مجتمع

الملاريا.. وباء يفتك بالآلاف في شرق السودان

17 أبريل 2024
يصطف المرضى بمستشفى القضارف التعليمي لتلقي العلاج.jpg
(أرشيفية)
محمد حلفاويصحفي سوداني

في حجرة يجد عبدالله (52 عامًا) نفسه محاطًا بالأطباء في مستشفى يتبع للقطاع الخاص بمدينة  كسلا، والتي وصلها من مدينة القضارف الواقعة غربي الولاية في شرق السودان. وشُخصت حالة عبدالله بالملاريا، وهي وباء ينتشر  في إقليم شرق السودان نتيجة ضعف مكافحة الأمراض المستوطنة، وفق ما يقول الأطباء.

يعزو المختصون مضاعفات الملاريا والوفيات إلى سوء التغذية لدى غالبية السكان 

تدهورت حالة عبدالله الصحية بعد مكوثه لثلاثة أسابيع في المنزل معتمدًا على علاج الملاريا عن طريق عامل في وحدة صحية في الحي، كان يعتقد أنه قد يتمكن من محاصرة المرض دون الحاجة إلى الذهاب للمستشفى.

سافر عبدالله إلى مدينة كسلا قاطعًا مسافة تقدر بـ (400) كيلومتر للوصول إلى المستشفى الخاص الذي احتجز فيه لعلاج حالته المتدهورة. ويدفع هذا المريض نظير البقاء في المركز الطبي ما قدره (50) ألف جنيه يوميًا، ما يعادل (30) دولارًا أمريكيًا.

بينما تفتك الملاريا بالآلاف في ولايتي كسلا والقضارف في الشهور الأخيرة بالتزامن مع الحرب التي تستعر منذ قرابة العام، لا يمكن التكهن عما إذا كانت هناك حملات قد صممت لمكافحة هذا المرض الفتاك.

ورغم وقوع المناطق التي تنتشر فيها الملاريا بمعزل عن دائرة النزاع المسلح، إلا أن تراجع عمل القطاع الصحي في مكافحة الأمراض المستوطنة ساعد النواقل في الانتشار حسب خبراء في القطاع الصحي.

قال خبير سابق في منظمة الصحة العالمية لـ"الترا سودان" إن الملاريا واحدة من الوبائيات التي تفشت خلال الحرب، والسبب أن الصراع المسلح دائما ما يترافق معه تفشٍ للأمراض لتركيز الأنظمة أو الدولة على الإنفاق العسكري عوضًا عن تمويل القطاع الصحي.

ويقول الخبير إن خطط التمويل في المجال الإنساني تمنح الأولوية لإطعام المتأثرين بالصراع المسلح ثم يخصص جزء من التمويل للوبائيات ومكافحة الأمراض، لكن بالوتيرة التي تسير في السودان، فإن الملاريا لن تتوقف عن الفتك بالناس، لأن هذا مرض يجد ملاذًا في الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية.

ويقول أحد المرافقين للرجل الخمسيني بالمستشفى في مدينة كسلا، لـ"الترا سودان"، إن الملاريا فتكت بالمواطنين في الأرياف والمدن، وانتشرت خلال الحرب لعوامل كثيرة، لكن للمرض علاقة بسوء التغذية أو تدهور نوع الوجبات التي يحصل عليها الأشخاص خلال اليوم.

وأضاف عماد الذي يرافق والده، إن غالبية المواطنين تدهورت أوضاعهم المعيشية خلال الحرب بسبب تدني الاقتصاد وتوقف الرواتب بالتالي تراجعت القيمة الغذائية للوجبات التي تتوفر لديهم خلال اليوم.

تقدر منظمات الصحة العالمية عدد المصابين بالملاريا خلال الحرب بعشرة آلاف شخص حتى نهاية العام الماضي، ووصلت الوفيات إلى أكثر من (300) شخص.

يقول طبيب بمستشفى حكومي في مدينة كسلا لـ"الترا سودان"، إن الملاريا مستوطنة في إقليم شرق السودان. وزاد عدد المصابين خلال الحرب بسبب ضعف قدرات المكافحة وتأثير الحرب على ميزانيات المؤسسات العاملة في هذا القطاع، إلى جانب عدم صرف الأجور للعاملين في فرق الصحة بالمحليات.

يعتقد هذا الطبيب أن السودان لم يصبح يومًا خاليًا من الملاريا حتى خلال فترات الاستقرار المحدود، لأن المبالغ المخصصة "خجولة جدًا" والسودان يعتمد على المنظمات الدولية في تمويل القطاع الصحي منذ سنوات وهذه أدوات غير ناجعة لبناء نظام صحي متكامل.

بالمقابل تنفي وزارة الصحة الاتحادية وجود تقاعس من جانبها في مكافحة الأمراض المستوطنة، وقال مصدر من الوزارة لـ"الترا سودان" إن التقييم الميداني الذي بدأ الأسبوعين الماضيين جاء نتيجة اجتماع موسع لمسؤولي الصحة الذين يشددون على ضرورة التحرك الاستباقي لمكافحة نواقل المرض.

وأضاف: "نعمل وفق الإمكانيات المتاحة، وهناك عمل رائع قام به العمال في نظافة البرك وردمها ورش الأحياء. ولدينا انخفاض في الملاريا في خمس ولايات، وهي: الشمالية ونهر النيل وكسلا والقضارف وسنار مقارنة مع شهور السابقة".

فيما تقول اختصاصية التغذية علا عبدالرحيم لـ"الترا سودان" إن مضاعفات الملاريا تتزايد نتيجة سوء التغذية للشخص وعدم تناول الفواكه واللحوم والخضروات التي تساعد على تعزيز المناعة.

وترى عبدالرحيم أن جزء من المواطنين خلال الحرب في حالة نزوح بالتالي خفض الوجبات الغذائية وقلة جودتها والاعتماد على البقوليات لسهولة التخزين والشراء، بينما تظل المجتمعات المستضيفة هي الأخرى تعاني اقتصاديًا بسبب ارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على الفواكه واللحوم والخضروات بأسعار في متناول اليد.

خبيرة تغذية: الملاريا مرض خطير، وإذا لم تجد العلاج الناجع قد تتحول إلى "ملاريا دماغية" تؤدي إلى الوفاة

وتقول علا عبدالرحيم إن الملاريا مرض خطير، وإذا لم تجد العلاج الناجع قد تتحول إلى "ملاريا دماغية" تؤدي إلى الوفاة، إلى جانب فقر الدم ونقصانه وحاجة المريض إلى نقل الدم، جميعها مضاعفات يمكن تداركها إذا لجأ الناس إلى الإجراءات الوقائية.

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert