مجتمع

العودة إلى الخرطوم.. السؤال الأكثر إلحاحًا لدى النازحين

6 أغسطس 2023
سماء الخرطوم برج الفاتح النيل.jpg
دمرت الحرب العديد من المنازل والبنية التحتية في العاصمة الخرطوم (Getty)
محمد حلفاويصحفي سوداني

ما إن يحتدم النقاش في المجالس الاجتماعية بالولايات التي غادر إليها نصف سكان العاصمة الخرطوم منذ اشتعال الحرب في منتصف نيسان/أبريل الماضي، حتى يطرح السؤال الأكثر إلحاحًا من أولئك الذين فروا من الحرب بين الجيش والدعم السريع: متى نعود؟ وللإجابة على هذا السؤال قد يلجأ البعض للتحليلات العسكرية والسياسية لاستنتاج مواعيد انتهاء الاشتباكات، ولكن في كل الأحوال من الصعب أن يضرب أحدهم موعدًا دقيقًا لأوان العودة إلى الخرطوم بعد فظاعات الحرب والدمار الذي ضرب المنازل والخدمات والمصانع والشوارع والمستشفيات.

الأمل هو الشيء الوحيد الذي يلازم الفارين من حرب الخرطوم

الأمل هو الشيء الوحيد الذي يلازم الفارين من حرب الخرطوم، وعندما يستقبلون الشمس صباح كل يوم يكون التفكير الأبرز الذي يراودهم أو الأمنيات التي تلاحقهم أن يكونوا في منازلهم يمارسون المهام المعتادة في صباحات الخرطوم قبل الحرب، حيث يشربون الشاي المخلوط بالحليب في الصباح الباكر ويرسلون الأطفال إلى المدارس، وسط مكبرات باعة الخضروات والفواكه الذي درجوا على التجول في شوارع أحياء خرطوم ما قبل الحرب بسبب الكساد الذي ضرب الأسواق ما اضطر البعض لنقل بضائعهم لأبواب المنازل.

عندما يعود "الخرطوميون" إلى ديارهم ساعة توقف الحرب؛ من المهم الإجابة على أسئلة كيف تكون الأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية وهل يمكن إحياء عاداتهم وتقاليدهم من جديد مثل التحلق صباحًا حول بائعة شاي، وهل يمكنهم استعادة الطقوس اليومية في ممارسة الحياة الشاقة في العاصمة بسبب تضخم أسعار لا يرحم.

بمعنى أدق: هل ينتقل الشخص من أقصى أطراف الخرطوم إلى وسطها للعمل في مهنة شاقة والعودة بالقليل الذي لا يطعم أفواه أطفاله؟ أم أن من دفع الحرب ثمنًا ينبغي أن يجد المقابل المستحق لمواطنين عاشوا سنوات يحلمون بوطن يستحقهم؟

يقيم العديد من النازحين في معسكرات إيواء بالولايات التي لا تشهد اشتباكات بين الجيش والدعم السريع
يقيم العديد من النازحين في معسكرات إيواء بالولايات التي لا تشهد اشتباكات بين الجيش والدعم السريع (Getty)

هؤلاء الخرطوميون في الولايات التي فروا إليها للاحتماء من حرب لعينة جدًا لم تكن في حسبانهم، كانت الآمال تراودهم أن العودة قد تكون خلال أسبوعين أو شهر على أقصى تقدير، وهناك من ترك أغراضه الخاصة ريثما يعود.

وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحرب، تزداد أبواب الأمل انسدادًا وغموضًا في نظر الفارين من الحرب، فلا أخبار عن اقتراب الحسم العسكري سوى بعض المقاطع المنشورة على الشبكات الاجتماعية، ولا معلومات عن محطة الحل السلمي مع صعود خطاب التجييش بديلًا لخطاب السلام، إلى جانب الفراغ السياسي والمدني في الولايات البعيدة نسبيًا عن القتال.

وإزاء هزيمة لغة السلام في حرب السودان ولو لبعض الوقت، هل بالإمكان أن يتحمل سكان الخرطوم ممن نزحوا إلى الولايات انتظار عام أو عامين أو حتى سنوات طوال للعودة؟ وذلك إذا ما نظرنا إلى بعض الحروب في الإقليم والتي استمرت لأكثر من عشرة أعوام.

ما يزال المواطنون يغادرون العاصمة الخرطوم بسبب استمرار الاشتباكات (Getty)
ما تزال العديد من الأسر تغادر العاصمة الخرطوم بسبب استمرار الاشتباكات (Getty)

بينما واقعيًا من الصعب استعادة "الخرطوم القديمة" بشوارعها وحياتها وفقرها وضجيجها، لكن تبقى الآمال في نظر الذين غادروها بإمكانية استعادة العاصمة سريعًا، وذلك بإعمال سياسة الأمر الواقع التي درج عليها السودانيون في تسيير حياتهم الشاقة.

يقول أحد النازحين من حرب الخرطوم إنه لم يفارق العاصمة مطلقًا منذ ميلاده، ليجد نفسه في قرية نائية بإحدى ولايات السودان. ويضيف لـ"الترا سودان": "سأعود على الفور إذا توقفت الحرب، حتى لو افترشت الأرض في منزلي الذي نهب بالكامل".

بينما تمثل شبكات التواصل الاجتماعية خاصة "فيسبوك" الأكثر استخدامًا وسط السودانيين - تمثل العزاء الوحيد للتوجه إلى هناك لالتقاط الأخبار مع التبحر في ذات الوقت في مقطع فيديو يعرض شوارع الخرطوم قبل الحرب ثم يسود الصمت لتبدأ الذكريات.

أهم مشكلة تواجه سكان الخرطوم الذين تركوا ديارهم قسرًا بسبب الحرب، هي عدم وجود معالجة جدية للوضع الاقتصادي في مواقع نزوحهم

يمكن الملاحظة وبوضوح تغذية بعض الشبكات الاجتماعية، وجود فوارق اقتصادية بين الفارين وسكان الولايات التي نزحوا إليها في أنماط الحياة المختلفة، لكن واقعيًا فإن الجميع يعيشون في تجانس. ومع ذلك فإن هناك غضب مكتوم لدى الغالبية من النازحين بسبب ارتفاع إيجار المساكن إلى أضعاف ما كانت عليه في الخرطوم قبل القتال، ووصلت إلى أرقام فلكية تناهز ما يعادل ألف وحتى ألفي دولار أمريكي.

وربما أهم مشكلة تواجه سكان الخرطوم الذين تركوا ديارهم قسرًا بسبب الحرب، هي عدم وجود معالجة جدية للوضع الاقتصادي في مواقع نزوحهم، وغياب الحكومة تمامًا عن دورها المناط بها، واختفائها عن الأنظار حتى ليظن النازح أنه لاجئ في بلد آخر لا داخل وطنه.

https://t.me/ultrasudan

الكلمات المفتاحية

شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.


Sudanese Iftar in Egypt.png

في شهر رمضان.. إفطارات الشوارع من السودان إلى مصر

أول يوم في شهر الصيام، في الأول من آذار/مارس 2025، لم يمر مرور الكرام بالنسبة للسودانيين، بنقل موائد الإفطار إلى شارع فرعي في العاصمة المصرية، للعام الثاني على التوالي، وهي عادة تسمى "الضرا".

قاعة الصداقة.jpeg
أخبار

مصادر: الدعم السريع أحرقت قاعة الصداقة للتغطية على انسحاب منسوبيها

قالت مصادر إن قوات الدعم السريع أقدمت مساء اليوم الأربعاء 12 شباط/فبراير 2025 على تخريب وإحراق مبنى قاعة الصداقة في وسط مدينة الخرطوم، إثر معارك عنيفة دارت في المنطقة انسحبت على إثرها قوات الدعم بينما تقدم الجيش.

عبدالرحيم دقلو 4.jpg
أخبار

نجاة عبد الرحيم دقلو من غارة جوية في زالنجي

نجا قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، من محاولة اغتيال بعد استهداف طيران الجيش السوداني للمنازل التي يقيم فيها بولاية وسط دارفور، زالنجي، يوم الإثنين 11 شباط/ فبراير 2025.


علي قاقرين.jpg
منوعات

قاقرين.. قصة هتاف أوقف مسيرة الكرة السودانية وحل الأندية

تقول الحكاية إن مهاجم نادي الهلال العاصمي والفريق القومي السوداني، علي قاقرين كان السبب في إلغاء نظام الكرة السوداني في العام 1976 وإبداله بما عرف تاريخيًا بـ"الرياضة الجماهيرية"، وهي المرحلة المتهمة بإقعاد الكرة السودانية وإضعافها لسنوات طويلة.

سوق في ولاية النيل الأبيض.png
أخبار

قوات الدعم السريع تجتاح قرى شمال النيل الأبيض وتمارس انتهاكات واسعة

أفاد التحالف الديمقراطي للمحامين، بتعرض سكان وحدة نعيمة الإدارية وما جاورها شمال ولاية النيل الأبيض – حوالى 22 قرية – إلى اجتياح بواسطة قوات الدعم السريع المنسحبة من ولاية الجزيرة على متن المركبات العسكرية المدججة بالأسلحة الفتاكة.

advert