المال واللغة.. تحديات تعليم أبناء اللاجئين السودانيين في أوغندا
13 فبراير 2025
تنطلق بعد أقل من شهر الدراسة في المدارس الأوغندية، وتدخل المئات من الأسر السودانية اللاجئة في هذه البلاد، والراغبة في مواصلة تعليم أبنائها، في تحديات كبرى تتعلق بالرسوم الدراسية العالية في أكثرية المدارس، وحاجز اللغة الذي يشكل مأزًقا كبيرًا للطلاب السودانيين.
أصيبت العملية التعليمية في السودان بالشلل التام عقب اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل 2023
تعتمد دولة أوغندا في نظامها التعليمي اللغة الإنجليزية لغة رسمية للتعليم، بالإضافة إلى اللغة الثانية في البلاد "لوغاندا" المطلوبة ضمن المناهج الدراسية، إلى جانب اللغة السواحلية، التي تعد اختيارية بالنسبة للطلاب.
كما تعتمد البلاد نظام "التيرم" أو الفصول الدراسية ربع السنوية، إذ يقسم العام إلى ثلاثة فصول تعليمية، كل فصل يتكون من ثلاثة أشهر مكثفة من حيث المواد التعليمية الكثيرة بدورها، والاختبارات المتواصلة طيلة فترة "التيرم".
اللغة والاختيار
الباشمهندس، فيصل السر، أحد اللاجئين السودانيين الذين وصلوا إلى أوغندا بعد اندلاع الحرب في السودان بشهرين، أي في حزيران/يونيو من العام 2023، حيث استقر في العاصمة كمبالا وشرع فورًا في البحث عن مدارس لأبنائه الثلاثة، عن تجربته يقول لـ"ألترا سودان" "واجهتني أولًا مشكلة اللغة، فأبنائي مثل بقية الطلاب السودانيين، تلقوا تعليمهم باللغة العربية، ورغم أن مستوياتهم في الإنجليزي جيدة إلا أنها لا تؤهلهم لتلقي جميع المواد الدراسية، الأمر الذي دفعني قبل إلحاقهم بأي مدرسة في أن أحضر لهم معلمين للغة الإنجليزية، وتمرينهم على المواد الدراسية باللغة الجديدة عليهم". ويوضح فيصل أن مكافآت المعلمين الشهرية لم تكن كبيرة، إلا أنها قياسًا على حالته كلاجئ فقد كل شيء قبل خروجه من السودان كانت ضاغطة جدًا.
التعليم بعد الحرب
أصيبت العملية التعليمية في السودان بالشلل التام عقب اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل 2023، وخرج نحو 19 مليون تلميذ من النظام التعليمي، وفقًا لبيانات رسمية لمنظمة اليونسيف. ورغمًا عن أن بعض الولايات التي تقع في نطاق ما يعرف بالمناطق الآمنة، شمال وشرق السودان، شرعت في العام الثاني للحرب، ما بين آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2024 في فتح المدارس بشكل متدرج، بيد أن طلاب الجزء الأكبر من البلاد في الولايات المتأثرة مباشرة بالنزاع حرموا من مواصلة تعليمهم.
الآن بعد مرور 21 شهرًا على اندلاع الحرب، تبدو قضية التعليم واحدة من القضايا الشائكة والمؤثرة على مستقبل البلاد، لاسيما بعد انعقاد امتحانات الشهادة السودانية في ديسمبر المنصرم، إذ تحذر أحزاب سياسية وكيانات تعليمية، مثل لجنة المعلمين السودانيين، من أن يقود عقد الامتحانات في مناطق دون أخرى إلى تقسيم البلاد.
المال والديانة
يقول فيصل السر إنه نجح في رفع مستوى أبنائه إلى الحد الذي يؤهلهم لتلقي التعليم بالإنجليزية، وذلك بعد أربعة أشهر من التدريس المنزلي. ويضيف "لكنني واجهت بعد ذلك مشكلة الاختيار ما بين المدارس، بناء على قربها من السكن، وإن كانت تدرس التربية الإسلامية والقليل من العربية، وأخيرًا كم تبلغ رسومها الشهرية"؟
تتفاوت الرسوم الدراسية للالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية، في كمبالا، ففي حين لا تتعدى الرسوم في بعض المدارس مبلغ المئة دولار، تصل في بعضها الآخر إلى ألف دولار للطالب الواحد، مثلما يقول عبدالعزيز محمد، وهو أب لطفل وحيد.
ويضيف عبدالعزيز في حديثه لـ"الترا سودان"، إنه بعد أن دار على مدارس المنطقة التي يسكن فيها، اختار أن يلحق ابنه بمدرسة خاصة – عالمية، قريبة من المنزل، وقال "نعم رسومها عالية، تبلغ ألف دولار التيرم الواحد، أي ثلاثة ألف دولار في العام؛ لكنه ابن وحيد وفي ظرف استثنائي، وأمه تسهم بالقدر الأكبر في دراسته"، يقول عبدالعزيز، الذي تعمل زوجته موظفة بإحدى المنظمات الأممية في السودان، فهو وابنه وحيدان هنا، بينما هي ملزمة بالعمل من داخل البلاد.
سيدة سودانية: اللغة والدين كانا الهمين الرئيسين بالنسبة لي، لذا كثفت من بحثي قبل السكن النهائي إلى أن وجدت مدرسة تقدم دروسًا متصلة في مادة التربية الإسلامية، ورغم إنهم لا يدرسون اللغة العربية، لكن اكتفيت بذلك
وبعكس عبدالعزيز وزوجته الموظفة الأممية، اختارت السيدة فاطمة عبدالرسول، إحدى المدارس شبه الحكومية، لقلة رسومها الشهرية، ولأنها كما تقول تدرس التربية الإسلامية بشكل متوازن. تقول فاطمة "خرجنا من السودان بملابسنا فقط، لم نعد نملك شيئًا، ولولا انشغالنا بتعليم أبنائنا لبقينا هنا"، وتضيف لـ"الترا سودان" "اللغة والدين كانا الهمين الرئيسين بالنسبة لي، لذا كثفت من بحثي قبل السكن النهائي إلى أن وجدت مدرسة تقدم دروسًا متصلة في مادة التربية الإسلامية، ورغم إنهم لا يدرسون اللغة العربية، لكن اكتفيت بذلك". وتتابع فاطمة مستدركة "طبعًا لعبت الرسوم أيضًا دورًا رئيسيًا في اختياري، فأنا أم لأربعة أطفال، ومواردي صارت محدودة بعد ما حدث. نعم المدرسة مزدحمة قليلًا، ولكني أتابع بجدية مع أبنائي وأراجع معهم درس اليوم باليوم دون ترك شاردة أو واردة".
فرص اللاجئين
الباشمهندس فيصل، يؤكد أن أكثر ما يميز أوغندا من ناحية التعليم، أنها لا تفرق بين أبناء اللاجئين وأبناء المواطنين، فما ينطبق على المواطن ينطبق على اللاجئ، مما يتيح للأخير فرصًا في اختيار التعليم الأنسب لأبنائه، ويقول "اخترت مدرسة خاصة لكن رسومها الدراسية متوسطة في حدود المئة وخمسين دولارًا للطالب الواحد، وهو مبلغ كبير بلا شك على شخص أجبرته الظروف على اللجوء، لكنه كان الخيار الأفضل، فالمدارس ذات الرسوم المنخفضة جدًا مزدحمة بالطلاب، وهذا أمر، في رأيي، يصعب من عملية التلقي لطلاب مثل أبنائي حديثي اللغة، ويحتاجون إلى التركيز الشديد من جانبهم ومن معلميهم".
تهتم المدارس الأوغندية بمراحلها المختلفة بالأنشطة الصفية إلى جانب تركيزها الشديد على المواد الأكاديمية، فإلى جانب المتابعة اليومية من قبل المعلمين وإدارة المدرسة لأداء الطلاب، تهتم المدارس بالرياضة والموسيقى والخطابة، إضافة إلى اهتمامها بالتعبد سواء للمسيحيين، الأكثرية، أو المسلمين الذين يمثلون أقلية. فالطالب المسلم، مثلًا، يجد وقتًا لأداء الصلوات الخمس، كما أنه وبرفقة معلم مسلم يذهب في كل جمعة لأداء الصلاة جماعة في المسجد.
سرعة التعلم والتأقلم
عبدالعزيز يقول إن ابنه الوحيد صار مجيدًا في الخطابة باللغة الإنجليزية، بعد قضائه "ترمين" فقط في المدرسة، وأصبح الآن أحد الطلاب الذين تتباهى بهم إدارة المدرسة أثناء الاحتفالات المدرسية الدورية، وهي كثيرة في أوغندا، بعضها وطني يرتبط بالأعياد، والآخر خاص بكل مدرسة ونظامها، وأخرى ذات سمت عالمي وديني.
تقول السيدة فاطمة إنها راضية عن مستويات أبنائها الثلاثة، وتشير إلى أنهم – الأبناء – احتجوا في البداية لأن إدارة المدرسة رأت إرجاعهم فصلين دراسين، بسبب ضعفهم في اللغة، إلا أنهم الآن أصبحوا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة مع القليل من اللغة المحلية والسواحلية، بل أن ابنها الأكبر عملت إدارة المدرسة إلى إعادته إلى فصله الأساسي – الخامس – بعد أن أحرز تفوقًا كبيرًا في مادة اللغة الإنجليزية.
تهتم المدارس الأوغندية بمراحلها المختلفة بالأنشطة الصفية إلى جانب تركيزها الشديد على المواد الأكاديمية
في أوغندا، التي يعيش فيها الآن قرابة السبعين ألف لاجئ سوداني، هناك مناطق أخرى لجأ إليها السودانيون، من بينها معسكر " كرياندنقو" في منطقة بيالي، وهناك تعمل إدارة الجالية على التأسيس لمدارس سودانية – أوغندية منخفضة التكاليف حتى لا ترهق أسر الطلاب، الذين يشكو أغلبهم من سوء الأوضاع وضغطها عليهم.
الكلمات المفتاحية

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع
بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها
قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي
نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية
تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة
أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.