امتحانات الشهادة السودانية.. البحث عن العدالة
13 فبراير 2025
ضجَّت الوسائط في الأيام السابقة بين مؤيد ومعارض لإقامة امتحان الشهادة السودانية في تاريخها المعلن من قِبَل الحكومة السودانية. يستند الرافضون إلى غياب العدالة، نظرًا لعدم توفر الظروف الملائمة التي تُمكِّن كل طالب من الحصول على حقه في الجلوس مع بقية أقرانه، خاصة بعد أن تأخروا لعام ونصف جراء الحرب. في المقابل، يرى بعض الداعمين لإقامة الامتحانات أن ذلك يشكِّل رسالة داخلية وخارجية تُؤكِّد قدرة الدولة على إعادة الحياة إلى طبيعتها، رغم أن الخطاب الذي يربط الامتحانات بالتأثير السياسي فقط، متجاهلًا بقية الدواعي والمبررات، أتاح لخصومه سهولة الهجوم عليه ومحاصرته أخلاقيًا.
تبرز فكرة إقامة امتحان الشهادة في الرأي العام بإلحاح أكبر من كونها حدثًا عاديًا يمكن اتخاذ موقف بسيط منه، سلبًا أو إيجابًا
تبرز فكرة إقامة امتحان الشهادة في الرأي العام بإلحاح أكبر من كونها حدثًا عاديًا يمكن اتخاذ موقف بسيط منه، سلبًا أو إيجابًا. إنها محك أخلاقي كبير يصعب الحكم عليه، بل ويماثل تمامًا معضلة القطار التي تحتم عليك تحويل مساره ليدهس شخصًا واحدًا أو تركه على مساره الأصلي ليدهس خمسة أشخاص. الحديث هنا يتعلَّق بمصير الطلاب العالقين ومن هم دونهم في المستويات الأكاديمية. فهل يمكن لأحد أن يقدِّم إجابة حقيقية عن التوقيت الذي ستكون فيه الظروف ملائمة لتتحقق العدالة ويحظى كل الطلاب بحقهم في إكمال مسيرتهم التعليمية؟
سؤال العدالة هذا يعيدنا إلى تاريخنا القريب قبل الحرب؛ فالقليل من الملاحظة كان كافيًا لإدراك الفجوة الشاسعة بين طلاب الأقاليم وأطراف العاصمة في الاهتمام وجودة التعليم إذا ما قارنَّاهم بمدارس النخبة والمدارس الخاصة. فكيف سيكون الحال بالنسبة للطلاب المقيمين في معسكرات النزوح واللجوء ومناطق الحرب بدارفور وجنوب كردفان؟ لا يبدو أننا سنشهد قريبًا لحظةً من عمر الوطن تتساوى فيها الفرص.
يرى بعض الداعمين لإقامة الامتحانات أن ربط امتحان الشهادة بشرط تحقيق العدالة ما هو إلا ظلم لجميع الطلاب، نظرًا لاستحالة تحققها في المستقبل القريب. يشيرون إلى أن كل يوم يمرُّ يُعتبر خصمًا من أعمار هؤلاء اليافعين الذين قاربت أعمارهم العشرين، وبعضهم بلغها قبل أن يتجاوز المرحلة الثانوية. إنه خصمٌ على كل أسرة تنتظر أن تفرح بأبنائها، وخصمٌ على المجتمع الذي سيتشكل بعد أعوام قليلة بجيلٍ تائهٍ وغير مؤهل، مما ستكون له انعكاسات كارثية على كافة المهن والوظائف.
وفي ذات الصدد، صرَّح وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد خليفة في التنوير الذي أُقيم بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2024 قائلًا:
"إن إنجاز هذا المشروع في ظل هذه الظروف يُبيِّن إرادة الشعب السوداني وعزمه على المضي في مسيرة إعداد الطلاب الذين يشكِّلون عماد ومستقبل السودان".
كما أوضح الوزير أن الامتحان المقبل للشهادة السودانية سيكون بعد ثلاثة أشهر من الامتحان الحالي، مما يشكِّل فرصة جيدة للطلاب المتخلفين للجلوس للامتحان في الدفعة المقبلة.
وترى بعض قطاعات المعلمين، وعلى رأسها لجنة المعلمين السودانيين، أن إقامة الامتحانات سيكون لها أثر سلبي على العملية التعليمية. وفي إطار ذلك، أفاد المعلم "م.أ" لموقع الترا سودان قائلًا: "توقيت إقامة الامتحان غير مناسب في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها كل أسرة سودانية، من عدم الاستقرار في السكن والمعيشة. العامل الأساسي هو عدم جاهزية معظم الطلاب أكاديميًا، بسبب عدم تمكنهم من الالتحاق بالدراسة أثناء الحرب وقبلها، وعدم الاستقرار المحلي المتعلق بالنزوح من مناطق سكنهم ومعيشتهم. إضافةً إلى التخوفات من استهداف مراكز الامتحان من قِبَل مليشيا الدعم السريع، مما يشكل تحديًا نفسيًا وأمنيًا على الطلاب والأسر".
معلم: الإشكال الحقيقي يكمن في انعدام العدالة في الحق التربوي والتعليمي
ويرى هذا المعلم أن غياب العدالة سيلقي بظلال وخيمة على قيمة الامتحانات، حيث قال: "الإشكال الحقيقي يكمن في انعدام العدالة في الحق التربوي والتعليمي، فالشهادة السودانية حدث قومي له وزنه وهيبته. غياب العدل فيها يُفقِدها قوميتها وأحقية كل الطلاب بها. سيترتب على ذلك جيلٌ محطَّم أكاديميًا وأخلاقيًا ونفسيًا، يعجز عن تحقيق أبسط رغباته، مما يُفقده الانتماء للوطن".
في المقابل، تنظر الجهات الداعمة إلى احتمالية ازدياد الأوضاع سوءًا خلال الأشهر والسنين المقبلة، مما قد يترتب عليه انخفاض نسبة الجالسين من الطلاب لظروف الحرب وانعكاساتها الاقتصادية إلى أقل من 40%، حسبما أوردت لجنة المعلمين السودانيين في تقاريرها.
لا شك أن قضية التعليم أصبحت ضمن الملفات التي تشكل تحديًا كبيرًا على الدولة والمجتمع في ظل التعقيدات العسكرية الحالية. قرار تأجيلها أو إقامتها ستظهر آثاره لتعميق جراح الوطن وأزماته التي لا تنتهي. السودان على وشك أن يصبح موطنًا لأسوأ أزمة تعليمية في العالم، حسبما أوردت منظمة اليونيسيف في تقريرها الصادر أواخر 2023. وذكر ممثل المنظمة، شيلدون يت، في آب/أغسطس الماضي أن أكثر من 17 مليون طفل من أصل 19 مليونًا في سن الدراسة خارج المدرسة. كما أن اتخاذ المدارس كملاجئ للنازحين داخليًا يُقيِّد الوصول إلى التعليم في المناطق التي تم فيها فتح المدارس جزئيًا.
كل هذه التحديات يجب أن تدق ناقوس الخطر، وتلقى حقها من الاهتمام والجدية من قِبَل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني وجميع قطاعات المجتمع المختلفة، إذا أردنا أن نرى جيلًا سويًا يحقق تطلعاتنا في سودان المستقبل.
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.