النازحون في مدن السودان الآمنة.. الموت البطيء
22 أبريل 2024
في ساحة مدرسة الحميراء الأساسية بنات يلعب أطفال النازحين مع بعضهم البعض، وفي الخلفية تلوح المفارش والناموسيات والمطابخ التي في الهواء الطلق، معبرة عن الأوضاع المأساوية التي اضطرتهم الحرب للتعايش معها، حيث يقيم مئات الآلاف من النازحين داخليًا في السودان بمراكز إيواء مكتظة في ظروف غير صحية مع انعدام أساسيات الحياة.
يواجه الأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن من النازحين بالولايات الآمنة الموت البطيء جراء انقطاع الخدمة العلاجية عنهم مع الأوضاع الموضوفة بـ"الكارثية" في مراكز الإيواء
ويتسبب الازدحام الكبير وانعدام مياه الشرب النظيفة والغذاء الكافي في انتشار الأمراض والوبائيات وسط النازحين ليواجهوا مصائرهم دون رعاية صحية. وبحسب منظمة الصحة العالمية يفتقر حوالي (65) بالمائة من السكان في السودان إلى الرعاية الصحية، كما أن ما بين (70) إلى (80) بالمائة من المستشفيات في المناطق المتضررة من النزاع لم تعد تعمل.
النازحون والأمراض
ويواجه الأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن من النازحين في الولايات الآمنة الموت البطيء جراء انقطاع الخدمة العلاجية عنهم مع الأوضاع الموصوفة بـ"الكارثية" في مراكز الإيواء. ويفاقم النزوح من معاناة المرضى والشرائح المعرضة. وصرح بيتر غراف، القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية، بأن الوضع في السودان بمثابة "عاصفة كاملة"، مؤكدًا أن "النظام الصحي لا يعمل بشكل جيد، وبرنامج تحصين الأطفال ينهار، والأمراض المعدية تنتشر".
ويقول الشاب محمد عزالدين الذي نزح من الخرطوم إلى ولاية كسلا رفقة عائلته، إن الناس تقيم في هذه المراكز المزدحة جراء ارتفاع أسعار الإيجارات بصورة كبيرة عقب الحرب وموجة النزوح من العاصمة الخرطوم وغيرها من المدن التي تشهد عمليات حربية نشطة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
انهيار النظام الصحي
ويؤكد عزالدين على الأوضاع الصحية الصعبة في ولاية كسلا، ويقول إنه رافق عددًا من أقربائه أثناء تطبيبهم في مستشفى كسلا التعليمي من الحميات التي تنشتر بصورة وبائية في إقليم شرق السودان، لا سيما حمى الضنك والحمى النزفية والحميات الفيروسية.
مشددًا على ازدحام المستشفى الكبير في ولاية كسلا بطالبي الخدمة، حيث يسافر بعض المرضى فقط لتلقي العلاج، لا سيما مرضى الفشل الكلوي والأمراض المزمنة التي لا تتحمل توقف الرعاية، خاصة أن المناطق التي تشهد عمليات عسكرية نشطة لا يوجد بها ممرات آمنة تسمح بإدخال الإغاثة للعالقين، وتوقفت فيها معظم المستشفيات، والتي نُهبت مقتنياتها وخربت أثناء الحرب، بحسب تصريحات لوزير الصحة الاتحادي.
وقال وزير الصحة الاتحادي المكلف إن خسائر القطاع الصحي جراء الحرب في السودان قد بلغت (11) مليار دولار، لا سيما في ولاية الخرطوم التي شهدت أعنف المعارك والقصف الذي طال المستشفيات التي يتركز معظمها في العاصمة التي كانت مركز الأعمال والخدمات في السودان قبل الحرب.
ووجه في مؤتمر صحفي الشهر الماضي نداء لتأهيل وإعمار (25) بالمائة من المستشفيات في السودان، وتشمل المستشفيات المرجعية الأساسية التى تضم تخصصات زراعة الكلى والرنين المغنطيسى والأورام.
وأشار وزير الصحة إلى أن التخريب والنهب طال الأجهزة والمعدات الطبية والشبكات، مبينًا أن هناك بعض المستشفيات مثل مستشفى الحصاحيصا ومستشفيات دارفور تدمرت كليًا أثناء الحرب.
وفي ظل انهيار النظام الصحي يواجه النازحون العديد من الوبائيات التي ساعد في تفشيها الأوضاع البيئية والمعيشية القاسية في مراكز الإيواء بالمدن الآمنة، والتي تحتضن عوائل وكبار سن ومرضى دون أمل كبير في تلقي الرعاية.
مراكز الإيواء بالمدن الآمنة
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، اليوم الإثنين، إنها قدمت خدمات الصحة الأولية والرعاية الصحية التخصصة لأكثر من (73) ألف شخص في السودان، وفحوصات التغذية لأكثر من (4400) من المتواجدين في مخيمات النازحين واللاجئين ومواقع التجمع ونقاط الدخول وطرق الهجرة الرئيسية والمجتمعات المضيفة. وتقدم هذه الخدمات من خلال ثمانية مرافق صحية ثابتة وأربع عيادات متنقلة ومراكز لموارد المهاجرين والاستجابة لهم ولتقييم صحة المهاجرين في ولايات الجزيرة والنيل الأزرق والقضارف وكسلا والشمال والبحر الأحمر والنيل الأبيض. وكذلك شمال منطقة أبيي.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في نيسان/أبريل من العام الماضي، رصدت العديد من الوبائيات في السودان، وقالت منظمة الصحة العالمية إنه تم الإبلاغ عن أكثر من (10) آلاف حالة كوليرا، وخمسة آلاف حالة حصبة، وحوالي ثمانية آلاف حالة لحمى الضنك، وأكثر من (1.2) مليون حالة سريرية للملاريا.
يذكر أن عدد النازحين السودانيين جراء الحرب السودانية التي أكملت عامها الأول منتصف الشهر الجاري، يقترب من تسعة ملايين، عبر حوالي مليونين منهم الحدود بينما يتواجد البقية في المرافق العامة والمؤسسات التعليمية التي تحولت تلقائيًا إلى مراكز إيواء للنازحين.
ويقيم الغالبية العظمى من النازحين في ولايات شمال وشرق السودان، لا سيما عقب سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث غادر مئات الآلاف فرارًا من هذه القوات التي صاحب اجتياحها للمدينة حالة انفلات أمني شاملة وأعمال نهب وسلب وقتل واعتقالات خارج إطار القانون.
زادت حالات النزوح المتعدد وتوسع نطاق الحرب من تكدس النازحين في مراكز الإيواء، ما يعرضهم لأخطار متزايدة من تفشي الأمراض
وزادت حالات النزوح المتعدد وتوسع نطاق الحرب من تكدس النازحين في مراكز الإيواء، ما يعرضهم لأخطار متزايدة من تفشي الأمراض، وتقول الطبيبة آمنة خيري التي تعمل مع المنظمة الدولية للهجرة في الولاية الشمالية، إن بعض النازحين يعانون من حالات طبية تهدد حياتهم، وأمراض مزمنة معقدة، وبعضهم مصاب بالسرطان والأمراض غير المعدية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، وشددت على حاجتهم للرعاية الطبية الفورية.
وقالت المنظمة إنها تعمل على توسيع نطاق استجابتها الصحية وتوفير الصحة والتغذية والدعم النفسي والاجتماعي والحماية والاستجابة للعنف القائم على النوع.
موت الطفولة
وتقول إحصائيات إن أربعة ملايين من الأطفال السودانيين هم في عداد النازحين جراء الحرب، ووصفت بأنها أكبر حالة نزوح للأطفال في العالم حاليًا. ويقيم مليونا طفل من النازحين داخل السودان، بينما عبر مليونان آخران الحدود إلى دول الجوار.
وحذرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الأطفال من تعرض (24) مليون طفل سوداني لخطر "كارثة عابرة للأجيال". وشددت في تقرير على أن حقوق الأطفال في الحياة والبقاء والحماية والتعليم والصحة والتنمية "جميعها قد انتهكت بشكل خطير في الصراع الذي يشهده البلد".
وعلى الرغم من الاحتياجات في السودان، إلا أن هنالك نقص في تمويل الاستجابة الإنسانية، وأعلنت الأمم المتحدة عن احتياجات بقيمة (4.1) مليار دولار لتغطية الاستجابة الإنسانية في السودان ومراكز النزوح واللجوء.
كانت منظمات قد كشفت عن موت (13) طفلًا يوميًا جراء الجوع وسوء التغذية والأمراض المرتبطة بها في معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور
وكانت منظمات قد كشفت عن موت (13) طفلًا يوميًا جراء الجوع وسوء التغذية والأمراض المرتبطة بها في معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور،وكان ربع الأطفال الذي خضعوا للفحوصات الطبية في المعسكر، يعانون من سوء التغذية الحاد. ويفاقم من خطورة أوضاع الأطفال في السودان قلة التغطية باللقاحات في ظل الجوع وتفشي الأوبئة والأمراض، لا سيما في مراكز النزوح واللجوء المكتظة.
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.