياء، ويقول مدثر إن المعالم لا تزال صامدة لكن لم نخرج إلى وسط الخرطوم الأكثر تضررًا.

رغم الحرب تبدو معالم المدن في العاصمة الخرطوم وكأنها تحتفظ بالمباني والشوارع كما هي (Getty)

وتركزت المعارك العسكرية في الأسابيع الأولى للحرب في منطقة وسط الخرطوم قرب القصر الجمهوري ومجلس الوزراء والقيادة العامة والمؤسسات الحكومية الواقعة في شارع النيل ووسط السوق العربي، وأدت العمليات العسكرية في تلك المناطق إلى تدمير أجزاء واسعة منها أو العبث بالمحتويات والمكاتب الحكومية وإتلاف السيارات.

ولم يمنع الرصاص والمدافع "الشفشافين" من البحث عن "الغنيمة" حتى في أكثر المناطق سخونة، وتعكس هذه الرغبة مدى حالة الفقر التي وصل إليها هؤلاء الباحثون عن المال بين خطوط النار.

يقول عامل في منظمة دولية إنسانية زار العاصمة الخرطوم عدة مرات في إطار مهام إنسانية إن الحرب في السودان لا يمكن وصفها بالحرب العادية، بينما يمكن أن نقول إن الأضرار بالمعالم العامة أقل، فإن الإضرار بالمدنيين كان مرتفعًا جدًا وهناك من ماتوا بصورة بشعة.

ويضيف قائلًا: "في العادة في الحروب حول العالم يسمح بدفن الموتى خلال المعارك دون اعتراض طريق المشيعين، أو تعريض حياتهم للخطر، في السودان لم يحدث هذا الأمر مطلقًا؛ تُرك بعض الموتى في الطرقات".

بانر الترا سودان

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert