تجنيد النساء في حرب السودان.. مواقف متباينة
13 مايو 2024
أعلنت عدة ولايات في السودان تخريج دفعات من المستنفرات النساء للمشاركة في الحرب التي يخوضها الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع في العاصمة والعديد من الولايات. ووصفت ظاهرة استنفار وتجنيد النساء في حرب السودان بـ"الغريبة" من قبل البعض، في حين أشاد آخرون بقدرتهن على تحمل الصعاب والدفاع عن أنفسهن في ظل الحرب السودانية التي انتشرت فيها جرائم اغتصاب النساء المروعة، لا سيما من قبل قوات الدعم السريع. إن ظهور النساء السودانيات في المعسكرات أثار العديد من التساؤلات حول الدوافع والأسباب التي دفعتهن للانخراط في هذا الاستنفار.
استشارية علم النفس د. ابتسام محمود لـ"الترا سودان": تجربة استنفار النساء جديدة على السودانيين وتؤكد أن الحرب ستغير الكثير من الثقافات والسلوكيات في السودان
وتقول استشارية علم النفس د. ابتسام محمود إن دور المرأة يتطور مع مرور الزمن، وكل زمان له تفاصيله الخاصة، والأمور تتغير ولا حدود للقدرات بالنسبة للرجل أو المرأة. وأضافت أن هناك ثقافات تحد من قدرة طرف وتزيد من قدرة الطرف الآخر.
قدرات المرأة
ابتسام في حديثها مع "الترا سودان" اعتبرت أن المرأة السودانية استطاعت أن تدخل جميع المجالات في الشرطة والصناعة والزراعة التي كانت تعتبر حكرًا على الرجل. وتضيف أن ظروف الحرب لا تمنع تدريب واستنفار النساء السودانيات للدفاع عن النفس، لكنها تعود لتقول إن المرأة التي تمتلك القدرة على حمل السلاح والمهارات الكافية هي من يجب أن تتقدم للقتال.
وتشير إلى أن الجانب النفسي هنا يتمثل في تغيير ثقافات المجتمع نتيجة لظروف الحرب، حيث تحتاج النساء إلى الدفاع عن أنفسهن بعد التعرض للاغتصاب والاعتداءات التي انتشرت أثناء الحرب. وأكدت هذه الاختصاصية أن هذه التجربة ستؤثر بشكل كبير في المجتمع السوداني، متسائلة عما إذا كان هذا الدور يتعارض مع دور المرأة كأم وكزوجة، وعن مدى قبول أسرهن للاستنفار.
وتفيد استشارية علم النفس بأن هذه التجربة جديدة على السودانيين، وتؤكد أن الحرب ستغير الكثير من الثقافات والسلوكيات في السودان. وتعتقد ابتسام محمود د أن المرأة قادرة على أداء أي مهمة، حيث يوجد في قوات الدعم السريع نساء قناصات، كما أنه لا يوجد ما يمنع وجود متدربات سودانيات في الجيش يعملن مع نظرائهن من الرجال.
مؤشر خطير
وتقول الصحفية ملاذ حسن إن عملية استقطاب النساء للاستنفار بمعسكرات التجنيد المسماة "معسكرات الكرامة"، هي ظاهرة من ديدن سلوك الإسلاميين في السودان، الذين لطالما أنشأوا معسكرات مماثلة للنساء منذ بداية حكمهم في التسعينات، مثل معسكرات "أخوات نسيبة" وغيرها.
ملاذ حسن قالت إن الأعداد الكبيرة للنساء المستنفرات يشكل "مؤشرًا خطيرًا" على سلامتهن النفسية والجسدية، خاصة في ظل وضع الحرب. وقالت إن "دخول النساء السودانيات هذه المعسكرات لحماية أنفسهن من أي انتهاكات لا يضمن عدم تعرضهن لانتهاكات داخل هذه المعسكرات نفسها"، بحسب تعبيرها.
صحفية: أغلب النساء يندرجن ضمن صفوف هذه المعسكرات بدافع حماية أنفسهن، وقد يكون من بينهن نساء ناجيات من حرب الخرطوم ومناطق أخرى
وتشير إلى أن أغلب النساء يندرجن ضمن صفوف هذه المعسكرات بدافع حماية أنفسهن، وقد يكون من بينهن نساء ناجيات من حرب الخرطوم ومناطق أخرى، وشهدن مواقف انتهاكات عديدة، أو قد يكنّ نساء في ولايات أخرى لم تطلها أيادي الحرب بعد لكنهن فضلن الانضمام للتدريب فيها تحسبًا لأي هجوم مباغت على مناطقهن. وتضيف أن في أحيان كثيرة يكون الدافع "شعبويًا" بحكم ولائهن للقوات المسلحة، وفي أحيان أخرى يكون الدافع سياسيًا.
وتشدد هذه الصحفية أن نتائج هذا التحشيد للنساء ستكون كارثية، قائلة إن تدريب هؤلاء النسوة في مراكز شعبية متواضعة ولمدة بسيطة لا تتعدى الشهرين أو الثلاثة أشهر لا يعني بالضرورة استعدادهن لمجابهة الخطر في حال هاجمتهن قوات وحشية مثل الدعم السريع، كما لا يعني أنهن أصبحن مجندات بالشكل الذي يجعلهن مستعدات لأي قتال ميداني، خاصة وأن تدريبهن لم يتم في مراكز تجنيد احترافية قادرة على إعداد مجندات على مستوى جيوش أخرى في العالم تستوعب النساء ضمن صفوفها القتالية.
الدوافع والأسباب
أما الاختصاصية الاجتماعية ثريا إبراهيم فتقول إن استنفار النساء ينبع من دوافع مختلفة تختلف من واحدة لأخرى، ويعود استنفارهن إلى خلفيات متعددة. وتضيف لـ"الترا سودان": "هناك نساء في القوات النظامية بأشكالها المختلفة، وأيضًا في الجيش يكون للمرأة حضورها، وبعض النساء لديهن الرغبة في الاستنفار بدوافع متعددة".
تقول هذه الاختصاصية النفسية إن هناك دوافع شخصية قد تجعل المرأة ترغب في الاستنفار، بالإضافة إلى موقفها من الحرب الدائرة الآن، فضلًا عن أسباب أخرى، مثل فقدان واحد من أعزائها في الحرب، أو تعرضها لأي نوع من الضرر. وتشير ثريا إبراهيم إلى وجود أسباب عقلانية لهذا الاستنفار تتعلق بالأفكار والمحفزات التي دفعت لاستنفارهن.
وتعتقد اختصاصية الطب النفسي أن تفكير المرأة في الاستنفار لا يختلف كثيرًا عن تفكير الرجل، حيث يتأثر بالموقف وتقديرها للواقع، بالإضافة إلى ارتباطها إلى حد كبير بالتجارب السابقة للاستنفار. وتضيف: "إذا دخلت المرأة معسكرًا في السابق أو إذا كان أحد أفراد أسرتها شجعها على الاستنفار؛ قد يكون لهذا دور في اتخاذ قرارها، إلى جانب الدوافع الفكرية".
تجنيد النساء
من جانبها تقول رئيسة مبادرة "لا لقهر النساء"، أميرة عثمان، إن تجنيد النساء في حروب السودان "ليس بجديد على الحركة الإسلامية، حيث حدث ذلك من قبل فيما عرف باسم أخوات نسيبة وغيرهن"، حد قولها. وتعتبر عثمان تجنيد النساء خلال الحرب الحالية محاولة جديدة لمن وصفتها بـ"ميلشيات تجنيد النساء".
رئيسة مبادرة "لا لقهر النساء"، أميرة عثمان: "الترا سودان": على النساء رفض القتال وأن يكن صانعات للسلام
وتعتقد أميرة عثمان أن ما يحدث من حرب في السودان هو صراع من أجل البقاء في السلطة، وتقول إن النساء يُستخدمن كضحايا لترهيب الوعي واستبدال المعرفة بالتجنيد، مشيرة إلى "التخويف من الاغتصاب" كوسيلة للتجنيد، مؤكدة إمكانية حدوثه، مشددة في الوقت ذاته على أن "الهدف من الاستنفار ليس حماية النساء".
وتقول رئيسة مبادرة "لا لقهر النساء" إن الجيش السوداني يأخذ (80)% من ميزانية الدولة، وعندما يأتي الوقت الحقيقي للدفاع عن المواطنين، يظهر عدم قدرته على حمايتهم، مما يؤدي إلى تسليح المدنيين والمزيد من التفلتات الأمنية. وتعتبر عثمان وجود النساء في سياق "مزيد من الحرب" أمرًا مؤسفًا.
وطالبت النساء برفض القتال وأن يكن صانعات للسلام، مؤكدة أن أطراف الحرب سوف تجنح إلى السلم في النهاية، داعية الدولة لدعم النازحات والأطفال الذين تأثروا جراء الحرب بدلًا عن تجنيد النساء.
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.