مجتمع

تزايد مخاوف السودانيين من تفاقم المخاطر مع اقتراب الخريف

8 يونيو 2024
Fall In Sudan.png
يغرق الخريف الطرقات والمنازل في السودان ويهدد حياة المواطنين (أرشيفية)
مبارك ود السما
مبارك ود السماصحفي من السودان

تتزايد مخاوف السودانيين مع اقتراب موسم الأمطار في السودان، وتلقي السودانيين لمزيد من الأضرار التي خلفتها الحرب، جراء اتساع رقعة القتال بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، والمستمر منذ أكثر من عام.

يواجه السودانيون خطر فيضان النيل والسيول الموسمية وسط غياب تام للسلطات وحلولها التي تخفف في بعض الأوقات آثار الفيضانات خلال فصل الخريف

وثمة مخاوف أخرى، تتمثل في تأثيرات الحد من حركة وتنقل المواطنين بين المدن والولايات لوعورة الطرق وقفل بعضها بسبب تراكم مياه الأمطار، علاوة على المخاطر البيئية الناجمة عن القتال الذي دمر البنية التحتية الضعيفة أصلاً.

تأثير الحرب والأمطار على حركة النقل

يواجه السودانيون خطر فيضان النيل والسيول الموسمية وسط غياب تام للسلطات وحلولها التي تخفف في بعض الأوقات آثار الفيضانات في الولايات التي تقع على ضفتي النيلين الأبيض والأزرق، في وقت تعاني فيه مناطق عدة في ولايات دارفور وكردفان من الحرب، وتتحسب للخطر المقبل من هطول الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة.

وجرت العادة أن يعاني السودانيون من خطر الأمطار والسيول التي دأبت على قتل العشرات منهم، وهدم المئات من المنازل على رؤوس ساكنيها، وتحول الطرقات إلى بحيرات من المياه. لكن بعد الحرب لاح خطر جديد وهو أن يواجه المواطنون خطر غزارة الأمطار والسيول واشتداد الحرب في آن واحد، الأمر الذي يجعل الخريف المقبل أكثر خطورة على حياة المواطنين.

ويعتقد عدد من المراقبين أن الأوضاع الاقتصادية السيئة لدى الكثيرين تمثل الضلع الثالث لمثلث المعاناة التي أرعبت الجميع، لتكون الحرب والأمطار والظروف الاقتصادية تحول الحياة إلى جحيم، مع انعدام الأمل في انقشاع العتمة التي يشهدها السودان عقب الحرب الضروس التي قضت على الأخضر واليابس.

الخريف يفاقم المعاناة الاقتصادية

حالة من الهلع يعيشها المواطنون قبل دخول فصل الخريف الذي يتوقع أن يكون غزيراً نسبة لارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها البلاد في هذه الفترة، حيث تجاوزت (45) درجة مئوية في العديد من الولايات.

وفي هذا الاتجاه أبدى أحد سكان الولايات الوسطى، عبد الله أحمد بابكر، في حديث لـ"الترا سودان"، مخاوفه من فصل الخريف، والسودان يشهد صراعاً دموياً لا تراعى فيه حقوق المدنيين التي سلبت عنوة بقوة السلاح.

وقال: "نمر بمحن قبل دخول فصل الخريف، حيث نفقد كافة مقومات الحياة من كهرباء وإنترنت بجانب الظروف الاقتصادية السيئة".

ولفت إلى أن المعاناة في موسم الخريف تتضاعف لأسباب عديدة أهمها إهمال الحكومة القائمة في البلاد استعدادها لفصل الخريف، الذي يفضح التجهيزات التي كانت تقوم بها الحكومات السابقة عندما كانت الأوضاع الأمنية مستقرة. فضلاً عن اتساع رقعة الحرب التي زادت من الأضرار في البنية التحتية التي تعاني منها البلاد منذ نشوب الحرب.

واستطرد: "في الخريف المقبل تتكالب علينا العديد من المعوقات، استمرار رداءة الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وإنترنت، بالإضافة إلى الأضرار البيئية التي تخلفها الأمطار، علاوة على تراجع القطاع الصحي والخدمات في المستشفيات الحكومية التي تفتقر لكل شيء من الكادر الطبي انتهاءً بالأدوية".

أوضاع البنية التحتية وتأثير الحرب

وفي السياق نفسه، يقول الموظف السابق في وزارة البنى التحتية، عمر عباس، لـ"الترا سودان"، إن أغلب طرق الأسفلت قبل بداية الحرب كانت غير صالحة لسير المركبات عليها. وأوضح أن تلك الطرق في السابق كانت تتم صيانتها بشكل عشوائي قبل دخول فصل الخريف من كل عام.

موظف سابق في وزارة النبى التحتية: الحرب حرمت الطرق من الصيانة البسيطة "الترقيع" للعام الثاني، مما يعني أنها أصبحت طرقاً تعيق السير بدلاً من أن تيسره

وتعليقاً على ذلك، مضى للقول: "باندلاع الحرب حرمت الطرق من الصيانة البسيطة "الترقيع" للعام الثاني، مما يعني أنها أصبحت طرقاً تعيق السير بدلاً من أن تيسره".

واستكمل: "السفر بين الولايات وخاصة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، يكون بالطرق البرية (الترابية)، وهذه الطرق سوف تخرج من الخدمة في فصل الخريف، لأن مياه الأمطار تغمرها، وبالتالي السير فيها يكون ضرباً من ضروب المستحيل".

ولأكثر من ذلك، أشار عمر إلى أن المتضرر الوحيد في فصل الخريف هو المواطن الذي يعاني في كل شيء، وأن الخريف يضاعف المعاناة إلى حد كبير، لأن السودان يفتقد لبنية تحتية جيدة، وأن الحرب كشفت عن عدم اهتمام المسؤولين السابقين في مجال البنية التحتية لعمل مستقبلي يستفيد منه المواطنون في حالة السلم والحرب.

تغرق الأمطار والسيول الشوارع والطرقات خلال فصل الخريف في السودان (أرشيفية)

من جهته يخشى آدم إدريس، سائق سيارة نقل تجارية، من الخطر القادم بقوة نحو الولايات التي تعتمد على إدخال المواد التموينية عبر الطرق البرية الترابية.

ويقول آدم، في حديث لـ"الترا سودان"، إن الطرق الترابية سوف تُغلق لفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر عندما تهطل الأمطار على البلاد، مما يعني دخول مواطني الولايات في أزمة غذاء طاحنة قد تقود إلى مجاعة.

وأضاف أن ولايات كردفان والنيل الأبيض وولاية الجزيرة جميعها تعتمد على طريق الدندر - القضارف الترابي لأنه الوحيد الذي تسلكه المركبات التجارية لتلك الولايات، مشيراً إلى أن أوضاع المواطنين لا تحتمل أي ضغوط جديدة كإغلاق الطرق بأمر الأمطار.

ومن وجهة نظر هدى عبد الواحد، النازحة بإحدى دور الإيواء بولاية نهر النيل، فإنهم يعيشون في أوضاع أقل ما توصف بأنها مأساوية، ولم يعد هناك مجال لأي معاناة أخرى.

وذكرت لـ"الترا سودان" أن فصل الخريف بقدر ما هو نعمة، إلا أن الظروف التي يمر بها السودان جعلته نقمة، فكل الظروف حالياً تقف ضد المواطن.

وتابعت: "دخول الخريف ونحن في هذه الظروف الحالية يعتبر امتحاناً صعباً على جميع الأسر السودانية، مما يجعلنا نتحسب لحدوث أكبر أنواع المعاناة". وتضيف: "ما علينا إلا الصبر، لم يعد يسمعنا أحد، لا حكومات ولا منظمات دولية".

وتشير هدى إلى أن خريف هذا العام مع احتدام المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، واتساع رقعة المعارك، ودخول الحرب عامها الثاني، وعدم نجاح الحل السياسي، يجعل المعاناة لدى المواطنين كبيرة ومتنامية.

فصل الأمطار في السودان

ويشهد السودان كل عام أوضاعاً كارثية خلال مواسم الخريف بصفة مستمرة، لكن من المتوقع أن يزداد الأمر سوءاً خلال الخريف المقبل، بفعل ما خلفته الحرب من دمار.

لم يشهد العام الفائت متابعات وإحصائيات لما خلفه الخريف من خسائر في البنى التحتية والمنازل والطرقات

ولم يشهد العام الفائت متابعات وإحصائيات لما خلفه الخريف من خسائر في البنى التحتية والمنازل والطرقات لهروب سكان الخرطوم وولايات أخرى من القتال.

ومنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل العام المنصرم، تعرضت الطرق وشبكات الصرف الصحي لعمليات تدمير واسعة، كما توقفت أعمال الصيانة والإصلاحات بشكل كامل بسبب الأوضاع الأمنية التي علقت أكثر من (70)% من الأنشطة المدنية وأدت إلى نزوح آلاف العمال والموظفين من العاصمة إلى مناطق أخرى أقل خطورة أو إلى خارج السودان.

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert