مجتمع

"بين نارين".. أقلية إثيوبية يهودية تلجأ إلى السودان

21 أغسطس 2021
a1b78e0092b8bde2738efa699c7af57d2aa87621.jpg
فر أكثر من (3000) من القمانت إلى السودان (أ ف ب)
الترا سودان
الترا سودانفريق التحرير

الترا سودان | فريق التحرير

في مشهد يعيد إلى الذاكرة قضية اليهود الفلاشا الذين تم تهريبهم من إثيوبيا إلى إسرائيل عبر السودان إبان فترة حكم الدكتاتور الأسبق جعفر النميري؛ في هذه المادة المترجمة بتصرف عن وكالة الأنباء الفرنسية إلى جانب مصادر أخرى، نستكشف لجوء آلاف المواطنين الإثيوبيين من عرقية الـ"قمانت" التي يعتنق بعض أفرادها شكلًا من أشكال الديانة اليهودية القديمة، إلى السودان.

توسع نطاق الحرب الأهلية في إثيوبيا في الأشهر القليلة الماضية ليشمل مناطق في أقاليم الأمهرة والعفر وغيرها

ولجأت أعداد كبيرة من الإثيوبيين إلى السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية في إقليم تيغراي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حيث توسع نطاق الحرب في الأشهر القليلة الماضية ليشمل مناطق في إقليم الأمهرة موطن أقلية القمانت، وإقليم العفر المتاخم لتيغراي وغيرها من المناطق في إثيوبيا، والتي تشهد اضطرابات كبيرة لم تشهد مثلها منذ عقود.

اقرأ/ي أيضًا: لاجئات جنوبيات في السودان.. صدمات ما بعد الحرب

وقالت اللاجئة من قومية القمانت إمبيت ديموز والتي هربت من قريتها الشهر الماضي مثل آلاف آخرين لفرانس بريس: "لقد حرقوا منازلنا وقتلوا الناس بالمناجل.. لم نتمكن حتى من أخذ الجثث ودفنها".

والقمانت هي مجموعة عرقية صغيرة في شمال غرب إثيوبيا، وهم مرتبطون بشعب الـ"أغو" في إثيوبيا. وتمارس المجموعة تقليديًا ديانة عبرية مبكرة، لكن معظم أعضائها اعتنقوا المسيحية الأرثوذكسية الإثيوبية، وترتبط الجماعة ترايخيًا بمجموعات اليهود الفلاشا الإثيوبيين.

وحاولت الجماعة المشمولة ضمن إقليم الأمهرا في النظام الفدرالي الإثيوبي، إنشاء منطقة حكم ذاتي وفقًا لاستفتاء في العام 2017، ولكن انتهى ذلك إلى نزاع مناطقي أدى لاشتباكات متكررة بينها وبين قومية الأمهرا المسيطرة.

وقالت إمبيت البالغة من العمر (20) عامًا: "مقاتلو الأمهرة المدعومون من الحكومة أرادونا أن نخرج من أرضنا.. إنهم يقتلوننا لأننا أقلية عرقية ".

لكن المتحدث باسم إقليم أمهرة، غيزاشيو مولونه، نفى بشكل قاطع استهداف أفراد من جماعة قمانت العرقية.

ويقول زعماء أمهرة إن مسعى قمانت للحكم الذاتي قد أذكاه إلى حد كبير متمردو تيغراي، ويزعمون أنهم يخوضون حربًا بالوكالة من خلال دعم الجماعة.

وصرح مولونه، أن من وصفوا بأنهم لاجئون هم "مؤيدون للإرهاب من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وأنهم أنشأتهم الجبهة بهدف تشتيت انتباه إثيوبيا والأمهرة".

اقرأ/ي أيضًا: في اليوم العالمي للشباب.. من يصنع المستقبل؟

وتقدر الأمم المتحدة أن حوالي (200) ألف شخص نزحوا من منازلهم في أمهرة، حيث أدى العنف إلى إحداث شرخ أعمق بين الجماعات العرقية في إثيوبيا.

لاجئة: أرادت الأمهرة منا أن نلتزم جانبهم في الصراع ضد التيغراي.. رفضنا الانحياز إلى أي طرف، فقاتلون

وقالت اللاجئة بالاتا غوشي: "أرادت الأمهرة منا أن نلتزم جانبهم في الصراع ضد التيغراي.. رفضنا الانحياز إلى أي طرف، فقاتلونا".

وأجبرت الاشتباكات بين أمهرة وقمانت الآلاف على الفرار في نيسان/أبريل المنصرم، وفقًا للأمم المتحدة. 

ويزعم نشطاء قمانت أن وطنهم التاريخي يشمل قرى متاخمة للسودان. لكن هذا أدى أيضًا إلى اتهامات بأن قومية قمانت تلقت دعمًا من السودان، والذي لديه قضايا إقليمية مع إثيوبيا، معظمها في مناطق تقع بالقرب من إقليم أمهرة.

كما توترت العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا بسبب سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق، والذي تخشى مصر والسودان أن يهدد المياه التي يعتمدان عليها.

وبالنسبة للمدنيين مثل إمبيت العالقين وسط النيران، لم يترك لهم العنف خيارًا سوى المغادرة.

ويقول مسؤولون سودانيون، إنها واحدة من حوالي (3000) لاجئ من القمانت عبروا الحدود إلى السودان في الأسابيع الأخيرة.

وقال محمد عبدالكريم، من مفوضية اللاجئين السودانية: "نتوقع وصول المزيد من القمانت، بالإضافة إلى عرقيات أخرى".

اقرأ/ي أيضًا: نيويورك تايمز: مع احتدام الحرب في إثيوبيا.. جثث تطفو في مجرى النهر بالسودان

ويستضيف السودان بالفعل أكثر من (60) ألف لاجئ من إثيوبيا، وفقًا للأمم المتحدة، مما يضع ضغوطًا شديدة على بلد يعاني بالفعل من أزمته الاقتصادية الحادة.

لاجئ: في البداية، كانت الخلافات بين الأعراق، ولكن الآن تقاتلنا الحكومة

ووجدت إمبيت مأوى في المناطق الحدودية السودانية، داخل مدرسة تم تحويلها إلى مخيم مؤقت، أصبح الآن منزلًا مؤقتًا لألف لاجئ.

وهناك إمدادات غذائية أساسية، لكنها تنام تحت أغطية بلاستيكية لا توفر سوى القليل من المأوى من الحرارة الشديدة أو الأمطار الغزيرة. تقول "نحن بأمان هنا على الأقل".

ويقول اللاجئون إنهم ضحايا صراع عرقي طويل الأمد. وقال أمان فارادا، وهو لاجئ يبلغ من العمر (26) عامًا من مدينة غوندر شمال إثيوبيا: "التوترات تتصاعد بالفعل منذ سنوات". ويضيف: "في البداية، كانت الخلافات بين الأعراق، ولكن الآن تقاتلنا الحكومة".

ويعتقد كاساو أباي أن الأمهرة استخدموا صراع التيغراي كـ"ذريعة" لتوسيع سيطرتهم على أراضٍ أخرى.

وقال عامل البناء البالغ من العمر (50) عامًا: "إنهم يرون المنطقة بأكملها على أنها ملكهم، لذا فهم لا يريدوننا نحن القمانت ولا التيغراي هناك".

وفي وقت مبكر من القتال، أعلن آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2019، النصر بعد أن استولت قواته على مقلي، العاصمة الإقليمية لتيغراي.

لكن في حزيران/يونيو المنصرم، استعادت جبهة تحرير تيغراي السيطرة على جزء كبير من الإقليم، بما في ذلك مقلي، وتقدمت شرقًا وجنوبًا إلى إقليمي الأمهرة والعفر.

اقرأ/ي أيضًا: الأمطار تشل الخرطوم في ظل تدهور كبير للبنية التحتية

وتقول الأمم المتحدة إن الصراع الذي ما يزال قائمًا، وضع (400) ألف شخص في ظروف تشبه المجاعة.

أعلنت الحكومة الإثيوبية عودتها للقتال قبل أيام بعد إعلانها وقف إطلاق النار عقب سيطرة قوات تيغراي على العاصمة الإقليمية مقلي

ويقول اللاجئون من القمانت، إنهم لا يرون سوى فرصة ضئيلة للعودة إلى إثيوبيا في أي وقت قريب.

وقالت إمبيت: "لا يمكننا العودة.. كيف يمكن أن نعود وهذه الحكومة ما تزال قائمة؟".

الجدير بالذكر أن الحكومة الإثيوبية المركزية بقيادة آبي أحمد كانت قد أعلنت قبل أيام عودتها للقتال ضد جبهة تحرير تيغراي عقب إعلانها وقف إطلاق النار من طرف واحد إثر سيطرة قوات التيغراي على عاصمة الإقليم مقلي، وعللت الحكومة عودتها للحرب بدفع جبهة تحرير تيغراي بالحرب لأقاليم العفر والأمهرة المجاورة.

اقرأ/ي أيضًا

البحر الأحمر.. إرادة مجتمعية وتضافر للجهود الأهلية لمحاربة "كورونا"

"التنمر الإلكتروني".. النساء وعنف الإنترنت

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert