تاريخ وجغرافيا عماد عبدالله
10 September 2020
يسعى التشكيلي والكاتب السوداني، عماد عبد الله، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولسنوات لأن يكون باعثًا ومصدّرًا للسودانية في كل تفاصيلها. تاريخها، جغرافيتها، ناسها، أحلامها، وانكساراتها.
في مكتوبات عماد عبدالله ومنشوراته؛ الأغنية العاطفية والوطنية، وأشعار الحماسة، وأغنيات الحقيبة، والأمثال الغارقة في السودانية
ينبشُ عماد في تاريخ السودانيين، وحكاياته الغميسة. ويكتب المفارقة الغارقة في الحزن أو الفرح. ويرسم شخصيات يختارها بعنايةٍ، مليئة بالتدبر والمعاني المضمرة. ثم يختار الأغنيات، ويكتب التواريخ التي حولها. يفعل كل ذلك، وهو متحركٌ في دوائر كبيرة وصغيرة، في تاريخ وجغرافيا السودان.
اقرأ/ي أيضًا: السر دوليب.. ورحل آخر المتفائلين
في مكتوبات الكاتب والباحث عماد عبد الله، ومنشوراته التي يكتبها بشكل شبه يومي عبر فيسبوك؛ الأغنية العاطفية والوطنية، وأشعار الحماسة، وأغنيات الحقيبة، والأمثال الغارقة في السودانية. ونكات المجتمعات التي تعيشُ في المناطق المعتمة والقصيّة، بمفارقاتها وبذاءاتها وعُمق معناها. بجانب قصائد وأماديح حاج الماحي، وغيره من أشياخ وأقطاب الصوفية في السودان. ومنقولات منسوبة لشخصياتٍ سودانيةٍ لها أثرها وصيتها وتجربتها في العمل العام. في كل هذه المكتوبات يخرجُ عماد عبد الله من دائرة جغرافيا سودانية، ليدخل في دائرة أخرى من التاريخ السوداني. وهكذا.. وهكذا. يفعل كل ذلك، وهو في تمام العُدّة والعتاد بالسودان والسودانيين.
قبل سنوات، ابتدر التشكيلي عماد عبد الله مشروعًا صغيرًا، بثّه عبر فيسبوك. وهو عبارة عن قُصاصاتٍ واقتباساتٍ، لعددٍ وافرٍ من مقاطع شعريةٍ مكتوبة ومختارةٍ بعناية، لشعراء سودانيين، من حِقبٍ ومدارس شعرية مختلفة، أو حتى مقولاتٍ لسياسيين. تجد في هذه القُصاصات: الشاعر عمر الطيب الدوش، الشاعر محمد طه القدّال، رئيس الوزراء الأسبق عبدالله بك خليل،الشاعر صلاح أحمد إبراهيم.. وغيرهم وغيرهم.
يُفيد عماد عبد الله، في حديثٍ سابقٍ معه، عن هذا البحث المحموم في تاريخ وجغرافيا السودان الذي ضمّنه في قصاصاته، بأنّه متذوّقٌ للجمال، وأنه يُحاول عبر ما يكتب ويبحث ويرسم، أنْ يُذكّر السودانيين بأنّهم أمة ثرية وممتلئة بالإبداع، وأنّ الله حباهم ببلدٍ وأناس يستحقوا الاحتفاء بسيرهم. ويُحاول أنْ يستفزّ في السودانيين محبة السودان. أهله، أرضه، تاريخه، نجاحاته، وإخفاقاته، أحلامه، طموحاته، أغنياته، ومناحاته.
قبل خمس سنوات، أصدر عماد عبد الله، أول كُتبه، وأسماهُ (الحكايات الغميسة... حنين المخاليق للأمكنة). وهي كتاباتٌ تُظهر جانبًا مهمًا، وهو عماد الممسك بخيوط السرد والحكايات، والعارف بمجتمعات السودانيين قبل أكثر من أربعة أو خمسة عقود. الأعمال الحكائية التي ضمّنها عماد عبدالله في كتابه، هي خُلاصة ما ظلّ ينشرهُ عبر فيسبوك لسنواتٍ طويلة، أو عبر عددٍ من المنتديات الإلكترونية السودانية، مثل منتدى سودانيز أونلاين.
علّقتْ الكاتبة ميسون النجومي، على كتابات عماد عبد الله، بكونها تتجلى فيها العين الرحيمة التي يرسم بها الجميع، وهي عينٌ بحسب ميسون "ليست مفتعلةً، ولا تُضفي بطولات زائفةٍ على الشخصيات البسيطة، والحوارات التي تبدو بلا مغزى، تدور فيما بين هذه الشخصيات. بل تحتفي بشكلٍ حقيقي بكل الفعل الإنساني. في بساطته، وتفاهته؛ وصولا إلى عُمقه، احتفاءً بذلك الشر الأليف والخباثات والخساسات البشرية التي هي جزء من طبيعتها".
الشخصيات التي يختارها عماد عبدالله، لتكون نسيجًا وقماشةً لها، في الأغلب يختارها من أناس عاديين، يملأهم بالمودة السودانية، والغضب السوداني، والمزاج السوداني، والمفارقات السودانية، وكذا بالسفه السوداني. فتخرجُ سودانيةً في تمام سودانيتها. ثم لا يتركها في هيئتها السودانية هذه، إلا ويملؤها بسيرةٍ ضاجّةٍ بالإمتاع والمؤانسة. وهي طريقته في الكتابة شديدة السهولة، شديدة الصعوبة في آنٍ واحد.
وفوق ذلك كله، فالتشكيلي عماد عبدالله، أحد قلائل الرسّامين السودانيين الممتلكين لموهبة رسم البورتريه. وتكاد الوجوه التي يرسمها بقلم الرُصاص، أو بالفحم، تنطقُ ملامحها، وتفاصيل تفاصيلها. وأكثر من ذلك، فإنّ اختياراته للوجوه التي يرسمها وينشرها من وقتٍ لآخر، تُخبر عن ثقافته السودانية، وقدرته الفنية المبدعةِ؛ على عكس وإيصال ما يُريد إرساله.
يُعلّق الطبيب عبدالرحمن حمد، وأحد المتابعين لما يكتب ويرسم عماد عبدالله، على أعمال البورتريه، فيقول: "بريشةٍ رشيقةٍ، واختياراتٍ بديعةٍ؛ يصنعُ عماد رسوماته البورتريه، النابضة بالحياة، والغنيةِ بالتفاصيل. حتى لتكاد تمد يدك لتحسس هذه الوجوه. وقد وفّر فيسبوك كوة ضوء على بعض ما يذخر به غاليري عماد".
اقرأ/ي أيضًا: بروفايل الوداع.. وردة ماركيز تُحلِّق إلى الأبدية
الخُلاصة فيما يكتب ويرسم ويحكي ويروي عماد عبدالله، أنّه باحثٌ وموطّن لمفاهيم السودانوية. وهي مدرسةٌ تنتسبُ للتشكيلي أحمد الطيب زين العابدين، أستاذ الفنون، وأحد الذين تلقى عماد عبدالله عندهم معرفة الفنون. لكن عند عماد، فهو يُنفّذها بمعرفةٍ ومحبة، في كل أعماله. وتتبدّى أكثر في اختيارات الحكايات التي تأخذ من مجتمع الخرطوم، وبقية أقاليم السودان المختلفة. كما تتبدّى في مفارقاته المضحكة، المقصود منها رسالةٌ مضمّرة، يصل القارئ إليها بسهولةٍ ومباشريةٍ. وفي ذات الوقت تتبدّى في ألوانه وبورتريهاته، وكذا في مكتوباته.
تاريخ وجغرافيا، التشكيلي والكاتب عماد عبدالله، هو تاريخ المجتمع السوداني، بكل حنينه الدفّاق، المسوّر بالنوستالجيا
بصورة أكثر دقةٍ، وصرامة، ومباشريةٍ، فإنّ تاريخ وجغرافيا، التشكيلي والكاتب عماد عبدالله، هو تاريخ المجتمع السوداني، بكل حنينه الدفّاق، المسوّر بالنوستالجيا. وواقعه كثير التشابك والتعقيد. ومستقبله، الذي لا يختلف كثيرًا عن تعقيدات الحاضر. لكن في كل ذلك، يظل عماد عبدالله، مؤمنًا بالسودان وأهله، إيمان العجائز.
اقرأ/ي أيضًا
صورة المرأة في الرواية السودانية.. التمرد وانكشاف الكينونة الأنثوية
الكلمات المفتاحية

الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"
تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.

معرض كتاب مصغر للمؤلفات السودانية بدار تجمع الفنانين في القاهرة
أعلنت مجموعة من دور النشر السودانية عن إقامة معرض كتاب مصغر للناشرين والكتاب السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من "10 إلى 17" من شهر رمضان المكرم.

"مذكرات جثة منتفخة بالحياة" نصوص قصصية تنبش في أعماق الحرب
عن "دار زهرات البيدر للنشر" وتنسيق وإشراف منصة "منتدى السرد والنقد"، صدرت المجموعة القصصية "مذكرات جثة منتفخة بالحياة"، ويضم الكتاب خمس نصوص عن الحرب، لنخبة من كُتاب وكاتبات القصة، مصحوبة بدراسات نقدية من أقلام مُفكرة.

أسئلة حارقة: ثلاث روايات تناولت الحروب في السودان
الحرب واحدة من الموضوعات الرئيسية التي اشتغلت عليها الرواية السودانية، لاسيما كُتاب ما بعد "الجيل التسعيني"، الجيل الذي تزامن اشتغاله بالسرد مع اتساع رقعة الحروب في السودان، وتأزم الأوضاع عامة في البلاد، قبل أن تصل مرحلة الانفجار الكبير في حرب الخامس عشر من أبريل 2023.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.