مجتمع

جامعة الخرطوم..البريق المفقود

9 September 2015
GettyImages-146711609.jpg
جامعة الخرطوم(سيمون مارتيلي/أ.ف.ب)
عزمي عبد الرازق
عزمي عبد الرازقكاتب وصحفي من السودان

"لا شيء تغير في بناية جامعة الخرطوم لكن المحتوى تغير كثيرًا"، تقول سلمى ذلك بأسى واضح وهي خريجة جامعة الخرطوم منذ حوالي تسع سنوات. وتؤكد لـ"الترا صوت": إن "الجامعة فقدت ألقها وتراجع مستوى الطلبة الأكاديمي فيها بشكل ملحوظ وغابت كل الأنشطة الفكرية والسياسية".

وتقبع جامعة الخرطوم في المركز 1918 بحسب التصنيف العالمي للجامعات للعام 2015، ويعاني خريجو الجامعة من مشاكل مختلفة عند البحث عن عمل بعد إتمام دراساتهم ويفسر البعض ذلك بتردي مستوى التدريس.

منذ انقلاب الإسلاميين في حزيران/يونيو 1989، رفعت الحكومة شعار "ثورة التعليم العالي"، وأكدت سعيها تشييد جامعات جديدة لتستوعب أكبر عدد من الطلاب. في المقابل، وعلى أرض الواقع، تقلصت ميزانية التعليم إلى أقل من 3 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية. وتفاقمت الأزمة داخل جامعة الخرطوم مع قرار تعريب المناهج الإنجليزية وهو ما أضر بالمستوى الأكاديمي للدروس.

ويرى بعض المتابعين للشأن التعليمي في السودان أن جامعة الخرطوم تعرضت بشكل متعمد إلى محاولة إضعاف وتهميش لصالح مؤسسات تعليمية أخرى، نظرًا إلى الدور السياسي الذي طالما لعبته تاريخيًا إذ نجحت من قبل في الإطاحة بأكثر من حكم عسكري، في تشرين الأول/أكتوبر 1964 وفي نيسان/أبريل 1985. ويستندون إلى طرد عدد من الأساتذة بسبب مواقفهم السياسية وتقليص ميزانية البحث العلمي في الجامعة وإهمال بنيتها التحتية وهي التي كان يتطلع إليها كل طلبة السودان وكانت تلقب ب"الجميلة والمستحيلة".

تعرضت جامعة الخرطوم بشكل متعمد إلى محاولة إضعاف وتهميش نظرًا إلى الدور السياسي الذي طالما لعبته تاريخيًا

في سياق متصل، يقول محمد عبد العزيز، متخرج من جامعة الخرطوم منذ أكثر من عشر سنوات والسكرتير الثقافي السابق باتحاد الطلاب، لـ"الترا صوت": "الجامعة مرآة تعكس حالة الوطن وهي في حالة تدهور مستمر خلال العقدين الماضيين، إلا أنها ظلت مع ذلك الأولى على مستوى الجامعات السودانية، وفقاً للتصنيف العالمي".

ويضيف محمد: "السياسة التي انتهجتها الحكومة في مجال التعليم العالي، بصفة عامة، أسهمت في تدهور الجامعة على المستوى العالمي والإقليمي وكان لتدهور الأوضاع الاقتصادية بعيد انفصال جنوب السودان دور في هجرة خيرة كوادرها".

ويعتبر بعض أساتذة الجامعة أن وضعها لا يزال جيدًا رغم النقائص، ويستندون إلى كونها لا تزال تصنف ضمن 20 جامعة الأولى عربيًا وهي في المرتبة 27 على مستوى أفريقيا.

ويوضح عصمت محمود، أستاذ الفلسفة بالجامعة نفسها، لـ"الترا صوت": "خلال فترة حكم البشير، ثمة اتجاهات عامة تلاقت مع مصالح شخصية وانضافت إليها محاولات لتصفية الجامعة. فقدت الجامعة بذلك استقلاليتها وانهارت الديمقراطية داخل مؤسساتها".

ومن الوقائع التي أضعفت جامعة الخرطوم، فصل الأساتذة الذين كان لديهم موقف صارم من النظام السياسي الحاكم، والتوقف المستمر للدراسة بسبب العنف الطلابي، وإهدار موارد الجامعة ومحاولة تركيعها بالتعيينات السياسية في مواقع المسؤولية.

ولا تتوقف حدود الأزمة في تصنيف جامعة الخرطوم من حيث المستوى الأكاديمي، لكنها تشهد تراجع النشاط الفكري والثقافي والسياسي، وهي التي كانت ملتقى لأنشطة مختلفة إضافة إلى احتضانها عديد المؤتمرات العالمية سابقًا، وقد أنجبت أجيالًا من المبدعين في شتى المجالات. ويجدر الإشارة أن معظم من في هرم السلطة في السودان اليوم هم من خريجي جامعة الخرطوم لكن هذه المؤسسة التعليمية اليوم لا تحظى بأي امتيازات تخولها المحافظة على صيتها ومكانتها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

جبل مرة.. سحر الطبيعة والميثولوجيا الدينية في السودان

إرث النبي موسى والخضر وأصحاب الكهف.. السودان مختلف على تاريخه

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert