مجتمع

جنوب السودان: تنامي جرائم الاغتصاب في أطراف العاصمة جوبا وصمت حكومي

16 يونيو 2020
GettyImages-1214690923.jpg
تعبيرية (Getty)
أتيم سايمون
أتيم سايمونصحفي وكاتب من جنوب السودان

على الرغم من الالتزامات المتكررة التي أطلقتها الحكومة في جنوب السودان، للعمل بشكلٍ جادٍ من اجل وقف تنامي جرائم الاغتصاب المصاحبة لحملات وجرائم السطو الليلي المنظم والمسلح من قبل أشخاص محسوبين على القوات الحكومية خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن وتيرة الجريمة لا تزال في تزايدٍ مستمرٍ في وقتٍ لم تعلن فيه الحكومة عن خطةٍ جادة تساعد على الحد من تلك الجرائم وتفسير الأسباب المباشرة التي تقود إلى وقوعها في ظل حالة التوتر المجتمعي الكبيرة و تنامي معدلات الفقر وسط المواطنين وعدم تلقى أفراد القوات النظامية رواتبهم لأشهرٍ عديدة.

كثيرًا ما يجد المجرمون طريقهم للخروج والعودة لذات الممارسات القديمة، الشئ الذي يمثل انتقاصًا من حقوق الضحايا

في ظل هذه الظروف، مطلوبٌ من وزارة النوع الاجتماعي والطفل والرعاية الاجتماعية، اتخاذ موقف يتجاوز مجرد إدانة الجريمة والمطالبة بتسليم المتورطين للعدالة، فقضية الحصانة والإفلات من العقاب لا تزال تمثل عقبةً رئيسية أمام الحكومة، خاصةً في ظل التضارب الكبير في القوانين والصلاحيات التي تجعل الجهات النظامية تتحايل على القوانين الموضوعة لحماية المواطنين، فكثيرًا ما يجد المجرمون طريقهم للخروج والعودة لذات الممارسات القديمة، الشيء الذي يمثل انتقاصًا من حقوق الضحايا الذين يتوقعون الإنصاف والعدالة.

اقرأ/ي أيضًا: الفنون في زمن كورونا

الملاحظة المهمة والتي يجب أن يتم استصحابها، هي أن حالات الاغتصاب التي نتحدث عنها وقعت جميعها داخل المناطق السكنية بالعاصمة جوبا، وليس في مناطق القتال البعيدة كما اعتدنا أن نسمع ونقرأ عبر التقارير، كما أن معظم الأشخاص المتورطين فيها هم أشخاصٌ يرتدون الزي العسكري المعروف لقوات الشرطة والجيش في جنوب السودان، كما أنها ظلت تتكرر خلال فتراتٍ متقاربةٍ، وفي مسافات لا تكاد تصل الخمسمئة مترًا داخل الأحياء السكنية، كما حدث في منطقة قوديلي الواقعة غربي العاصمة جوبا، حيث تعرضت سيدة للاغتصاب من قبل مجهولين قبل أن يتم العثور على جثتها بعد أيامٍ في إحدى المناطق النائية، وقد وقعت تلك الحادثة بعد أسبوعين فقط من اغتصاب طفلةٍ قاصرةٍ تبلغ من العمر ثمانية سنوات في ذات المنطقة السكنية أو بشكلٍ أدق في نفس المربع الذي تقيم فيه الضحية الثانية، وفي يوم الأحد الماضي تعرضت أم وابنتها البالغة من العمر (18) عامًا  للاغتصاب من قبل أشخاصٍ مسلحين في منطقة (قوري) الواقعة غربي العاصمة جوبا، وذلك بعد أن قاموا بنهب مبالغٍ ماليةٍ من الاسرة تحت تهديد السلاح، وقبلها تعرضت سيدتان للاغتصاب تحت تهديد السلاح بمنطقة جبل كجور غربي جوبا مطلع الشهر الجاري.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات في كسلا احتجاجًا على سجن قيادي بالجبهة الشعبية للتحرير والعدالة

تتمثل المعضلة الحقيقية فيما يختص بمجابهة تنامي ظاهرة الاغتصاب داخل العاصمة جوبا، في أن الحكومة ممثلة في الوزارات الأمنية المختصة، إلى جانب وزارة الرعاية الاجتماعية، لا يمتلكون أي خطةٍ أو برنامجٍ متكاملٍ لمجابهة تلك الظاهرة ومعالجة تأثيراتها على الضحايا، على الرغم من وجود العديد من الجهات الدولية التي أعربت عن استعدادها لمساعدة الحكومة في وضع خطة عملٍ محكمةٍ للسيطرة على تلك الجرائم المرتبطة بالعنف الجنسي، مثلما أن هناك مشكلة أخرى أيضًا تتمثل في عدم وجود مجتمعٍ مدنيٍ مستقلٍ وناضج، فجميع المواقف وردود الأفعال المرتبطة بجرائم الاغتصاب لا تتعدى التظاهرات الاحتجاجية التي تقوم بها الناشطات على سبيل التعاطف مع الضحايا، حيث ارتبطت تلك التظاهرات بوقوع حوادث جديدة، ففي ظل غياب الخطط و المناهج التي تخاطب المشكلة وتنظر في القوانين والتشريعات والأسباب المؤدية لتنامي تلك الظاهرة، فإن الجريمة ستشهد ارتفاعًا كبيرًا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وتنامي المستعمرات الإجرامية مع شعور المجرمين بأن الحكومة لن تلاحقهم، فقد ترك الأمر برمته للإدارة الأهلية ولجان الأحياء التي تكابد لملاحقة المجرمين في ظل إمكانياتهم وخبراتهم المحدودة.

ربما حتى السلطات الرسمية من خلال صمتها وتواريها تريد من الضحية أن تشكر الله على نعمة الحياة

إن التساهل مع جرائم الاغتصاب جعل الناس ينظرون إليها باعتبارها مسألة عادية، وربما حتى السلطات الرسمية من خلال صمتها وتواريها تريد من الضحية أن تشكر الله على نعمة الحياة، ففي ظل ضعف وتراخي القوانين والأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن ضيق فرص الحياة في أطراف العاصمة تجعل الضحيات يلذن بالصمت في ظل عدم إلمامهن بحقوقهن الرئيسية، مع علمهن بأن الشكوى لغير الله مذلة بما أن السلطات لا تهتم في جنوب السودان.

اقرأ/ي أيضًا

تسليم ملف الاتهام في بلاغ مدبري انقلاب الإنقاذ للقضائية ويشمل 40 متهمًا

المالية تطالب بلجنة تحقيق لكشف ملابسات الأزمة مع وزارة الصحة

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert